شبكة و منتديات مغربية
♕آلَسِلَآمً عٌلَيَکْمً وٌرحًمًةّ آلَلَهّ وٌبًرکْآتٌهّ♕
♕أهّلَآ وٌسِهّلَآً بًکْمً فُيَ موقع و منتديات أسود الأطلس♕
شبكة و منتديات مغربية
♕آلَسِلَآمً عٌلَيَکْمً وٌرحًمًةّ آلَلَهّ وٌبًرکْآتٌهّ♕
♕أهّلَآ وٌسِهّلَآً بًکْمً فُيَ موقع و منتديات أسود الأطلس♕
شبكة و منتديات مغربية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شبكة و منتديات مغربية

منتديات أسود الأطلس
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتمكتبة الصورأحدث الصورس .و .جبحـثالأعضاءالمجموعاتالتسجيلدخولhttps://starshocom1.yoo7.com/
معلومات عن المنتدى منتديات القنوات المغربية©
|

القنوات المغربية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

منتديات الصحراء الثقافية

صفحة منتديات ستار مسافر



قم بحفض و مشاطرة الرابط شبكة و منتديات مغربية على موقع حفض الصفحات
Twitter
المواضيع الأخيرة
» شركة تركيب كاميرات مراقبة بالطائف
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالخميس مايو 09, 2024 1:18 am من طرف Hicham 99

» تمديد الزيارة العائلية بعد انتهائها
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مايو 07, 2024 12:50 pm من طرف سعاد آل حصين

» بنوته عسل بنطلون جينز
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالجمعة أبريل 26, 2024 12:11 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

»  رقص اغراء بنطلون جينز نار للكبار فقط 18
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالجمعة أبريل 26, 2024 12:10 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» عاري ليلة خميس مولعه للكبار فقط
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالجمعة أبريل 26, 2024 12:08 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» عاري سهرة ليلة عيد للكبار فقط
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالجمعة أبريل 26, 2024 12:06 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» رقص نار للكبار فقط 18
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالجمعة أبريل 26, 2024 12:04 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» رقص اغراء عاري سهرة ليلة عيد للكبار فقط 18
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 5:58 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» رقص نار للكبار فقط 18+
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 5:55 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» رقص نار في الحمام
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 5:52 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» رقص هز مؤخره .. رقص نار بنوته وصحباتها للكبار فقط 18
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 5:49 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» رقص عاري ناري للكبار فقط 18+
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 5:47 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» رقص مولع استعراض لايف مدلع للكبار فقط +18
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 5:44 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» رقص اغراء بغرفة النوم للكبار فقط +18
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 5:42 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» رقص منزلي نار للكبار فقط
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 5:39 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» رقص رومنسي لمزه قمر عسل جسم نار للكبار فقط 18+ ????
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 5:35 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

»  رقص منزلي,رقص دلع,رقص منازل,رقص شرقي
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 5:28 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» Je Veux الرقص الساخن
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 12:41 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

»  Oh no! I made a huge mistake when my boss asked me to make coffee
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 12:37 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» Valentine's Day Lingerie/intimates Lookbook! | Glamazontay
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 12:33 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» Valentine's Day Lingerie Visual! short film | Glamazontay
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 12:31 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» Keisaj - Pole Dance
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 12:27 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» Hot girls sexy Pole Dance - Hot girls
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 12:25 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» hot lap dance
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 12:22 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» Hot Belly Dance
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 12:19 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» رقص ساخن جدا
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 12:17 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» رقص ساخن جدا
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 12:15 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» تركيب وصيانة مكيفات مركزية بعنك
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالجمعة أبريل 19, 2024 6:32 pm من طرف أمير الظلام

» شركة مقاولات بابها
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأربعاء أبريل 03, 2024 2:38 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» ما هو مكتب تعقيب الخدمات؟
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالجمعة مارس 29, 2024 8:12 pm من طرف أمير الظلام

» شركة تنسيق حدائق بعنيزة
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مارس 19, 2024 8:50 pm من طرف أمين سات

» كمبروسر تخشين الخرسانة
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مارس 19, 2024 8:49 pm من طرف أمين سات

» تخريم وتقطيع وقص خرسانة بالكور في الرياض
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مارس 19, 2024 8:48 pm من طرف أمين سات

» كمبروسر تخشين الخرسانة
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مارس 19, 2024 8:47 pm من طرف أمين سات

» كمبروسر تخشين الخرسانة
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مارس 19, 2024 8:46 pm من طرف أمين سات

» شركة تركيب مصاعد بالخرج
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مارس 19, 2024 8:45 pm من طرف أمين سات

» شركة مقاولات بحائل
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين مارس 04, 2024 5:05 pm من طرف سمير الليل

» تركيب مكيف سبليت بالرياض
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين مارس 04, 2024 5:04 pm من طرف سمير الليل

» نقل عفش داخل وخارج الرياض
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين مارس 04, 2024 5:04 pm من طرف سمير الليل

» معلم سيراميك بالرياض
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين مارس 04, 2024 5:03 pm من طرف سمير الليل

» تنظيف مكيفات بالرياض
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين مارس 04, 2024 5:02 pm من طرف سمير الليل

» تسليك مجاري بحفر الباطن
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين مارس 04, 2024 5:02 pm من طرف سمير الليل

» تنظيف موكيت بالخبر
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين مارس 04, 2024 5:01 pm من طرف سمير الليل

» شفط بيارات بالخبر
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين مارس 04, 2024 5:00 pm من طرف سمير الليل

» اسعار فتحات بالكور
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين مارس 04, 2024 5:00 pm من طرف سمير الليل

» نقل اثاث بالرياض 300 ريال
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين مارس 04, 2024 4:58 pm من طرف سمير الليل

» شركة تنظيف خزانات فى السعودية
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأربعاء يناير 31, 2024 4:28 pm من طرف أمين سات

» إطلاق قنوات تلفزية جديدة بالمغرب
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء ديسمبر 05, 2023 6:31 pm من طرف أمير الظلام

» سهرة الأحد مع فيلم #الفصول_الخمسة
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأحد ديسمبر 03, 2023 6:54 pm من طرف hit radio maroc

» بين ماض مشرق وحاضر مؤلم.. "بين القصور" مسلسل جديد لـ"مالك" ينبش في ذاكر أشهر "حومة" في الدار البيضاء
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأحد ديسمبر 03, 2023 6:53 pm من طرف hit radio maroc

» حصرياً .. تشاهدون سيتكوم ”التيساع فالخاطر“قريبا في رمضان على شاشة القناة الأولى
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأحد ديسمبر 03, 2023 6:53 pm من طرف hit radio maroc

» العرض الأولل لفيلم السينمائي "النزال الأخير" يوم الجمعة 01 دجنبر 2023 على قناة الأولى
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأحد ديسمبر 03, 2023 6:29 pm من طرف أمين سات

» خويي: التنافسية مهمة.. والدراما المغربية قوية
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأحد ديسمبر 03, 2023 6:28 pm من طرف أمين سات

» ل باقي مشافش حلقة جديدة من برنامج بوليميك مع كريم حضري
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأربعاء نوفمبر 29, 2023 8:35 pm من طرف سوق العرب

» عملاق الشاشة المغربية "محمد خيي" يستنكر اقتحام "مؤثرين" لمجال التمثيل ويطالب برد الاعتبار لـ"الرواد"
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأربعاء نوفمبر 29, 2023 8:33 pm من طرف سوق العرب

» لقطات من الإنتاج التلفزيوني الذي وفره التلفزيون المغربي لمهرجان مراكش العالمي للسينما،
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأربعاء نوفمبر 29, 2023 8:33 pm من طرف سوق العرب

» “المغاربة ما كيديرو والو من غير التلفزة”.. أزيد من 29 مليون مغربي شاهدوا القنوات الوطنية شهر دجنبر والمشاهدة اليومية بالنسبة للبيت الواحد فاقت 7 ساعات
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأربعاء نوفمبر 29, 2023 8:32 pm من طرف سوق العرب

» الأثير: التسعينيات أبهى الفترات .. و"الكوميديا" تبعدني عن شاشات السينما
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأربعاء نوفمبر 29, 2023 12:05 am من طرف أحمد سات

» مقدمي برنامج العالم الرياضي على القناة الأولى ايام زمان
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأربعاء نوفمبر 29, 2023 12:04 am من طرف أحمد سات

»  عودة برنامج حصيلة الأسبوع على قناة الرياضية المغربية، حركة نثمنها ونتمنى أن تتلوها عودة البرامج الأخرى أو برامج جديدة
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأربعاء نوفمبر 29, 2023 12:03 am من طرف أحمد سات

» التلفزيون المغربي يودع "الكاميرا الخفية" والمسلسلات التركية
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالسبت نوفمبر 25, 2023 1:20 am من طرف سفير الغموض

» المنتخب المغربي يواجه نظيره المالي في ربع نهائي مونديال تحت 17 سنة مباشرة على الأولى، بث أرضي
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالجمعة نوفمبر 24, 2023 3:05 am من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» عالم السحر والشعوذة في مسلسل #الشياطين_لاتتوب
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالجمعة نوفمبر 24, 2023 3:04 am من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» حقيقة "منع وزارة الثقافة" بث المسلسلات المدبلجة لتشجيع الإنتاجات المغربية
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالخميس نوفمبر 23, 2023 9:39 pm من طرف أمين سات

» أشاور: "بابا علي" يرتبط بطلبات العروض
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالخميس نوفمبر 23, 2023 9:39 pm من طرف أمين سات

» المسلسلات المدبلجة والكاميرا الخفية في خبر كان
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالخميس نوفمبر 23, 2023 9:38 pm من طرف أمين سات

» هل ينهي التخلي عن مقالب الكاميرا الخفية "نقاش الحموضة" في رمضان بالمغرب؟
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالخميس نوفمبر 23, 2023 9:37 pm من طرف أمين سات

» الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تسلط الضوء على مبادراتها للنهوض بالصناعة الوطنية لأفلام التحريك
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالخميس نوفمبر 23, 2023 9:37 pm من طرف أمين سات

» العرض التلفزي الأول للفيلم السينمائي #جبل_موسى
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأربعاء نوفمبر 22, 2023 3:41 pm من طرف سوق العرب

» مسلسل #ناس_الملاح على القناة الثانية 2M
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء نوفمبر 21, 2023 4:26 pm من طرف hit radio maroc

» سلوى زرهان: التكوين الاقتصادي يساعدني في الفن .. و"السيتكومات" مرفوضة
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين نوفمبر 20, 2023 6:21 pm من طرف سفير الغموض

» SNRT و"يونيسيف – المغرب" يخلدان اليوم العالمي للطفولة بأنشطة متنوعة في معرض كتاب الطفل والشباب
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين نوفمبر 20, 2023 6:21 pm من طرف سفير الغموض

» مباشرة على الأولى، بث أرضي المغرب إيران ثمن النهائي كأس العالم لأقل من 17 سنة - أندونيسيا 2023
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين نوفمبر 20, 2023 4:07 pm من طرف ♕العصبيّ إدريس♕

» تنزانيا - المنتخب الوطني المغرب تصفيات كأس العالم، الولايات المتحدة الأمريكية - كندا - المكسيك 2026
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين نوفمبر 20, 2023 4:02 pm من طرف Hicham 99

» سلوى زرهان وفاطمة الزهراء بناصر من كواليس تصوير مسلسل #بنت_الحديد
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين نوفمبر 20, 2023 4:01 pm من طرف Hicham 99

» تصوير الموسم الرابع من مسلسل بابا علي
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين نوفمبر 20, 2023 1:31 am من طرف hit radio maroc

» بنت الحديد" يدخل بناصر السباق الرمضاني
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين نوفمبر 20, 2023 1:28 am من طرف امير مغربي

» أحلام بنات" يتصدر المشاهدات رغم الخلافات
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأحد نوفمبر 19, 2023 8:14 pm من طرف spider man

» سيتم اعادة جميع مباريات كأس العالم على beIN Sports المفتوحة
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأحد نوفمبر 19, 2023 7:11 pm من طرف سوق العرب

» الجيل الأول من الإعلاميين لي دشنو قناة دوزيم سنة 1989.
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأحد نوفمبر 19, 2023 7:10 pm من طرف سوق العرب

» الـSNRT تستعرض أدوار قناة "الثقافية" في مواكبة إبداعات وإنتاجات الشباب
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأحد نوفمبر 19, 2023 7:06 pm من طرف أمين سات

» تم اليوم إطلاق تطبيق فرجة
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالسبت نوفمبر 18, 2023 5:12 pm من طرف سوق العرب

» انتقادات لاذعة تطال الموسم الثاني من "ستارلايت" على دوزيم
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالسبت نوفمبر 18, 2023 5:11 pm من طرف سوق العرب

» الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية SNRT الحصول على الحقوق الفضائية لمباريات المنتخب المغر
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالسبت نوفمبر 18, 2023 5:11 pm من طرف سوق العرب

» عبر «صوت العرب».. إذاعة مسلسل «عين الحياة» في رمضان
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين نوفمبر 13, 2023 6:16 pm من طرف Hicham 99

» "رمضان المصرى على القهوة مع عمرو الليثى على إذاعة الشرق الأوسط
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين نوفمبر 13, 2023 6:15 pm من طرف Hicham 99

» الشروع في بث برنامج إذاعي لتعلم اللغة الإنجليزية
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين نوفمبر 13, 2023 6:14 pm من طرف Hicham 99

» «مارينا إف إم» أطلقت دورتها الرمضانية «تيوز لك»
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين نوفمبر 13, 2023 6:14 pm من طرف Hicham 99

» إذاعة صعدة إف إم تستقبل شهر رمضان المبارك بباقة متنوعة من البرامج الشيقة والهادفة
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين نوفمبر 13, 2023 6:13 pm من طرف Hicham 99

» إذاعة القاهرة الكبرى تقدم "أكلة وموال" مع طارق ومنال في رمضان
||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين نوفمبر 13, 2023 6:13 pm من طرف Hicham 99

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني






المنشورات
صفحتنا على instegram
صفحتنا على instegram
تصاميم المنتدى
تصاميم المنتدى

اقترح التصميم تصميم بوني phpbb2...
اقترح التصميم ahlamontada phpbb2
اقترح التصميم Good Forum
اقترح التصميم ستايل رمادي phpbb2...
اقترح التصميم ستايل أزرق phpbb3...
اقترح التصميم ستايل وردي نسخة phpbb3...
اقترح التصميم ستايل وردي phpbb2...
اقترح التصميم ستايل ذهبي phpbb2...
اقترح التصميم ستايل أزرق phpbb2
مكتبة الصور
||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
الأحداث
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 الأعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 ||♦ قسم الكتب ♦||

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
♕العصبيّ إدريس♕

⚫
♕العصبيّ إدريس♕

وسام العطاء
وسام العطاء
شكر و تقدير
شكر و تقدير
وسام التميز
وسام التميز
https://i.servimg.com/u/f68/20/21/85/44/0315_d10.gif
https://i.servimg.com/u/f68/20/21/85/44/0315_d10.gif

المساهمات : 1116
نقاط التميز : 35125
السمعة : 0
تاريخ التسجيل : 24/05/2020
الموقع : https://starshocom.yoo7.com/forum

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالخميس يوليو 02, 2020 6:03 pm

||♦ قسم الكتب ♦|| %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%83%D9%85-%D9%88%D8%B1%D8%AD%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%88%D8%A8%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA%D9%87-3

كتب
ينشط هذا القسم في نشر قراءات الكتب من خلال تتبع الإصدارات الفكرية الجديدة من دور النشر ومراكز الدراسات والأبحاث.


عدل سابقا من قبل Admin في الأربعاء سبتمبر 23, 2020 11:50 pm عدل 4 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://starshocom.yoo7.com/
♕العصبيّ إدريس♕

⚫
♕العصبيّ إدريس♕

وسام العطاء
وسام العطاء
شكر و تقدير
شكر و تقدير
وسام التميز
وسام التميز
https://i.servimg.com/u/f68/20/21/85/44/0315_d10.gif
https://i.servimg.com/u/f68/20/21/85/44/0315_d10.gif

المساهمات : 1116
نقاط التميز : 35125
السمعة : 0
تاريخ التسجيل : 24/05/2020
الموقع : https://starshocom.yoo7.com/forum

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالخميس يوليو 02, 2020 6:09 pm

التفسير الاستشراقي للنص القرآني

||♦ قسم الكتب ♦|| النص-القرآني2-489x275

منذ نزول آياته الأولى، والقرآن الكريم يتعرض لطعن لم يتوقف، بدأ بصم الآذان عن سماعه، والاعتراض على شخص النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- كمتلقٍ للوحي، وإحداث الضوضاء والتشويش عند تلاوته، والسخرية من آياته، والإدعاء بأنه مقتبس عن اليهودية والنصرانية، لم تتغير أساليب مهاجمته بين مشركي مكة، والمستشرقين، فالرغبة في تشويهه لم تبارح الفريقين، ومع ذلك تحداهم القرآن أن يأتوا بسورة أو آية من مثله، وهو تحد استمر أربعة عشر قرنا.

يعد تفسير المستشرقين للقرآن ظاهرة جديدة وقليلة، فهو يعتمد مناهج البحث المتبعة في تفسير الكتاب المقدس، ويعتمد منهجية العلوم الإنسانية، فالمستشرقون لا يؤمنون بأن القرآن وحي سماوي، وإنما يتعاملون معه على أنه نص أدبي ولغوي، يمكن أن تطبق عليه جميع الأساليب المعرفية المتبعة في الثقافة الغربية.

ويمكن تقسيم التفاسير القرآنية الاستشراقية الحديثة إلى مدرستين أساسيتين:

-المستشرقون التقليديون: وقد تبنى هؤلاء وجهات نظر تفسيرية تتسم بنوع من الاحتياط، فاعتمدوا في تفاسيرهم على النظريات اللغوية والنحوية للعلماء المسلمين، واعتمدوا على تفاسير المسلمين، بدل اللجوء إلى القضايا الفرعية في التاريخ الإسلامي، واتبعوا أساليب لغوية أثمرت في بعض الحالات نفيا للطابع العربي للقرآن، وصاغوا استنتاجاتهم التفسيرية على أساس سياق يتسم بطابع مسيحي_ يهودي، بحيث تكررت إرجعاتهم إلى الكتاب المقدس.

–التيار الاستشراقي الإصلاحي: وقد تعامل هؤلاء مع النص القرآني على ضوء منهجية ورؤية تحليلية لغوية ليشككوا به من الناحية التاريخية، ولم يطرح هؤلاء قراءة لغوية تأريخية للقرآن، بل كانت قراءتهم لغوية بحتة واتسمت بالتخمين والتعصب، وملخص تلك القراءة أن القرآن لم يظهر في منطقة الحجاز إبان القرن السابع الميلادي، وإنما تبلور في العراق خلال القرن التاسع الميلادي، وعند تحليلهم لمدلولات النص القرآني استندوا في غالبية الأحيان إلى الكتاب المقدس والتعاليم اليهودية.

||♦ قسم الكتب ♦|| المسشرق-وليم-ربوتسون-1
المسشرق وليم ربوتسون

وفي هذا الإطار يأتي كتاب “النص القرآني: التفسير الاستشراقي للنص القرآني في النصف الثاني من القرن العشرين” للدكتورة “فاطمة سروي”، ترجمة “أسعد مندي الكعبي” والصادر عن المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، في طبعته الأولى عام 2020، في 538 صفحة، وهو الكتاب الأول ضمن سلسلة “القرآن في الدراسات الغربية”.

الكتاب ينقسم إلى  ثلاثة أبواب، هي: التفسير الاستشراقي للآيات التي تتحدث عن النبي عيسى والسيدة مريم، عليهما السلام، والتفسير الاستشراقي لمصطلحي (الكتاب) و(التفصيل) في النص القرآني، والتفسير الاستشراقي للآيات التي تتحدث عن رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم-وشخصيته.

المستشرقون وآيات المسيح

تأثرت تفاسير المستشرقين للآيات التي تناولت عيسى، عليه السلام، بتوجهاتهم العقدية والدينية بغض النظر عن النص القرآني، فوضعوا تخمينات وفرضيات تاريخية ليس لها علاقة بالنص القرآني، وتبنوا محاولات لخلق تشابه بين الآيات التي تتحدث عن الخالق، سبحانه وتعالى، وبين السيد المسيح، عليه السلام.

وكان “صلب” المسيح من أهم القضايا التي بحثها المستشرقون في النص القرآني، ولعل ذلك يعود إلى أن “الصلب” من الأصول الارتكازية الكبرى في العقيدة المسيحية، وكان نفي القرآن لمسألة “الصلب” ينقض العقيدة المسيحية من جذورها، وزعم بعض المستشرقين أن القرآن أقر بعملية الصلب، وزعموا أن الصلب في الرؤية القرآنية مقبس من المسيحية.

والمعروف أن عقيدة موت المسيح تعتبر أساسا في رواج بعض التعاليم والمعتقدات المسيحية الأساسية، مثل: بشارة الخلاص، والنجاة، وكفارة خطيئة الإنسان والفداء، ومن ثم فـ”الصلب” في المسيحية حدث تاريخي وأمر بديهي.

وكان المستشرق “ريتشارد بيل” Richard Bell من الذين اهتموا بالموضوع، خاصة قوله تعالى “وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا” (سورة النساء: الآية 157) ويرى “بيل” أن تلك الآية الكريمة أضيفت إلى النص القرآني في العهود التالية لنزول القرآن، ويبدو أن ذلك المستشرق خلط بين نزول القرآن وجمع القرآن فلم يميز الفارق بينهما وهو خطأ جسيم، وحاول “بيل” أن يدعم موقفه بآراء المستشرق “بارت” Barth  التي زعم فيها أن القرآن يعاني من خلل في نظمه وترتيبه .

||♦ قسم الكتب ♦|| المستشرق-يوري-روبين-1-600x330
المستشرق يوري روبين

أما المستشرقة الفرنسية “دنيز ماسون”[1] Denise Masson فادعت أن تفنيد القرآن الكريم لقضية صلب المسيح دليل على التناغم الفكري بين النبي محمد-صلى الله عليه وسلم- وبين الفرقة الغنوصية[2] التي تزعم أنه تأثر بمعتقداتهم، وهو قول رد عليه المستشرقون أنفسهم الذين نفوا أي وجود لأي فكر غنوصي في الجزيرة العربية، مثل المستشرق “أرشيبالد روبرتسون” Archibald Robertson الذي قال: “لا يوجد أي دليل قطعي على رواج المعتقدات الغنوصية في الجزيرة العربية إبان القرن السابع الميلادي” أي وقت نزول القرآن الكريم.

والحقيقة أن الوحي هو المُنشأ للحقائق الغيبية في الإسلام، وتأكيد القرآن على عدم صلب المسيح أو قتل هو انعكاس لحقيقة ثابتة.

وقد حاول بعض المستشرقين مثل: البلجيكي “هنري جريجوار” Henri Grégoire و “جيه. بومان”  J. Bouman  القول بأن حديث القرآن عن الصلب هو حل توفيقي بين الفرق المسيحية حول طبيعة المسيح، غير أن التاريخ يدحض تلك الافتراءات، لأن تاريخ الصلب ذاته لا يمكن اثباته حتى في المسيحية.

والحقيقة أن صورة المسيح نفسه في الرؤية المسيحية تحيط بها جوانب من الأساطير، وهو ما أكده المستشرق “وليم روبرتسون” William Robertson بالقول أن:”عيسى في التعاليم المسيحية عبارة عن تركيب من الأسطورة والتاريخ”، فحتى السنة التي ولد فيها المسيح غير محددة، وما ذكرته التقاويم المسيحية هو افتراض، كما أنه من المستحيل إثبات وجوده ووجود بقية الأنبياء، كما أن هويات كاتبي الأناجيل غامضة، فنسبة كل إنجيل إلى صاحبة قائمة على الظن والتخمين، فأقدم نسخة في الانجيل تعود إلى القرن الثالث الميلادي، والنسخة الأصلية تم تدوينها خلال الأعوام من 60م حتى العام 120م، ويذكر المستشرق الألماني ” ايكهارت شولتز” أن المسيحيين إبان القرن الثاني الميلادي غيروا ثلاثة أو أربعة أناجيل، وفي تلك السنوات بلغ عددها مائة إنجيل، لكن الكنيسة لم تقبل منها سوى أربع فقط.

ويعتقد المستشرق اللبناني “يوسف الحداد” أن النبي محمد-صلى الله عليه وسلم- أجرى تغيرات على مسألة صلب المسيح، ووصف العقيد القائلة بعدم صلب المسيح بأنها خرافة، وتعنت المستشرقون في الآية (157) من سورة “النساء”، ومحاولة ثني عنقها لتتطابق مع العقيدة المسيحية، رغم أن الاختلافات بين النصاري حول “قتل المسيح وصلبه” كانت موجودة في العهد الأول، حيث أنكر بعض المسيحيين مقتله، ومن ثم فتواتر مقتله وصلبه لم يكن موجودا، ومن ثم لا يمكن اعتباره خبرا.

وقد حاول المستشرق الشهير “مونتجمري وات” Montgomery Watt التقريب بين الرؤيتين المسيحية والإسلامية بشأن صلب المسيح، فأيد الموقف القرآني في عدم صلب المسيح، لكنه أكد  أن القرآن كان يقصد أن اليهود لم يقتلوا عيسى، ولكن الجنود الرومان هم من قتلوه، ولا شك أن تلك محاولات استشراقية للتحايل على النص القرآني الواضح والحاسم في مسألة الصلب.

||♦ قسم الكتب ♦|| المستشرقة-دنيز-ماسون-1
المستشرقة دنيز ماسون

ويشير الكتاب أنه كلما ابتعدنا عن أوائل النصف الثاني من القرن العشرين يلاحظ تزايد الادعاءات الاستشراقية الرافضة للنص القرآني القائل بعدم صلب المسيح، ومحاولة تفنيد الرواية الاسلامية في هذا الشأن، وسعى المستشرقون إلى التقليل من مدلولات الآيات التي تتحدث عن الصلب، واعتبروها مجرد ظنون وتخمينات، وأن المسلمين صاغوها من عند أنفسهم في عصور متأخرة، وهي ادعاءات يرفضها مفكرون غربيون كبار مثل المؤرخ “ول ديورنت” William Durant في كتابه “قصة الحضارة” The Story of Civilization من أن الإسلام انتشر في تلك الفترة في قارات العالم القديم، ولم يكن بحاجة إلى صياغة سيناريوهات تصوره وكأنه شخصية مستقلة عن سائر الأديان.

وفيما يتعلق بحديث المستشرقين عن الآيات القرآنية التي تتحدث عن السيدة مريم عليها السلام، رأوا أن هناك مضامين مشتركة بين القرآن والنصوص المسيحية لدرجة تصل في بعض الأحيان إلى الانسجام، وعلى هذا بادروا بتحميل النص القرآني بمفاهيم إنجيلية، ويلاحظ هنا أن تعاليم المسيحية كانت هي المعيار المعتمد في الدراسات الاستشراقية الخاصة بالقرآن الكريم، وعندما يتعارض النص القرآني مع معتقداتهم، وما جاء في كتبهم المقدسة كانوا يقومون بالتشكيك في القرآن.

ورأى غالبية المستشرقين أن هوية السيدة “مريم” من جملة القضايا الغامضة في القرآن، خاصة النص القرآني الذي يشير أنها أخت هارون، وادعو أن القرآن يتحدث عن شخصيتن لمريم الأولى “مريم أخت موسى وهارون” والثانية مريم أم المسيح، وبين الشخصيتين حوالي ستة قرون، وهو ادعاء يتسم بالضحالة الشديدة.

الاستشراق والنبي محمد

كانت مسألة ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:” مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا” (سورة الأحزاب: الآية 40) من الموضوعات التي ناقشها المستشرقون في النص القرآني، ومن الدراسات المهمة في هذا الشأن دراسة المستشرق الإسرائيلي “أوري روبين”[3] Uri Rubin، ورأى غالبية هؤلاء أن ختم النبوة تعني تصديق الرسالات السابقة وليس خاتمية النبوة، فالمستشرقون يعتقدون أن المسيح هو كلمة الله النهائية للبشرية وليس محمد، صلى الله عليه وسلم، ورأى بعضهم أن كلمة “خاتم النبيين” تعني الخاتم الذي تُنهى به الرسائل المكتوبة، وذهب آخرون أن كلمة “خاتم” تعني أفضل الأنبياء وليس نهاية النبوات.

الغريب أن المستشرق البريطاني “ديفيد باورز” David Bowers زعم أن مسألة ختم النبوة جاءت في فترة متأخرة نسبيا، وأن تلك الآية تم إضافتها إلى القرآن الكريم في عصور متأخرة بعد وفاة النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فلم تكن تلك الآية من القرآن، ولم تنزل علي قلب النبي، وبذلك تم تحريف القرآن.

وقد سعى هؤلاء المستشرقون أن يفهموا تلك الآية بعيدا عن نص القرآن وأساليب اللغة العربية، ووضوح الآية البياني والدلالي، ومن ثم كانت الأوهام والتصورات الواهية وغياب العلمية حاضرة في تفسير تلك الآية الكريمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://starshocom.yoo7.com/
♕العصبيّ إدريس♕

⚫
♕العصبيّ إدريس♕

وسام العطاء
وسام العطاء
شكر و تقدير
شكر و تقدير
وسام التميز
وسام التميز
https://i.servimg.com/u/f68/20/21/85/44/0315_d10.gif
https://i.servimg.com/u/f68/20/21/85/44/0315_d10.gif

المساهمات : 1116
نقاط التميز : 35125
السمعة : 0
تاريخ التسجيل : 24/05/2020
الموقع : https://starshocom.yoo7.com/forum

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالخميس يوليو 02, 2020 6:11 pm

كتاب حول “الإدارة النبوية للحملات الإعلامية”

||♦ قسم الكتب ♦|| 678-489x275

أصدت دار “أكيول” للنشر كتابًا جديدًا بعنوان الإدارة النبوية للحملات الإعلامية، والذي يجمع بين التاريخ والإعلام والأدب والنقد واللغة وعلم النفس والسياسة والاجتماع والموسيقى وفنون الرصد والتوثيق والتخطيط.

ووفق كاتب الكتاب أسامة الأشقر فإنه يعتبر الثاني ضمن سلسلة من المدونات التحقيقية في ملفات السيرة النبوية، والذي يختص بتقديم مادة إعلامية تخصصية هي الأولى من نوعها في مضمونها وفي عرضها وفي نتائجها وفي عمقها.

والكتاب يحتوي على 600 صفحة يوثق تجربة نبوية حافلة ويكشف جوانب الإدارة النبوية للحملات الإعلامية في الرؤية والتخطيط والتنظيم والإدارة الميدانية والتشريعات الإعلامية وحماية الإعلاميين وتأثيرات الحملات، ثم جوانب إدارة الحملة الإعلامية لدى قريش وحلفائها من اليهود والمنافقين في الطرف المقابل، وقد التزم الكتاب بالتمثيل التطبيقي لجوانب هذه الحملة وإظهار مستوياتها، وعرض نصوصها الباقية.

ووفق الكاتب فسوف يكشف عن البحث عن فقر الدراسات المعاصرة المتخصصة بالإعلام الإسلامي حتى في مجال النظرية والتصور، والبون الشاسع بين النظرية وتطبيقاتها؛ بل فشل التنظير لحقيقة الإعلام الإسلامي الذي تعاملوا معه بطريقة استخراج الأحكام المباشرة من النصوص التي لا يعلم سياقها أو خلفياتها أو ظروفها مع ابتعاد شبه كامل عن تطبيقاتها المباشرة.

ويقدم الكتاب توصيات عملية تتيح الاستفادة من تجربة الحملات الإعلامية في العصر النبوي في إدارة الملف الإعلامي المعاصر وإدخاله ضمن أولويات العمل المنظم .

ويقول معده الأشقر “إنه قد ظهر لي أن هذه التجربة الإعلامية غنية جداً وواسعة، لذلك اقتصرت في دراستي التطبيقية على الحملات الشعرية، وتناولت شعر حسان بن ثابت في آخر الفصول نموذجاً تطبيقياً لم يتناوله أحد كما تناولته من منظور إعلاميّ متخصص”.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://starshocom.yoo7.com/
♕العصبيّ إدريس♕

⚫
♕العصبيّ إدريس♕

وسام العطاء
وسام العطاء
شكر و تقدير
شكر و تقدير
وسام التميز
وسام التميز
https://i.servimg.com/u/f68/20/21/85/44/0315_d10.gif
https://i.servimg.com/u/f68/20/21/85/44/0315_d10.gif

المساهمات : 1116
نقاط التميز : 35125
السمعة : 0
تاريخ التسجيل : 24/05/2020
الموقع : https://starshocom.yoo7.com/forum

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالخميس يوليو 02, 2020 6:15 pm

الأعراق البشرية..العنصرية ليست ماضيا


||♦ قسم الكتب ♦|| الأعراق-البشرية-489x275

طرح مقتل المواطن الأسود “جورج فلويد”، قضية العنصرية في المجتمع الأمريكي[1]، إذ كشف الحادث عن تغلغل العنصرية في الذهنية الأمريكي، فلم تفلح التطورات العلمية والتكنولوجية في اقتلاع تلك الجذور الغائرة من التفكير والمؤسسات والممارسات، فالحشائش الضارة تنمو من جديد إذا لم تُجتث جذورها البعيدة.

ويأتي كتاب “الأعراق البشرية: هل نحن حقًّا على هذا القدر من الاختلاف؟” تأليف “آلان إتش جودمان”[2]، وآخرون، وترجمة: شيماء طه الريدي، وآخرون، والصادر عن مؤسسة “هنداوي” عام 2019 في (564) صفحة، ليستعرض الجذور الغائرة في فكرة العنصرية، والتي تستند إلى مفهوم “العرق”، فيتناول ذلك المفهوم الذي سالت حوله دماء ملايين البشر على مدار التاريخ، بحثا عن نقاءه، وظهرت فيه نظريات تربط التفوق بعرق معين، وتفرض على بقية الأعراق الخضوع والانقياد.

فالكتاب يناقش “العرق” اجتماعيا وبيولوجيا، مؤكدا أنه مفهوم ثقافي صنعته المجتمعات لتحقيق مصالحها وسطوتها، ثم يمضي الكتاب مع المفهوم في تجلياته التاريخية، وكيف أنه مازال قادرا على هدر الأرواح وإزهاقها، ويكشف عن قدرته على التسلل إلى القوانين والمؤسسات لبناء تقاليد تمنح عرقا معينا حقوقا وتلزم الآخرين بواجبات وقيود أو تحرمهم من مكتسبات.

الكتاب يتكون من ثلاثة أجزاء، هي: تاريخ العرق والاختلاف والعنصرية، ولماذا لا يُعدُّ التباين البشري عرقًا؟، والتعايش مع العرق والعنصرية، والكتاب هو نتاجُ عشر سنواتٍ من العمل المتواصل الكثير، رعته “الجمعية الأمريكية للأنثروبولوجيا”، مطبقة الأفكار والنقاشات على الواقع الأمريكي، الذي نبت فيه مفهوم “العرق” وأنتج عنصرية امتدت أكثر من ثلاثة قرون.

العرق..اختراع بشري

يؤكد الكتاب أن هناك اختلافات بيولوجية بين البشر، إلا أن البشر جميعا يرجعون لأصل واحد، وأن تلك الاختلاف تمنح الحياة سرها وقوتها واستمرارها، أما خطورة الاختلاف فتكمن في تحويله إلى أداة للقهر والاستغلال والاستعلاء، ومن ثم فـ”العرق” مفهوم ثقافي، وفكرة مخترعة، ولا يوجد له أي أساس “جيني” يستند عليه في الزعم بأن البشر غير متساوين، أو أن اختلافاتهم ترجع إلى أسس بيولوجية، لذا يصبح “العرق” أداة ضارة لاستبقاء أوضاع عنصرية معينة تحول دون بناء مجتمع تسود فيه المساواة.

يرجع مفهوم “العرق” وتجلياته إلى عدة قرون، ويمكن تحديدها بالعام 1691م عندما أصدرت “فرجينيا”، التي تعد أول مستعمرة إنجليزية في أمريكا الشمالية، قانونًا يحظر زواج البيض من السود[3]، ثم تلتها ولاية “ماريلاند”، وسميت القوانين بـ” قوانين مكافحة تمازج الأجناس“[4]، فمع جلب الأفارقة للعمل في “فرجينيا” أصبح للاختلافات الجسدية أهميتها في تحديد المكانة في المجتمع، وأصبح ينظر إلى السود وإلى الهنود الحمر على أنهم أقل من البشر، ولا يستحقون الحريات نفسها التي يحظى بها البِيض، وهي ذهنية استمرت في أمريكا، وأنتجت قوانين عنصرية مثل: صدور قانون عام 1882 يحظر دخول الصينيين إلى الولايات المتحدة، ويمنع حصولهم على الجنسية الأمريكية وظل القانون ساريا حتى العام 1943، وصدور قانون عام  1909 يحظر زواج اليابانيين من البيض.

يؤكد المؤرخ “فرانك سنودن” Frank M. Snowden في كتابه “قبل التعصُّب اللَّوني” Before Color Prejudice ، التي أعدَّها عن “الصورة الذهنية للسُّود” في الفن والأدب المصري، والإغريقي، والروماني القديم، أن تلك المجتمعات لم تعرف الوعي اللوني الحاد، ولم تنظر إلى البشرة السوداء كأساس للعبودية.

ويلاحظ أنه عند نزول المهاجرين الأوروبيين الأوائل على الشواطيء الأمريكية، لم يكن الوعي اللوني موجودا، ولكن كان المنظور الديني هو المحدد للاختلافات، لكن تغير الأمر بعد ذلك لاعتبارات اقتصادية لتبرير العبودية، وتبرير استحواذ المهاجرين الأوروبيين على أراضي الهنود الحمر، لذا تم اختراع مفهوم “العرق”، فعلت قيمة العرق وطغت على مكونات الهوية الأخرى وهو ما أشارت إليه “أودري سميدلي” Audrey Smedley في كتابها ” العرق في أمريكا الشمالية ” Race in North America، فقد اعتبر الأوروبيون القبائلَ الأصلية “أممًا” لا “أعراقًا”، ولم يصف المُستعمِرون الإنجليز الأوائلُ السودَ بكلماتٍ ذات صبغةٍ عِرقية عندما وضعوا نظام عملٍ قائمًا على العبودية المرتبطة بعقودٍ طويلة الأجل، وهو نظامٌ شملَ كلًّا من الأوروبيين والأفارقة.

ويلاحظ أن وضع الأفارقة بدأ يتغيَّر على نحوٍ بالغ بحلول منتصف القرن السابع عشر؛ بعدما أحالَ زعماءُ المستعمراتِ الأفارقةَ إلى مرتبةٍ أدنى تمثَّلت في العبودية الدائمة، عندما شرعَ المستعمرون الإنجليز في وضع هَرَمية عِرقية من خلال اعتمادهم المُتزايد على العبودية وطموحاتهم في الاستيلاء على الأراضي الأمريكية من سكانها الأصليين، فلم تبدأ العبودية وانتزاع ملكية الأراضي من الأمريكيِّين الأصليين مشروعاتٍ عِرقيةً أو قائمة على العرق، لكنها أصبحت كذلك.

وينص الكتاب أن العبودية وصمة أخلاقية فهي “ الخطيئة الأصلية” للأمة الأمريكية، بعدما ظهر العرق كمفهوم يجرد العبيد من الصفة الإنسانية، ويضع السود في مرتبة “دونية” من البشر، حتى إن الرئيس الثالث لأمريكا ” توماس جفرسون” في كتابه “ملاحظاتٌ حول ولاية فرجينيا” Notes on the State of Virginia الصادر 1785 رأى أن السُّودَ يمتلكون “هباتٍ جسديةً وعقلية أقل شأنًا” بالمقارنة بالبِيض، وأنكر قدرة السود على إنتاج الفن أو الأدب، لذا تحول “العرق” كأيديولوجية شعبية تؤكد الاختلافات البيولوجية بين البشر، وتبرر العبودية والاستغلال، ساعية إلى الاستناد لأسس علمية تقوى موقفها.

وقد نتج عن ذلك إخضاع الأفارقة للعمل القسري الدائم، وأخذت عناصر الخدم الأوروبية تغيب، وأصبحت العبودية تقوم على العرق، فوُضِعَت الكثيرُ من القوانين التي تُقيِّد حقوق الأفارقة وذُريَّتهم وتفرض عليهم العبودية الدائمة، وتمنع سادتهم من إعتاقهم. وبحلول عام ١٧٢٥، مُنِعَ الزنوج، حتى الأحرار منهم، من التصويت، وصارت الملامح الجسدية علاماتٍ دالةً على المكانة الاجتماعية العِرقية، وجُرد السود من الصفات الإنسانية، ونُظر إليهم أنهم أقرب للقرود، ورغم نص الدستور الأمريكي على إلغاء العبودية عام 1865م إلا أن العرق أصبح أيديولوجيا تفرض عدم المساواة .

توسيع العرق الأبيض

يمنح الكتاب قارئه تأريخا جيدا لتوسع مفهوم “العرق الأبيض”، الذي جاء انعكاسا لمصالح اقتصادية وسياسية في المجتمع الأمريكي، فقد ظهر أولُ استخدامٍ قانوني لكلمة “أبيض” في مُستعمَرة فرجينيا عام ١٦٩١، يمنع زواج البيض من غيرهم، ويضع حدودا لونية في المجتمع بين البشر، ثم تغيَّرت تعريفاتُ العرق الأبيض وحدوده على مدار التاريخ الأمريكي تبعا لحاجات المجتمع ومصالحه ومخاوفه، وكما يذكر “دو بويز” Du Bois في كتابه ” إعادة الإعمار الأسود” Black Reconstruction in America  أن ذلك كان حلا عرقيا لمواجهة التهديد الاقتصادي والمادي الذي تَفرضه وحدة الطبقة العاملة، حيث فرقت النخبة البيضاء بين العمال السود والبيض، فأصبح اللون الأبيض مصدر قوة وهوية.

أما المؤرخة “نيل  بينتر” Nell Painter في كتابها “تاريخ الشعب الأبيض” The History of White People ، فتشير أنه خلال القرن التاسع عشر تم توسيع نطاق الاقتراع للذكور البيض، فتم توسيع مفهوم العرق الأبيض كنوع من الاستجابة للتحولات الديموغرافية والضغوط الثقافية الواسعة، ثم جاء التوسع الثاني خلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين عندما حاز الأيرلنديون والألمان على الاعتراف بأنهم أمريكيون وحصولهم على الامتيازات القانونية والاقتصادية والسياسية، وجاء ذلك التوسع لتقوية مفهوم العرق الأبيض في مواجهة الهجرات القادمة إلى أمريكا من جنوب أوروبا وشرقها، من البولنديين والروس والايطاليين، وفي تلك الفترة ثارت مناقشات حول كتاب “ماديسون جرانت” Madison Grant  “اندثار العرق العظيم” Passing at the Great Race عام ١٩١٦، الذي وصف البيض بـ”العنصر السيد”، ودعوته إلى “تحسين النسل”، ودفاعه عن تعقيم “غير المرغوب فيهم” والحد من الهجرة إلى أمريكا، ومن الغريب أن الزعيم الألماني “هتلر” كان ممن اعتنقوا أفكار هذا الكتاب، وأرسل إلى “جرانت” يشكره على تأليفه ويصفه بـ”الكتاب المقدس”

وفي مُنتصف القرن العشرين، نُظِر إلى جميع المُهاجرين القادمين من جنوب وشرق أوروبا، وأبناؤهم، كشعوب بيضاء، ليكون ذلك ثالثَ “توسُّع” لنطاق العرق الأبيض، خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات، واستفادت هذه الجماعات من سياسات الإسكان الفيدرالي التمييزية التي ساعدت في تكوين ضواحٍ للبِيض من سكان الطبقة المتوسطة، وصار لفظ “البِيض” مرادفًا لجميع الأجناس الأوروبية، ومع هذا يرى عالم الاجتماع الأمريكي ستيفن كلاينبيرج Stephen Klineberg أن قانون الهجرة الأمريكي لعام 1965 ينص بوضوح على أن المهاجرين من أوروبا الشمالية لهم الأفضلية على باقي العرق الأبيض.


عدل سابقا من قبل Admin في الخميس يوليو 02, 2020 6:20 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://starshocom.yoo7.com/
♕العصبيّ إدريس♕

⚫
♕العصبيّ إدريس♕

وسام العطاء
وسام العطاء
شكر و تقدير
شكر و تقدير
وسام التميز
وسام التميز
https://i.servimg.com/u/f68/20/21/85/44/0315_d10.gif
https://i.servimg.com/u/f68/20/21/85/44/0315_d10.gif

المساهمات : 1116
نقاط التميز : 35125
السمعة : 0
تاريخ التسجيل : 24/05/2020
الموقع : https://starshocom.yoo7.com/forum

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالخميس يوليو 02, 2020 6:16 pm

في نقد الخطاب الاستشراقي : سيرة محمد ونشأة الاسلام في الاستشراق الفرنسي المعاصر

||♦ قسم الكتب ♦|| في-نقد-الخطاب-الاستشراقي-المعاصر-489x275

يقع متن الكتاب الصادر عام 2019 لمؤلفه حسن بزاينية في 158 صفحة توزعت على مدخل (30 صفحة) وثلاثة فصول، ويبرر الكاتب – في مدخله- اختياره للاستشراق الفرنسي لأسباب أبرزها أنها أقل “فنتازيا – من الاستشراق الأنجلوسكسوني- إلى جانب اللغة الفرنسية السائدة في المغرب العربي  ووصف المستشرقين الأربعة الذين اختارهم (رودنسون وشابي وبريمار وديكوبير) بأنهم “أكاديميون” أكثر موضوعية من غيرهم، وهدف الكتاب تحديد مكانة الاستشراق الفرنسي في سياق الاستشراق بشكل عام. ثم أطلَ على بعض الدراسات العربية للاستشراق ونقد “التجزيئية” فيها.

في الفصل الأول (المستعرب والنبي) ويخصصه لكتابات رودنسون الخاصة بالسيرة النبوية عبر المنهج التاريخي مع إقرار رودنسون بصعوبة توظيف القرآن- وهو ما اعتمده- في هذا المجال بخاصة أن المصادر العربية ” طغى عليها النزعة التمجيدية”. ورغم اعتبار المستشرقين أن القرآن “نص مضطرب ومكرر وفيه أخطاء أسلوبية “إلا أن رودنسون اعتمد على الحدث الكلي أو الاتجاه العام متجنبا التفاصيل، كما أن رودنسون وظف علم الآثار في دراسته، كما أشار الكاتب إلى أن رودنسون يتميز عن غيره في أنه رفض اختصار أبعاد شخصية الرسول في البعد السياسي، ورأى في رؤى الرسول تعبيرا عن مخزون “لاوعيه”.

ويرى رودنسون أن نشوء الإسلام جاء كنتيجة لأزمة اجتماعية من ناحية وردا على النظرة المتعالية للمسيحيين واليهود تجاه العرب (رغم أن هؤلاء اليهود والنصارى هم عرب كما يعلق المؤلف على رودنسون)، ويميل – حسب الكتاب- رودنسون لتفسير الحروب الإسلامية بأنها بحثا عن الموارد (التفسير الماركسي الذي يتبناه رودنسون) بينما يرد الكاتب أن الحروب هي “لتوحيد القبيلة العربية”، ويسجل الكاتب ميزة لرودنسون أنه كتب السيرة في سياق إقليمي (الصراع الفارسي الروماني) وهو بُعد أهملته الكتابات الاستشراقية المعاصرة، وأثنى الكاتب على رودنسون اعتماده إلى جانب المنهج النقدي التاريخي والسرد التاريخي وعلم الآثار على “الفيلولوجيا” ( المقارنة اللغوية) بخاصة ضمن عائلة اللغات السامية وصلة النص القرآني وأوصاف الجنة باليهودية والمسيحية.

ويناقش الكاتب ما أورده رودنسون حول بعض الموضوعات: أمية الرسول، قصة الغرانيق، وقتل بعض الأفراد بأمر من الرسول وتقديم صور بشعة لعمليات القتل هذه، ويفسرها الكاتب بأنها نتيجة لصورة ذهنية مستقرة في لاوعي رودنسون من فترة المحرقة النازية. كما ينتقد الكاتب رودنسون في موقفه من الحرب وفي مناقشته النزعة الجنسية العالية للرسول، وكيف خلط رودنسون في فهمه لنصوص القرآن بين “القَدَر وبين القَدْر).

في الفصل الثاني يناقش الكتاب مساهمات المستشرقة جاكلين شابي بخاصة كتابها “رب القبائل”، ويصف الكتاب المستفيد من المناهج الجديدة (تحليل الخطاب، والاثنولوجي، والدراسات السردية) بأن فيه إطناب، وينتقد تشبث “شابي” بفكرة تدور حول دور قبيلة الرسول وامتناع القدرة لديه على تصور عالم غير عالمه واعتمادها في ذلك على مراجع مستشرقين عنصريين مثل “لامنس” بخاصة رأيه المتعصب للغاية في موضوع السيرة النبوية، وناقشها الكاتب في تفسيرها لعدد من الموضوعات مثل فكرة “رب العالمين “، واعتقادها بوثنية الرب القرآني قبل تماهيه مع إله ابراهيم، ودلالات الحجر الأسود، وفكرة أن الانتقال من عالم القبيلة إلى عالم الامبراطورية “قطع صلة القرآن بوسطه الوثني”، ووثنية الحج.

وفي الفصل الثالث (جهود فرنسية أخرى في بحث نشأة الإسلام وسيرة النبي)، يتهم الكاتب الاستشراق الفرنسي بأنه مقلد للأنجلوسكسوني ويدلل على ذلك بدراسات بريمار (كتاب الهاجرية) ثم باتريشيا كرون ومايكل كوك (كتابهما: تشكل العالم الإسلامي) والمستشرق ديكوبير(موضوع نشوء الإسلام وإرساء المؤسسات من خلال ثلاثية رمزية: البغلة (رحلة الهجرة والتهجير) والسلاح (رمز الغزو لنشر الدعوة) والضيعة (رمز للمؤسسات كالوقف..الخ).ويتهم الكاتب ديكوبير بأنه مقلد، كما ورغم إنه لا يتقن العربية فإنه – ديكوبير- يتهم المصادر العربية بأنها”تمجيدية”.

ويلخص الكاتب ملامح الإستشراق الفرنسي واعتباره الإسلام غير متناسب مع العلم والديمقراطية والعلمانية (كما رآه أرنست رينان وكرره ديكوبير) وهم ممن برروا الإستعمار الفرنسي للدول العربية بخاصة رموز معهد الدراسات الإسلامية في السوربون، ويشير إلى دور قسم اللغات والحضارات الشرقية في المركز القومي للبحث العلمي الفرنسي (1960)، لكن الكاتب يرى أن مساهمات الكتاب العرب في مجلة “أرابيكا ” تركت أثرا في تحول النظرة الفرنسية نحو العالم العربي خلال 1970-1980.

اذا اعتبرنا دراسات الاستشراق فرعا معرفيا مستقلا، فهذا الكتاب ينتمي لهذا الحقل من بُعده النقدي، فالكتاب دراسة نقدية لما أنتجه أربعة من المستشرقين الفرنسيين( مكسيم رودنسون- جاكلين شابي- وكريستيان ديكوبير- والفريد لويس دي بريمار) حول موضوعين هما السيرة النبوية ونشأة الإسلام.

ويتبنى الكاتب مجموعة من الآراء في تقييمه لجهود المستشرقين الأربعة مستعينا بمراجع عربية وأجنبية، وتتمثل أهم هذه الآراء التي بثها في ثنايا كتابه في خمسة جوانب:

ان بعض مواقف المستشرقين من الإسلام هي انعكاس لحالة نفسية عايشها المستشرق (وتبرز هذه بشكل واضح حسب كاتبنا عند رودنسون كانعكاس ليهوديته وخبرته مع النازية).عمق النظرة العنصرية والاستعلائية لدى المستشرق تجاه العقل الإسلامي والعربي(جاكلين شابي على وجه الخصوص).جهل بعضهم باللغة العربية أو عدم التمكن من نصوصها ومفرداتها (ديكوبير بشكل خاص).اعتماد مفرط لبعضهم على المصادر غير العربية ( بريمار).تأثير بعضهم على بعض من ناحية (بين المستشرقين الفرنسيين أنفسهم) وتأثر بعضهم من ناحية أخرى بالإستشراق الأنجلوسكسوني.

ويتهم الكتاب مجمل هذا الاستشراق الفرنسي بأنه : تكرار لصورة سلبية عن العقل العربي، وتأويل مغرض لبعض النصوص والوقائع (كموضوع الغرانيق، وموقف الرسول من المرآة وزواجه المتكرر)، واتهام القرآن بالتكرار، وتدخل النصوص المسيحية واليهودية في النص القرآني، ومحاولة تكريس وثنية الإسلام (الحجر الأسود والحج والعمرة ..الخ).

ويناقش الكاتب كل هذه التصورات الاستشراقية، ويحاول تفنيدها من خلال النقاط الخمس التي أشرت لها في هذا البند (النفسية والعنصرية والجهل باللغة..الخ)، وفي تقديري أن كل ما ورد في الدراسة موجود في انتاج علمي سابق للباحث نفسه أو غيره ويكفي الاطلاع على الدراسات التالية:

كتابات المؤلف نفسه: أ- قضايا ترجمة القرآن: ترجمة بلاشير لسورة النجم (عام 2012) ب- نقد مقدمات الأب لامنس النقدية لكتابة السيرة النبوية (2017).عبدالحكيم فرحان: نبوة محمد في الاستشراق الفرنسي(د.ت).حسن قبيسي رودنسون ونبي الاسلام (1981).فيصل جلول: سنوات مكسيم رودنسون في لبنان وسوريا(2012).محمد أركون- الاستشراق بين دعاته ومعارضيه(2016)

أما النقد العام للاستشراق فقد أشبعه كل من إدوارد سعيد وأنور عبد الملك وهشام جعيط..الخ بحثا، فقد أوردوا أغلب أفكار هذه الدراسة من نقد للتوجه العام للاستشراق والإسلام المتخيل.

يمكن وصف هذه الدراسة بأنها “عرض وتحليل ونقد لأربعة كتب” لمستشرقين فرنسيين” لا أكثر. وقد رتب المؤلف أفكاره فعرض كل منهم على حدة، ثم ناقش أفكاره ونقده من خلال أدبيات موضوع الاستشراق، وحاول بقدر ما تحديد الخصائص العامة للاستشراق الفرنسي، وقد وصلت أفكار الكاتب للقارئ بيسر رغم بعض التكرار كما ظهر في العودة لمناقشة كتاب جاكلين شابي(رب القبائل) وعرض بعض الفقرات حرفيا رغم إنه خصص لها الفصل الثاني بكامله (قارن محتويات الفصل الثاني المخصص لجاكلين شابي مع الفصل الثالث الذي عاد الباحث فيه عشر مرات لجاكلين شابي بخاصة من صفحة 133-157).

ويبدو لي أن سطوة المقدس في الذهن العربي جعلت الكاتب يميل لممالأة الجمهور العربي ونخبته في انتقائية الموضوعات التي ينتقدها في أدبيات الاستشراق، بينما ترك موضوعات أخرى طرحها المستشرقون ، لأن سطوة المقدس- على ما أعتقد- حالت دون ولوج الكاتب ساحات مناقشة هذه الافكار الحساسة التي وردت في كتابات المستشرقين (مثل قضية الأفراد الذين تم قتلهم بأوامر من الرسول، أو قضية مصداقية الوحي، أوالتعدد المفرط لزوجات الرسول، أو موضوع الغرانيق أو مُتَع الجنة..الخ).

وبدا لي من خلال هذا الكتاب أن المستشرقين ليسوا إلا إما جواسيس أو جهلة باللغة العربية أو يعانون من ضغط لاوعيهم أو عنصريين أو ماركسيين ملحدين أو “مركزيين أوروبيين” ..الخ، فإذا كان الأمر كذلك فاني أطرح على الكاتب وكل الدارسين للاستشراق السؤال التالي: أين أصاب المستشرقون في تحليلهم لشخصية ” محمد” وسيرته ونشأة الإسلام؟ لقد عرفنا من كُتابِ النقد للاستشراق كل ما اعتبروه أخطاء، فاين أصابوا فيما كتبوه ؟ أم أن كل ما كتبوه لا يعدو أكثر من حقد وكره؟ ثم أين المنصف من المستشرقين لا سيما في الموضوعات الحساسة (البعد الميتافيزيقي تحديدا) ؟ ويبدو لي أن كاتبنا ينتمي إلى إتجاه عربي وإسلامي- يقوم على فكرة محددة مسبقا وهي : على كل مستشرق يكتب عن النبي محمد أو عن الإسلام أن يُسَلِّم مسبقا بصحة ركائزه الأساسية وأن صورة محمد المقدسة في الذهن الإسلامي هي صورة دقيقة وسليمة سلامة مطلقة وأن القرآن نص “لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ”. وهذه في رأيي أقصر الطرق لغلق الباب في وجه الآخر وإنهاء الحوار بل والاجتهاد معه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://starshocom.yoo7.com/
إسراء
زائر
Anonymous



||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: المسلمون والحداثة الأوربية   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء يوليو 14, 2020 7:42 pm

المسلمون والحداثة الأوربية

||♦ قسم الكتب ♦|| المسلمون-والحداثة-الأوروبية1-489x275

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب “المسلمون والحداثة الأوروبية” لخالد زيادة، باحثا فيه علاقة العرب والمسلمين بأوروبا التي ترجع إلى بدايات القرن الثامن الميلادي، والتي انطبعت باللامبالاة في خلال حقبات طويلة، ثم تبدّلت في الحقبة المعاصرة، إذ أدّى التقدّم الأوروبي إلى انقلاب هذه اللامبالاة إلى إعجاب والأخذ بما أحرزته أوروبا في الأفكار والعلوم والتقنيات.


يضم هذا الكتاب (512 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) ثلاثة كتب نشرها المؤلف سابقًا: اكتشاف التقدم الأوروبي، وتطور النظرة الإسلامية إلى أوروبا، ولم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب.


والكاتب خالد زيادة أستاذ جامعي، وباحث في التاريخ الاجتماعي والثقافي. وهو مدير فرع بيروت في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. له مؤلفات عدّة: الكاتب والسلطان: من الفقيه إلى المثقف؛ الخسيس والنفيس: الرقابة والفساد في المدينة الإسلامية، ثلاثية مدينة على المتوسط؛ رواية حكاية فيصل. صدر له عن المركز: سجلات المحكمة الشرعية، الحقبة العثمانية، المنهج والمصطلح.


اكتشاف التقدم الأوروبي


يتألف الكتاب الأول: اكتشاف التقدم الأوروبي، من سبعة فصول.


في الفصل الأول: الدولة العثمانية وأوروبا، يعرض زيادة للعلاقات التي مدها العثمانيون مع دول أوروبا وإماراتها، بما في ذلك البابوية، وإقامة سفارات أوروبية ثابتة في إسطنبول، وتلاحق زيارات السفراء العثمانيين إلى عواصم أوروبا، “ونتيجة لهذه الأجواء، صار الإسلام يثير حقدًا أقل مما كان يثيره لدى الأوروبيين في السابق، في وقت أصبح التركي والمسلم صورتين لشيء واحد، بعد أن توارى العرب عن المسرح السياسي في حوض المتوسط”.


في الفصل الثاني: التفكير حول الانحطاط، يورد المؤلف أفكار قوجي بيك، العضو في إدارة السلطان مراد الرابع، في تفسيره أسباب انحطاط الدولة العلية: غياب رقابة السلطان على الوزراء، وتسليم المناصب والمغانم لأفراد الحاشية، وعدم إخلاص الوزراء، وتخريب الإقطاعات العسكرية التي كانت تمد الدولة بالمال والقوة المقاتلة، والفساد الذي لحق برجال الدين والعلم. كما يعرض لأسباب أخرى قدمها كاتب جلبي، أو حاجي خليفة.


أما في الفصل الثالث: اكتشاف أوروبا، فيلفت زيادة إلى إدراك العثمانيين مبكرًا “أن صعود أوروبا في حال استمراره وتغافل المسلمين عنه لا بد من أن يحمل للعثمانيين الهزيمة في وقت ليس بعيدًا”، ويعرض لدعوات عثمانية متعددة إلى الاستفادة من التطور الأوروبي.


إصلاحات ومفاهيم المؤثرات الفكرية الأوروبية


في الفصل الرابع: محاولات الإصلاح، يقول المؤلف إن المؤثرات الفكرية الأوروبية نفذت إلى العاصمة العثمانية من طريق السفراء الأوروبيين فيها، ومن خلال السفراء العثمانيين إلى العواصم الأوروبية. وهذه المؤثرات ساهمت في نشر جو من الإصلاحات.


في الفصل الخامس: تبدل أساليب الكتابة والتفكير، يقول زيادة إن المؤثرات الفكرية الأوروبية أدخلت وضعًا ثقافيًا مميزًا، متحدثًا عن أدب الرحلة الذي راج وكان له الأثر المهم في تعريف العثمانيين بأوروبا، إلى جانب تقارير السفراء التي ساهمت في تقديم صورة واقعية عن عواصم أوروبا ومدنها وطبيعتها.


في الفصل السادس: اللغة العالمية، يتحدث زيادة عن عثمانيين ألفوا باللغة الفرنسية قبل نهاية القرن الثامن عشر، وكانوا من أشد المتحمسين لفكرة الإصلاح، والمتأثرين بالأفكار التحررية الجديدة.


أما الفصل السابع والأخير: وهو بعنوان صراع المفاهيم، فتكلم على مفاهيم تقليدية مُنحت مضامين جديدة، منها مفاهيم “الوطن” و”الثورة” و”الإصلاح” و”الجمهورية” و”الحرية”.


النظرة الإسلامية إلى أوروبا


يقع الكتاب الثاني: تطور النظرة الإسلامية إلى أوروبا، في خمسة فصول.


في الفصل الأول: النظرة التقليدية إلى أوروبا، يستعرض زيادة تناول الجغرافيين والمؤرخين المبكرون أخبارًا عن أوروبا، وموقف الازدراء من شعوبها.


في الفصل الثاني: استمرار النظرة التقليدية وتبدلها: مسألة التقدم، يتناول المؤلف المرحلة اللاحقة للحروب الصليبية حتى نهاية دولة المماليك في عام 1517، حين أصبحت المعلومات عن أوروبا أوسع وأكثر واقعية بفعل ازدهار التجارة مع المدن الإيطالية، كما يتناول زيادة في هذا الفصل المرحلة العثمانية التي أصبحت المعلومات فيها متوافرة من خلال السفراء الذين يوفدون إلى عواصمها.


في الفصل الثالث: صورة أوروبا الليبرالية، يبحث زيادة في الحقبة الحديثة في القرن التاسع عشر، حيث تحول الازدراء إلى إعجاب، كما يعرض كيف بدت أوروبا في أعمال النهضويين أمثال الطهطاوي وخير الدين التونسي.


في الفصل الرابع: يقرأ المؤلف اتجاهات النظرة الحديثة، الاتجاهات الإصلاحية والليبرالية وغيرها في أوروبا.


في الفصل الخامس: يعرض نحو نظرة نقدية، لآراء عبد اللطيف الطيباوي وعبد الله العروي وهشام جعيط. ويختم بالقول: “إن النظرة الإسلامية التي بقيت موضوعًا هامشيًا في الوعي الإسلامي، تحولت على مشارف العصر الحديث إلى موضوع ناظم لأفكار المسلمين، حين لم يعد تجاهل قوة أوروبا وتقدمها ممكنًا”.


أثر الحضارة الإسلامية في أوروبا


يتألف الكتاب الثالث: لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب، من ثمانية فصول.


في الفصل الأول: يقول زيادة، الجوار، خصوصية العلاقة بين عالم الإسلام وأوروبا، إن ليس ثمة شعب من شعوب العالم يملك هذا التاريخ المشترك مع أوروبا، مثل العرب والبربر والأتراك. فهذا تاريخ طويل يمتد أربعة عشر قرنًا من الصراعات والتبادل والحروب المتنقلة من غرب المتوسط إلى شرقه، ومن عمق أوروبا إلى عمق العالمين العربي والإسلامي، إضافة إلى تبادل البضائع والأفكار والمؤثرات وانتقال الأفراد والجماعات عبر ضفتي المتوسط.


في الفصل الثاني: التحديث، يعرض المؤلف لتجارب التحديث على النمط الأوروبي من خلال تجربتي مصر والدولة العثمانية في القرن التاسع عشر، فيما يعرض في الفصل الثالث، النهضة، للأفكار التنويرية التي استفادها العرب من أوروبا بعد الثورة الفرنسية.


في الفصل الرابع: الإصلاحية الإسلامية، يرى المؤلف أن الإصلاحية ليست ردة فعل على التأثير الأوروبي فحسب، بل هي نتيجة لإدراك جديد للإسلام في ضوء علوم الجغرافيا والتاريخ.


في الفصل الخامس: الثورة، يتناول المؤلف التاريخ الثوري منذ الثورة الفرنسية الكبرى (1789)، وتأثير أفكارها، مستعرضًا ثلاث ثورات: الانقلاب العثماني في إسطنبول (1908)، والثورة العربية (1916)، والثورة المصرية (1919)، مع ما حققته هذه الثورات من نجاحات وإخفاقات.


بين الأيديولوجيات


في الفصل السادس: الأيديولوجيا، يتكلم زيادة مستفيضًا على نمو القيادات القومية والاشتراكية وأثرها خصوصًا في المشرق العربي، فيرى أن هذه الأيديولوجيات التي أخذت عن تيارات فكرية في أوروبا لم يعد لها تأثير، وبذلك فقدت أوروبا تأثيرها في العالم عمومًا، وفي العرب خصوصًا.


في الفصل السابع: الدولة، يبحث زيادة في اعتماد الدساتير في بعض الدول العربية، كمصر ولبنان، ثم في نهاية الحقبة الليبرالية التي أعقبتها فترة الأنظمة العسكرية. كما يعقد مقارنة بين أنظمة الحكم ذات المنبت العسكري وبين سيطرة المماليك في القرن الثامن عشر على أقاليم بعينها، مثل العراق وسوريا ومصر وتونس.


الفصل الثامن والأخير: والذي وضعه تحت عنوان: الأصولية، خصصه زيادة لقراءة التيارات الدينية وأسباب بروزها، ونشوئها بوصفها ردة فعل على التحديث من جهة، وعلى الشعور بدور الإسلام في مجابهة الأيديولوجيات الحديثة.


العالم العربي بعد الربيع العربي


أما في الخاتمة خاتمة كتاب المسلمون والحداثة الأوروبية، فيتطرق زيادة الكاتب خالد زيادة إلى المرحلة التي دخلها العالم العربي بعد عام 2011، ويقول إن مشهد العالم العربي بعد ثورات 2011 أقرب إلى المشهد التأسيسي، مع تضارب الرؤى بين تفاؤل بالانتقال إلى الديمقراطية، وتشاؤم بانفجار الدول، ومخاوف من انفراط عُقدها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد سات

⚫
أحمد سات

وسام العطاء
وسام العطاء
شكر و تقدير
شكر و تقدير
وسام التميز
وسام التميز

المساهمات : 597
نقاط التميز : 20891
السمعة : 0
تاريخ التسجيل : 06/06/2020
الموقع : ꧁الإمارات العربية المتحدة ꧂

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالجمعة يوليو 31, 2020 9:19 pm

“فتاوى كورونا”.. كتاب يوثق مواقف العلماء

||♦ قسم الكتب ♦|| فتاوى-كورونا-لمسعود-صبري-300x150

في ظل الأزمة الحالية، وانتشار جائحة كورنا الذي ساهم في  تعطيل الكثير من أمور الحياة، ولم يستثني ذلك حتى الفرائض الشرعية في دول العالم الإسلامي، حيث تم تعطيلها بقرارات رسمية من الجهات المختصة، فعُطلت صلوات الجماعة داخل المساجد في غالبية الدول، وعرف نظام العمرة والحج عدة تغييرات وصلت حد المنع والإلغاء. وفي إطار تسيير هذا الوضع الخاص، ظهرت العديد من الفتاوي والبيانات وآراء العلماء في هذا الشأن، على اختلافهم مشاربهم والهيئات أو المنظمات التي يمثلونها.


وفي إطار جمع هذه المواقف وتوثيقها وعرضها على الجمهور، لتكون مصدرا له، ومرجعا للأجيال القادمة في تاريخ النوازل، أصدرت “دار البشير” بالقاهرة، أحدث إصدارات الأستاذ الدكتور مسعود صبري بعنوان “فتاوى العلماء حول فيروس كورونا” والذي رصد فيه خلاف العلماء حول مآلات شرعية بشأن انتشار الوباء، من ضمنها مسألة الجمع والجماعات، وتعجيل الزكاة، كما رصد أيضا البيانات والفتاوى التي صدرت عن عدد من المجامع الفقهية، والاتحادات الشرعية، وعلماء الشريعة بخصوص انتشار الوباء.


الكاتب مسعود صبري، هو أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية، وأحد كبار الباحثين في علوم الشريعة، له عدد من الدراسات المتميزة في مجالي مقاصد الشريعة، وأصول الفقه. منها: “بداية القاصد إلى علم المقاصد”و”الورقات الأصولية في شرح رسالة العكبري”.


تفاعل المجتمع العلمي الشرعي مع الوباء


أما الكتاب الذي يقع في 241 صفحة من القطع الكبير، ففي مجمله محاولة لتوثيق تفاعل المجتمع العلمي الشرعي في التعاطي مع الوباء الذي ربما لم يشهد الجيل الحالي من العلماء حادثة مشابهة له، وبالتالي فإن استعراض هذه الدراسات وتوثيقها سوف يعطى صورة واضحة عن مدى قدرة المجتمع بمؤسساته وأفراده على التعاطي المناسب مع الحوادث المستجدة، تعاطيا يراعي عامل الوقت وعامل الإحاطة وأيضا يتوافق مع الكليات الكبرى، والمقاصد العليا الحاكمة للشريعة الإسلامية.


وقد عرّف المؤلف بالكتاب فقد جاء هذا الكتاب ليرصد حركة الاجتهاد المعاصر في أخطر نوازل العصر (فيروس كورونا- كوفيد-16)، بعدما جاء سيل جرار من الفتاوى هطل على سماء الدنيا، وانتشر في الآفاق شرقا وغربا حول آثار فيروس كورونا الذي أفزع العالم مسلمهم وكافرهم، أقعدهم في بيوتهم ساكنين خائفين، وعطلهم مصالحهم، فالشوارع الصاخبة لم تعد تسمع لها همسا، والمحلات التجارية التي كانت تضج بالناس حتى منتصف الليل خاوية على عروشها، والوزارات والمؤسسات التي كانت ملأى بالمراجعين والموظفين كأنها ديار بالية، والحدائق التي كانت تملأ نشاطا وحركة ولعبا، كأنها آثار السابقين، يمر الناس عليها مرورا سريعا، كأنها ديار ثمود، ومكث الناس في بيوتهم مكثا، بعدما ملئوا البعض بيوتهم بالأغذية والأطعمة والمشروبات، في سباق – غير محمود- نحو الجمعيات التعاونية والمحلات التجارية، يخطفون البضائع دون النظر إلى أهميتها أو إعادة التفكير في الحاجة إليها، حتى أصبح الناس في الجمعيات والسوبر ماركات طوابير تذكرنا بيوم الحشر، وما هو بيوم الحشر.


وخرجت قرارات وزارات الأوقاف بعدما تفشي المرض بالفتاوى التي تمنع المصلين من الذهاب إلى المساجد لصلاة الجماعة، و عطلت صلاة الجمعة، فتحسرت القلوب وبكت الدموع.


لكن الجميل هو التزام غالب المسلمين بالأوامر، فقد أدركوا أن من أصدر تلك الفتاوى ما أراد بالمسلمين إلا خيرا، ونهأنهم  أنهم ما باعوا دينهم، لكنهم خافوا على النفوس من التهلكة، ففتش الفقهاء والعلماء في بطون الكتب، واستلهموا روح الأدلة، على أن التخلف عن صلاة الجمعة والجماعة من الأعذار المبيحة التي ترفع الإثم عن المسلمين، وأنها ليست محل غضب رب العالمين، ولشدة الشوق إلى المساجد، انبرى آخرون رأوا أن تعطيل المساجد مما لا يجوز فعله، ولا ينبغي الإقدام عليه، وأن الناس في المهالك إلى الله يلجؤون، و إليه يفرون، وعليه يتوكلون، وأن الذهاب إلى المساجد منجاة من المفاوز، لكنهم على الرغم من هذا، دعوا الناس إلى الالتزام بالأوامر والقرارات، ولزوم البيوت والمقرات، سائلين الفقهاء الآخرين، والمسئولين المنوطين بمراجعة الفتاوى والقرارات، وتلك لعمري مزية في الفكر الإسلامي جميلة، فما أجمل الانفتاح في التفكير، ومراجعة الأفكار والتقارير، مع المحافظة على قرارات ولاة الأمور، وأنه ليس للعامة مخالفة الأمر، إلا بقرار ممن ملك الأمر.


توثيق تاريخي للفتاوى


بدأ المؤلف كتابه ببيان أهداف الكتاب التي من أهمها: التوثيق التاريخي للفتاوى، وبيان جهد الفقهاء المعاصرين في التعامل مع النازلة وقضاياها، واعتبار الاجتهاد والفتاوى في النازلة تمثل سجلاً ومرآة للمجتمع، وإتاحة الفرصة أمام الباحثين والمتخصصين لدراسة الفتاوى تحليلاً وتأصيلاً.


ورصد الكتاب الفتاوى والاتجاهات، وكيف عملت “ميكنة الاجتهاد الفقهي” في الأزمات، وأخرجت تلك الروح الحضارية، باتساعها في الآراء والأفكار، مع الالتزام بما يصدر عن الوزارات المسؤولة من أوامر وقرارات.


وحدد الكاتب الاتجاهات الفقهية على النحو التالي:


الاتجاه الأول: القول بجواز تعطيل المساجد في الجُمع والجماعات، مع الإبقاء على رفع الأذان، شعيرة الإسلام.


ويمثل هذا الاتجاه جمهور الفقهاء المعاصرين، من غالب المجامع الفقهية، وهيئات الفتوى الكبرى، مثل: هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، والمجلس العلمي الأعلى بالمغرب، واللجنة الوزارية للإفتاء بالجزائر، وهيئة الفتوى بدولة الكويت، ومجلس الإفتاء بالإمارات، والمجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والإفتاء، ولجنة الإفتاء بدائرة الإفتاء بالأردن، والمجلس الإسلامي للإفتاء في الداخل الفلسطيني، وفتوى أساتذة كلية الشريعة بجامعة قطر.


ومن الأفراد: د. علي محيي الدين القرة داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، د. خالد حنفي، الأمين المساعد للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، د. سعد الكبيسي، د. مراد فضل، الأستاذ بجامعة قطر.. وغيرهم.


الاتجاه الثاني: منع الجُمع والجماعات في المساجد لمن هم مصابون بالمرض، أو يخشون على أنفسهم، ولو بالمظنة، وتبقى إقامة الجمع والجماعات واجباً، يقام بالحد الذي يمكن معه عدم تعطيل المساجد، إلا إذا قرر المختصون أن إقامة الجمع والجماعات مظنة انتشار العدوى، فيقيم الجماعة الإمام وعدد قليل معه.


ومن أبرز من ذلك إلى ذلك لجنة الفتوى بمجمع فقهاء أمريكا الشمالية، خاصة في البيان الأول والثاني، وكذلك هو رأي الشيخ محمد الحسن الددو، والشيخ سالم الشيخي، عضو المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وهو الرأي الأول لهيئة كبار العلماء بالسعودية، بعدما انتهوا إلى رأي جمهور الفقهاء المعاصرين في الفتوى الثانية لهم.


الاتجاه الثالث: وجوب إقامة الجُمع والجماعات، وأنه لا يجوز تعطيل المساجد، ويمثل هذا الاتجاه بعض الفقهاء من أساتذة الشريعة، ولم يسجل لأي هيئة أو جهة إفتاء عامة أن قالت بهذا الرأي، فلم يصدر هذا الرأي عن اجتهاد جماعي.


ومن أبرز من قال بهذا، د. حاكم المطيري الأستاذ بكلية الشريعة جامعة الكويت، والشيخ محمد سالم الددو أحد فقهاء موريتانيا، ود. جدي عبد القادر وطاهر بلخير من الجزائر.


قضايا وأحكام


وذكر الكتاب أنه من الملاحظ أن فقهاء الأمة لم ينشطوا في نازلة مثلما نشطوا في تلك النازلة (انتشار فيروس كورونا)، بل والسعي الحثيث لنشر الفتاوى بكل وسيلة ممكنة، وأن الأزمة أبرزت عن جهد جمعي رائع في الاجتهاد الفقهي، مما يعد ظاهرة صحية من جانب الفقهاء.


كما رصد الكتاب عدداً من القضايا الأخرى، من أهمها:


حكم القنوت في الصلوات لرفع البلاء، واتجه غالب الفقهاء إلى جواز القنوت بل استحبابه.حكم الذهاب إلى الحج والعمرة، واتجه غالب الفقهاء على جواز المنع.حكم تغسيل وتكفين الموتى بسبب كورونا، وكانت فتاوى الفقهاء تتجه نحو وجوب الغسل إن أمكن، ولو برش الماء، فإن تعذر، فالتيمم، فإن تعذر كفن وصلي عليه وسقط واجب التغسيل.حكم التباعد بين الصفوف في إقامة الجماعات، والراجح في المسألة الجواز خاصة في مثل هذه الظروف، خاصة أن جمهور الفقهاء يرون أن تسوية الصفوف مستحبة، ومن قال بالوجوب، فقال بصحة الصلاة مع الإثم.حكم الالتزام بقرارات الدول في المنع وحظر التجوال، وأنه من الواجبات الشرعية الآن.حكم احتكار الأسعار ورفعها في وقت هذه الأزمة، وأنه حرام شرعاً.


ولاحظ الكاتب أن فتاوى تعطيل المساجد ومنع الجُمع والجماعات استحوذت على غالب الفتاوى في المجامع والهيئات الإفتائية وفتاوى آحاد العلماء.


وقد كان منهج الكتاب في الجُمع حسب الهيئات والمؤسسات والأشخاص، وليس ترتيبا موضوعيا، لدراسة كل جهة على حدة لمن يريد، فقدمت المجامع وهيئات كبار العلماء، ثم مجالس الإفتاء المحلية في كل بلد، ثم فتاوى الأفراد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://driss.ucoz.org/
Admin

⚫
Admin

وسام العطاء
وسام العطاء
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 880
نقاط التميز : 23694
السمعة : 0
تاريخ التسجيل : 24/05/2020
العمر : 45
الموقع : {المملكة المغربية}

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين أكتوبر 12, 2020 7:18 pm

من وصايا ابن المقفع في آداب المجالسة

||♦ قسم الكتب ♦|| People-690810_1920-489x275

إذا كنتَ في جماعةِ قومٍ أبدًا فلا تَعُمَّنَّ جيلًا من الناس أو أمَّة من الأمم بشَتْم ولا ذَمٍّ، فإنَّك لا تدري: لعلك تتناول بعض أعراض جُلسائك مُخطِئًا، فلا تأمَن مُكافأتَهُم، أو مُتعمِّدًا فتُنسَب إلى السَّفَه، ولا تَذُمَّنَّ مع ذلك اسمًا من أسماء الرجال أو النساء بأن تقول: إنَّ هذا لقبيحٌ من الأسماء، فإنَّك لا تدري لعلَّ ذلك غير موافق لبعض جُلسائك، ولعله يكون بعض أسماء الأهلين الحُرُم، ولا تستصغرنَّ من هذا شيئًا، فكلُّ ذلك يجرحُ في القلب، وجُرْحُ اللسان أشَدُّ من جرح اليدِ.

ومن الأخلاق السيئة على كل حال مُغَالبةُ الرجل على كلامه والاعتراضُ فيه، والقطعُ للحديث. ومن الأخلاق التي أنت جدير بتركها -إذا حدَّث الرجلُ حديثًا تعرفه- ألا تسابقَه إليه وتفتحه عليه وتشاركه فيه، حتى كأنَّك تُظهر للناس أنك تُريد أنْ يعلموا أنَّك تعلمُ مِثْلَ الذي يعلم، وما عليك أنْ تهنئه بذلك وتفْرِدَهُ به. وهذا الباب من أبواب البخل، وأبوابُهُ الغامضة كثيرةٌ.

إذا كنتَ في قوم ليسوا بُلغاء ولا فُصحاء فدَعِ التطاول عليهم بالبلاغة والفصاحة. واعلم أنَّ بعضَ شدَّة الحذرِ عونٌ عليك فيما تحذرُ، وأنَّ بعض شدَّة الاتِّقاء مِمَّا يدعو إليك ما تَتقي. واعلم أنَّ الناس يخدعون أنفسهم بالتعريض والتوقيع بالرجال في التماس مثَالبهم ومَساويهم ونقيصتهم، وكلُّ ذلك أبينُ عند سامعيه من وَضَح الصُّبْحِ، فلا تكوننَّ من ذلك في غرور، ولا تجعلنَّ نفسك من أهله.

اعلم أنَّ مِن تنكُّب الأمور ما يُسمَّى حَذَرًا، ومنه ما يُسمَّى خَوَرًا، فإن استطعت أن يكون جبنك من الأمر قبل مواقعتك إياه فافعل؛ فإن هذا الحذرُ، ولا تنغمس فيه ثم تتهيَّبهُ؛ فإن هذا هو الخَوَرُ، فإنَّ الحكيم لا يخوض نهرًا حتى يعلم مقدار غوره.

قد رأينا من سوء المجالسة أنَّ الرجل تثقُلُ عليه النعمة يراها بصاحبه، فيكون ما يشتفي بصاحبه -في تصغير أمره وتكدير النعمة عليه- أن يذكر الزوال والفناء والدوَل، كأنه واعظ وقاصٌّ، فلا يخفى ذلك على من يُعنَى به ولا غيره، ولا يُنَزَّل قولُهُ بمنزلة الموعظة والإبلاغ، ولكن بمنزلة الضَّجَر من النعمة -إذا رآها لغيره- والاغتمامِ بها والاستراحةِ إلى غير رَوْح.

وإني مخبرك عن صاحبٍ لي، كان من أعظم الناس في عيني، وكان رأسُ ما أعظمَهُ في عيني صِغَرَ الدنيا في عينه؛ كان خارجًا من سلطان بطنه؛ فلا يتشهَّى ما لا يجد، ولا يُكثر إذا وَجَدَ، وكان خارجًا من سلطان فَرْجِهِ؛ فلا يدعو إليه ريبة، ولا يستخفُّ له رأيًا ولا بدنًا، وكان خارجًا من سلطان لسانه؛ فلا يقول ما لا يعلم ولا ينازع فيما يعلم، وكان خارجًا من سلطان الجهالة؛ فلا يُقدِمُ أبدًا إلا على ثقةٍ بمنفعةٍ.

كان أكثَرَ دهره صامتًا فإذا نطق بَذَّ الناطقين.كان يُرَى متضاعفًا مستضْعَفًا، فإذا جاء الجِدُّ فهو الليث عاديًا.كان لا يدخُل في دعوى، ولا يشترك في مِراء، ولا يُدْلي بحُجَّة حتى يَرى قاضيًا عَدْلًا وشُهودًا عُدُولًا.

وكان لا يلوم أحدًا على ما قد يكون العذر في مثله حتى يعلم ما اعتذاره، وكان لا يشكو وجعًا إلَّا إلى مَن يرجو عنده البُرْء، وكان لا يستشير صاحبًا إلا من يرجو عنده النصيحة، وكان لا يتبرَّم ولا يتسخَّط ولا يتشهَّى ولا يتشكَّى، وكان لا ينقمُ على الوليِّ، ولا يَغْفلُ عن العدُوِّ، ولا يخصُّ نفسَه دون إخوانه بشيء من اهتمامه وحيلته وقوته.

فعليك بهذه الأخلاق إنْ أطقتَ -ولن تطيق- ولكنَّ أخذَ القليل خير من ترك الجميع. واعلم أنَّ خيْر طبقاتِ أهل الدنيا طبقةٌ أصِفُها لك: مَنْ لَمْ ترتفِعْ عن الوضيعِ ولم تتَّضِع عن الرفيع.

المصدر : كتاب الأدب الكبير لابن المقفع

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| 473548896
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Admin

⚫
Admin

وسام العطاء
وسام العطاء
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 880
نقاط التميز : 23694
السمعة : 0
تاريخ التسجيل : 24/05/2020
العمر : 45
الموقع : {المملكة المغربية}

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين أكتوبر 12, 2020 7:21 pm

مدرسة فرانكفورت…النشأة والمرتكزات

||♦ قسم الكتب ♦|| Dd55-489x275

ربما من عوامل الثراء في التجربة الغربية، هي إتاحتها للنقد، ومنحه موضعا في بنائها الثقافي والحضاري، فالنقد ليس جريمة، واختلاف الرأي نوع من القوة، فالعقول تتشابه مع الأجساد في أن مكمن العافية في تنوع الأغذية، والاعتماد على طعام واحد ضعف، مهما كانت فائدته؛ ومن هنا أعطى الغربيون اهتماما كبيرا لمدارسهم وفلسفاتهم النقدية، ومنها “مدرسة فرنكفورت” Frankfurt School التي يمر قرابة قرن من الزمان على نشأتها.

ويأتي صدور كتاب “مدرسة فرانكفورت: دراسة في نشأتها وتياراتها النقدية واضمحلالها” لـ”ثريا بن مسمية”، والصادر 2020 في 151  صفحة، عن المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، ضمن سلسلة “مصطلحات معاصرة” ليقدم اقترابا من المدرسة من حيث نشأتها، وتأثيرها، وروادها، وأبرز انتقاداتها للحداثة الغربية.

النشأة والمرتكزات

تعد “مدرسة فرانكفورت” علامة فارقة في نقد الحداثة الغربية، وتفكيك أبنيتها الفلسفية والفكرية، وقد تطورت المدرسة عبر تاريخها الذي يمتد مائة عام، حتى ليبدو أن لكل مرحلة آلياتها وعلاماتها المميزة ومناهجها، فالمدرسة لم تجمد على أفكار واحدة، أو رؤية أيديولوجية ثابتة، ولكن كانت منفتحة، ومتطورة، ومستوعبة لكثير من الأفكار، والتخصصات، والمناهج.

تأسست في العام 1923 تحت اسم “معهد البحوث الاجتماعية” بجامعة “غوته” بألمانيا، أسسها “كارل غرونبرغ” -أستاذ القانون- الذي كان ينتمي للفكر الماركسي، فكان أول مركز بحثي ماركسي في جامعة ألمانيا، وقام الثري اليهودي “فيلكس فيل” Felix Weil بدعمه ماليا.

المدرسة وليدة سياق تاريخي وثقافي وسياسي مأزوم، في الفترة ما بين الحربين العالميتين، تأثرت بظهور الفاشية والنازية، والتطور في الشيوعية بعد صعود “جوزيف ستالين” للسلطة في الاتحاد السوفيتي، وانقسامات اليسار وفشل كثير من تجاربه في أوروبا، وصعود الرأسمالية وأزماتها، ومن ثم سيطرت مشاغل العشرينات، وما بعدها على أفكار المدرسة وروادها، مثل: الخوف من الحرية، والجدل القمعي للحضارة، وإنسان البعد الواحد.
||♦ قسم الكتب ♦|| ابرز-رواد-مدرسة-فرانكفورت-600x330
ابرز رواد مدرسة فرانكفورت

كل تلك الأزمات جعل المدرسة تفكر في اتجاه نقدي يتجاوز أفكار “كانط”[1] Immanuel Kant التي ساهمت في تأسيس العقلانية الغربية، وأفكار “كارل ماركس” التي استبعدت الانسانية من حسابها، لذا اتخذت “مدرسة فرانكفورت” من النقد منهجا لها، وحاولت القيام بممارسة نقدية جذرية للحضارة الغربية؛ قصد إعادة النظر في أسسها ونتائجها على ضوء التحولات السياسية الكبرى التي أفرزتها الحداثة الغربية، وخاصة منذ “عصر الأنوار”[2]، الذي يعتبر نقطة تحول جوهرية في مسار هذه الحداثة، كما أنها رصدت الأعراض المرضية التي عرفتها المجتمعات الغربية المعاصرة، لذا كانت ولادة المدرسة متعسرة، لكن ولدت معها الروح النقدية، التي نقدت الأسس التي تقوم عليها الحضارة الغربية، كالحرية والعقلانية والتقدم العلمي والتقني.

وعندما تولى “ماكس هوركايمر” رئاسة المركز عام 1931 بدأت مرحلة جديدة في تاريخه، أو المرحلة الثانية من مراحل “مدرسة فرانكفورت”، وهو مرحلة النضج، حيث اهتمت بتحليل البُنى الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع القائم، وكان هناك اهتمام واضح بالفلسفة، وعلم النفس خاصة تحليلات “فرويد”، لكن مع وصول “هتلر” للسلطة  في ألمانيا في مارس 1933 تم إغلاق المركز، نظرا لأيدلوجيته الماركسية، وانتماء أغلب أغلب رواده لليهودية، وانتقل المركز إلى جنيف بسويسرا، ثم إلى الولايات المتحدة عام 1934.

وقد تأثر رواد المدرسة بالانتقال إلى الولايات المتحدة، حيث قام هؤلاء بتحليل ونقد جذري للمجتمع الرأسمالي، حيث اتجهت نشاطات المركز إلى قضايا محددة في المجتمع، مثل: قضية السيطرة الشاملة، والقضاء على قيمة الفرد، والقهر التقني، وصناعة الثقافة، ونشر مفكرو المدرسة في تلك الفترة عدة كتب مهمة، وأخذت أفكاره المدرسة تحتل مساحة معتبرة من النقاشات في الساحة الفكرية الأمريكية والأوروبية.

وعلى الرغم من كثرة المفكرين المنسوبين إلى “مدرسة فرانكفورت”، إلا أن الاتجاه الفكري قد تشكل بفضل ثلاثة مفكرين أساسيين، كانت فلسفاتهم المحور الرئيس الذي قامت عليه الأصالة الفكرية للمدرسة، وهؤلاء “ماكس هوركايمر” و”تيودور أدورنو” و”هربرت ماركوز”، ويعد “يورغن هابرماس” فيلسوف وعالم الاجتماع الألماني من أهم منظري المدرسة المعاصرين، ومن روادها-أيضا- “إريك فروم” و”ليو لوفنتال”، و “جورج لوكاش”.

أهم المرتكزات الفكرية للمدرسة:

كرست المدرسة جهودها لنقد المجتمع الغربي الحديث؛ بقصد كشف تناقضاته، واتخذت من التغيير الاجتماعي هدفا لها، ومن النقد الجذري منهجا.كشف رواد المدرسة الأوائل عن مظاهر الاستغلال والاغتراب التي أفرزها مشروع التنوير نتيجة هيمنة العقلانية الأداتية.هاجمت المدرسة ابتعاد الفلسفة عن دورها الاجتماعي.نقدت المدرسة تهافت النزعة الوضعية التي تجعل من العلوم الطبيعية نموذجا للعلمية، وتجعل من العلم والتقنية الأداتين الكفيلتين بمفردهما على إحداث التغيير الاجتماعي وخلق سعادة الإنسان.انتقدت المدرسة تحول أدوات التثقيف ووسائل الإعلام إلى أدوات تمارسها السلطة للسيطرة.المرجعيات الفلسفية

كان لفلسفة “كانط” النقدية تأثير كبير على المدرسة، رغم أن الفاصل بينهما يقترب من القرنين من الزمان، كذلك كان لفلسفة “هيجل”[3] تأثير كبير، أيضا، خاصة في بعض المفاهيم، كالجدل والاغتراب، كما تأثرت المدرسة بالمنهج الجدلي عند “هيجل” حيث مكنها الجدل من اكتشاف المتناقضات الكامنة، لذا رفضت المدرسة النزعة الوضعية التي تشييء الإنسان[4]، وتجعله يشعر بالاغتراب .

لكن تبقى الماركسية ذات التأثير الأكبر في المدرسة في مختلف أجيالها، إذ كان النقد في المدرسة يحمل رغبة لتخليص المستضعفين وتحريرهم ومناهضة أشكال الهيمنة والإقصاء، فاحتل النقد مكانا بارزا باعتباره محفزا لدفع الفكر للدخول في معترك التغيير الاجتماعي، لكنها اختلفت مع الماركسية في أن البروليتاريا[5] كقوة دافعة ليست كافية لتحقيق التحرر، ويمكن القول، أنها أخذت بعض مقولات الماركسية لكنها قطعت مع تعاليمها، بل رأت المدرسة أن للماركسية بعدا يمكنه خنق البعد النقدي للتفكير.

وكان لمنهج التحليل النفسي لـ “فرويد” تأثير على “مدرسة فرانكفورت”، ومن القضايا التي ناقشتها: موقع الجنس في آليات الإغراء الحديثة وعلاقتها بالعملية الانتاجية، والمعاني الجديدة التي يتخذها الحب، لذا اتخذوا من التحليل النفسي منهجا ضروريا لتحليل المشكلات الفردية التي برزت في المجتمعات الصناعية الرأسمالية، بقصد تشخيصها وإيجاد الحلول لها.

أحيت “مدرسة فرانكفورت” الحس النقدي، باعتباره مدخلا مهما للاحساس بالحرية والاستنارة، وضرورة في عمليات التغيير والتقدم، وساعدها على ذلك تنوع الاهتمامات والتخصصات، فقد كان روادها من علم الاحتماع والفلسفة والعلوم التجريبية، ورغم أن التنوع له مزاياه النظرية والمعرفية، إلا أنه شكل أرضية خصبة للصراع الداخلي والتناقض، فالمدرسة لم تكن ذات أسس نقدية واضحة المعالم، أي أنها لم تؤسس لنفسها بنية نقدية خاصة، بل استقت منهجها من عدة مناهج، فكانت مزيجا بين فلسفة “هيجل”، و”ماركس” و”كانط”، وكان جسمها النقدي غير متجانس لا فكريا ولا منهجيا، لذا وصفها بعض خصومها بأن مفكريها هم: ماركسيون وجوديون متمركسون، وأنهم عاطفيون مصابون بالتشاؤم الحضاري والعدمية التاريخية التي حاولوا الفرار منها بأجنحة احلامهم الغامضة.

ويلاحظ أن معظم رواد المدرسة قد نشأوا في عائلات يهودية ميسورة، بل إن النشأة الأولى للمعهد كانت بمنحة سخية من أحد أثرياء اليهود، فكان الشعور اليهودي بالاغتراب، في تلك الفترة، حاضرا في وعي المدرسة، ولعل الرجوع إلى الماركسية كمصدر للنقد، كان بسبب اهتمام “ماركس” بمفهوم الاغتراب، وهو ما يتوافق مع مشاعر اغترابهم كيهود في المجتمع الألماني، لذا قرروا الثورة الشاملة، ولكنها ثورة مشبعة بمعاني إيديولوجية عنصرية، وبأفكار فلسفية ومعاني إنسانية شمولية.

ويلاحظ أن الفكر النقدي لـ”مدرسة فرانكفورت” وحد بين الفلسفة والثورة بانتهاجه مسلكا نقديا للمجتمع الصناعي الرأسمالي، معتبرا أن الفكر الفلسفي عليه مقاومة العقلانية الصناعية التي تستغل الأفراد، وتجعل المجتمعات جهاز إنتاج خالٍ من أي إبداع فردي أو خاص، لذلك يمكن القول أن مقولة “التشيوء والاغتراب” تكاد تكون الاطار المرجعي الأصيل لفلاسفة المدرسة، لذا كانت فلسفتهم ثورية بالأساس، ورغم ذلك لم تستطع أن تُقيم منهجا محكما متناسقا، فبقيت فسلفة حرة مفتوحة، وتعبر عن نفسها في مقالات متفرقة لا في بناء متراص مترابط، وربما ذلك بسبب تنوع اهتمامهم ومواهبهم وتمزقاتهم، وحرصهم على البعد عن صورة الفيلسوف بمعناها الحرفي، فهم ذوو طبيعة ثورية قلقة وهذا ما جعلهم يخوضون في تناقضات عصرهم وأزماته وأمراضه كمحاولة لتشخيصها.

ويلاحظ أن عزوفهم عن ممارسة السياسة كمبدأ أصيل في ثورتهم، جعلتهم يماهون بين النظرية والفعل الثوري، فتصورا أن مقالاتهم ونظرياتهم هي أعلى وأقوى الممارسات الثورية، كما أن المدرسة أسقطت من حسابها الشرق، وتمركزت حول الذات الغربية، بعدما انصب نقدها على انتاجات العقل، خاصة في عصر الأنوار.

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| 473548896
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Admin

⚫
Admin

وسام العطاء
وسام العطاء
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 880
نقاط التميز : 23694
السمعة : 0
تاريخ التسجيل : 24/05/2020
العمر : 45
الموقع : {المملكة المغربية}

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين أكتوبر 12, 2020 7:23 pm

كتاب “اختلاف الحديث” للشافعي أول لبنة في نقد الأحاديث النبوية

||♦ قسم الكتب ♦|| Ikhtilaf-al-hadeeth-489x275

حين بعد العهد بلسان العرب وبعد العهد بزمن النبوة، أصبحت أحكام النظر والتأويل في النصوص مختلفة وغير منضبطة، نتجت خلالها نيران الاختلاف والاضطراب في الفهوم، وساعد على ذلك فشو البدع وزيغ الفكر مما أدى إلى رد صحيح المنقول من السنة النبوية، إما بحجة عدم حجية الخبر الواحد في الاعتقاد، أو بدعوى وجود التناقض بينه وبين النصوص الأخرى، أو بناء على التأويل المرجوح ونحو ذلك، وهي مشكلة حقيقية تعم المجتمع الإسلامي حينه، فجاء الإمام الشافعي رحمه الله في نهاية القرن الثاني، جامع بين علمي الحديث والفقه ليكون أول من يقعد قواعد الاستنباط للناس، ويقسم ويرتب العلوم، ويؤصل الأصول المعينة على فهم الكتاب والسنة على النهج السوي من خلال كتبه ومناقشاته العلمية.

يقول الإمام أحمد: “لولا الشافعي، ما عرَفْنا فِقه الحديث” [1]

قال الإمام الفخر الرازي في كتابه “مناقب الشافعي”: “كانوا قبل الإمام الشافعي يتكلَّمون في مسائل من أصول الفقه، ويستدِلون، ويَعترِضون، ولكن ما كان لهم قانون كلي مرجوع إليه في معرفةِ دلائل الشريعة، وفي كيفيَّة مُعارضتها وترجيحاتها، فاستنبط الشافعي عِلمَ أصول الفقه، ووضع للخلق قانونًا كليًّا يُرجع إليه في معرفة مراتب أدلَّة الشرع، فثبت أن نسبة الشافعي إلى علمِ الشرع كنسبة أرسطو إلى علمِ العقل[2]“.  

وقد عصم الله تعالى به الناس من الزلل فى عملية استنباط الأحكام الشرعية، ولذا اتفقت الكلمة على أنه بحق هو أكبر “مجدد القرن الثاني”.

مقاصد كتاب اختلاف الحديث للشافعي

يُقصد بمختلف الحديث: تقابُل حديثين أو أكثر على سبيل المُمانَعة في الظاهر لا في حقيقة الأمر.

ويُعد كتاب الاختلاف أول تدوينٍ في الساحة العلمية لإرساء قواعد وأصول لمن أراد أن يتفقه في التوفيق بين النصوص المختلفة أن يمر من خلالها وإلا زل وضل وأضل.

قال الإمام السيوطي في ألفيته:

أول من صنف في المختلف             الشافعي فكن بذا النوع حفي.

 والكتاب حاوي بين دفتيه جملة صحيحة ومستحسنة من الأحاديث تفوق 300 حديثا تحت 79بابا بعد المقدمة الطويلة – ثلاث عشرة صفحة تقريبا- نثر خلالها فوائد جمة ذات الصلة بمنهج التعامل مع السنة النبوية، وحرر بعض القضايا على صيغة السؤال والجواب بين متحاورين لقصد الإيضاح وتقريب صور المسائل.

ويمكن تصنيف مباحث الكتاب إلى عنصرين رئيسين:

العنصر الأول: المباحث المتصلة بالدفاع عن السنة النبوية

لا ريب أن مقصد الإمام الشافعي العام من تأليف هذا الكتاب هو الدعوة إلى الاعتزاز بمكانة السنة في النفوس والدفاع عن حياضها، فسطور مقدمة الكتاب كاشفة لهذا المقصد، حيث استهلها ببيان:

1. مكانة السنة ووجوب الإذعان لأحكامها وتحكيمها في جميع القضايا الدينية، وأنها والقرآن في تأسيس الحكم سواء.

2. أتبع ذلك بمسألة حجية الخبر الواحد، وأسهب القول في توضيحه وأقام الأدلة على صحة الاحتجاج به، وذكر العديد من الوقائع المأثورة الصحيحة الداعمة لهذا المذهب؛ مثل إرساله عليه الصلاة والسلام بعض الأفراد من الصحابة لتبليغ الناس شرائع الدين.

“ولا كان لأحد وجه إليه رسول الله عاملا يعرفه أو لا يعرفه له من يصدقه صدقه أن يقول له العامل: عليك أن تعطي كذا وكذا، أو تفعل بك كذا، فيقول: لا أقبل هذا منك؛ لأنك واحد حتى ألقى رسول الله فيخبرني أن علي ما قلت إنه علي، فأفعله عن أمر رسول الله لا عن خبرك.”[3].

ولهذا اشترط الشافعي في قبول الحديث والاحتجاج به: اتصال سند الحديث وصحته؛ فإذا كان كذلك وجب قبوله، ولا عذر للعالم بالعدول عنه لأنه حجة قائم بنفسه.

3. ثم اشتد نكيره على من يترك بعض السنن الثابتة بدعوى التأويل مع قصور النظر، وأن ذلك دعوى عريضة لا دليل عليها، وأقام الدليل على فساد مسلكهم ومذهبهم.

العنصر الثاني: المباحث المتصلة بضبط الأسس النظرية والتطبيقية في دفع التناقض عن السنة النبوية

بما أن الفقه هو أهم ثمرة علم مختلف الحديث فقد اعتنى الشافعي في الكتاب اعتناء بالغا، حيث مثل بعدد هائل من التطبيقات الفقهية، فكان يناقش الأحاديث بالتحليل والشرح الذي يزيل الإشكالات الواردة عليها، ونبه على بعض ركائز أساسية تضبط الفهم الصحيح في هذا المسار، ومن ذلك أنه:

1 – لا مقابلة للحديث الضعيف مع الحديث المقبول، حيث أشار إلى هذا الضبط في خاتمة مقدمة الكتاب بقوله: “وجماع هذا أن لا يقبل إلا حديث ثابت كما لا يقبل من الشهود إلا من عرف عدله، فإذا كان الحديث مجهولا أو مرغوبا عمن حمله كان كما لم يأت؛ لأنه ليس بثابت”[4]

2 – لا دعوى التعارض بين الحديث النبوي وما دونه، قال رحمه الله: “لم يجز أن نعارض بقول أحد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم”[5] كائنا من كان، وإنما يفترض ذلك بين الحديثين المرفوعين.

3 – لا تناقض حقيقي بين الحديثين ما دام لهما السبيل إلى الاعمال، قال رحمه الله: “كلما احتمل حديثان أن يُستعملا معًا استعملا معًا، ولم يُعطل واحد منهما الآخر”[6]

ولما غابت هذه الأسس عند بعض المستعجلين أدى بهم ذلك إلى التخبط في التعامل مع السنة، وقد استظهر الشافعى صنيع هؤلاء في الكتاب بقوله: “وصفت في كتابي هذا المواضع التي غلط فيها من عجل في العلم قبل خبرته”.[7]

طرق إزالة الاختلاف بين الأحاديث المتعارضة

 سلك المؤلف مراحل ثلاث لرفع التناقض والوقوف على حقيقة المراد من نص الحديث:

أولا: مسلك الجمع بين الأحاديث بعدة اعتبارات، إما الجمع بتخصيص العموم أو بتقييد المطلق، أو بحمل الوجوب على الندب لوجود صارف، أو بحمل المجمل على المفسر، أو بجعلها من قبيل المباح واختلاف التنوع لا اختلاف التناقض والتضاد، أو باختلاف المقامات والأحوال وغير ذلك من طرق التوفيق بين الأحاديث. والأمثلة على هذا المسلك كثيرة جدا في الكتاب.

وقد افتتح المؤلف أبواب الكتاب بـــ “باب الاختلاف من جهة المباح” وذكر عديدا من الأحاديث المتعارضة لكنها من جهة المباح لا اختلاف التضاد.

ومما ذكر: حديث” وضوء النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة، وأنه توضأ ثلاثا ثلاثا أو مرتين مرتين”.

قال الشافعي: ولا يقال لشيء من هذه الأحاديث: مختلف مطلقا، ولكن الفعل فيها يختلف من وجه أنه مباح لاختلاف الحلال والحرام، والأمر والنهي، ولكن يقال: أقل ما يجزي من الوضوء مرة، وأكمل ما يكون من الوضوء ثلاث[8]

ثانيا: مسلك النسخ عند تعذر الجمع، حيث حرر المؤلف في بعض الروايات المختلفة بأن التناقض بينها مدفوع بإثبات وجود الحكم الناسخ وإلغاء الحكم المنسوخ، وحصر طرق الاستدلال البينة على النسخ في ثلاثة أمور: 1- إما بالنص المرفوع أو الموقوف أو المقطوع، 2-وإما بالاجماع، وعبر عنه بالعامة، 3-وإما بمعرفة تاريخ المتقدم من المتأخر.[9]

ومن أمثلة ذلك في الكتاب: حديث عمار «فتيممنا مع رسول الله إلى المناكب» رأى الشافعي أن ذلك حين نزول آية التيمم ثم كان منسوخا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم بعده.

ثالثا: مسلك الترجيح، لا يصير المؤلف إلى الترجيح إلا بعد استنفاذ طرق الإعمال لجمبع الأحاديث، وعندها ينتهج منهج الترجيح بينها لرفع التعارض ثم يأخذ بالراجح منها مدعما بأدلة مقنعة، قال رحمه الله في هذه المرحلة:” لا يخلو أن يكون أحد الحديثين أشبه بمعنى كتاب الله، أو أشبه بمعنى سن النبي صلى الله عليه وسلم، مما سوى الحديثين المختلفين، أو أشبه بالقياس، فأي الأحاديث المختلفة كان هذا فهو أولاهما عندنا أن يصار إليه”[10] وإنه يشير بهذا القول بأن وجوه الترجيح كثيرة.

ومن ذلك ترجيح حديث « التغليس بالصبح » على حديث « أسفروا بالصبح»قال الشافعي:” فقلنا: إذا انقطع الشك في الفجر الآخر وبان معترضا فالتغليس بالصبح أحب إلينا،.. لأن التغليس أولاهما بمعنى كتاب الله، وأثبتهما عند أهل الحديث، وأشبههما بجمل سنن النبي صلى الله عليه وسلم، وأعرفها عند أهل العلم”[11].

وترى ترجيح الإمام هنا أكثر من وجه، حيث رجح الحديث من جهة الإسناد، وبدلالة الكتاب، وبضوء السنة المشهورة، وأنه قول الجمهور.

وهذه نبذة يسيرة عن منهج الإمام الشافعي في التعامل مع الأحاديث المتناقضة في الظاهر.

وفي الأخير، يبقى القول: إن الكتاب لا يخلو من الأحاديث الضعيفة وإن كان قليلا جدا، وإنه غير مرتب على ترتيب كتب الفقه المشهورة، وكذا لم يستوعب أبواب الدين ولا يشمل الأحاديث المتختلفة في الفقه، لكن برر النووي للشافعي بأنه “لم يقصد استيفاءه، بل ذكر جملة ينبه بها على طريقه”[12]

ويبقى الاحتفاء بالكتاب بأنه فريد في بابه وأول لبنة في قواعد علم المختلف، وكل ما أُلف بعده عيال عليه، وبذلك قد أدى الإمام الشافعي خدمة جليلة للمحدثين، كما أنه أدى خدمة أخرى في سد باب شكوك في السنة النبوية الصحيحة عن بوابة دعوى التناقض في الحديث النبوي.

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| 473548896
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Admin

⚫
Admin

وسام العطاء
وسام العطاء
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 880
نقاط التميز : 23694
السمعة : 0
تاريخ التسجيل : 24/05/2020
العمر : 45
الموقع : {المملكة المغربية}

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين أكتوبر 12, 2020 7:28 pm

كتاب يوجز مهارات ” المتحدث الجيد”

||♦ قسم الكتب ♦|| CkcHzaAXEAAaGM_-1-489x275

يبدو أن الإنسان كان على مدار التاريخ في حاجة ماسة إلى أن يمتلك من قوة البيان ووضوح الخطاب ونصاعة الحجة ما يمكنه من نشر أفكاره و الإقناع بها , بالإضافة إلى الدفاع عنها والدفاع عن الحقوق المغتصبة .إن التفوق اللغوي والبلاغي تحتاج إليه الصفوة بحكم موقعها القيادي , كما أن ذلك التفوق قادر في كثير من الأحيان على جعل أشخاص عاديين ينظر إليهم على أنهم من الصفوة التي يحسب حسابها .

إن الرسل – عليهم الصلاة والسلام – بوصفهم حملة رسالة كانوا دائما يتمتعون بدرجة عالية من وضوح البيان والقدرة على الشرح والإقناع ,وقد اعترف قوم نوح – عليه السلام – له بأنه جادلهم فأطال جدالهم حين قالوا : ( قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ) .وكان من جملة منن الله تعالى على داوود – عليه السلام – ما آتاه الله من القدرة البيانية حين قال : ( وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب ) .

وقد ذكر بعض المفسرين أن المراد بفصل الخطاب هو الفصل بين الحق والباطل أو هو الإيجاز بجعل المعنى الكثير في اللفظ القليل .  وقد طلب موسى – عليه السلام – من ربه – جل وعلا – أن يحسن بيانه ، وأن يرفده بأخيه هارون ليكون مؤازرا في تبليغ رسالته لكونه أفصح منه لسانا حيث قال : ( واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هرون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا ) وقال: ( وأخي هرون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون ).

وأرشد نبيه – صلى الله عليه وسلم – إلى أن يدعو الناس بتلطف ولين دون مخاشنة ولا تعنيف , وأن يستخدم معهم أحسن أسلوب في الحوار والجدال حيث قال – سبحانه – ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) .

ملخص فصول الكتاب

أولا : البحث عن الجودة :
يواجه المتحدثون والخطباء تحدياً غير مسبوق عبر الدفق الإعلامي الهائل. ففي حين كان خطيب الحي هو الوحيد الذي يسمعه الشخص أصبح يسمع لآلاف المنظرين وأصحاب الآراء والأفكار، ومنهم من هو على مستوى عال من الثقافة وجودة الإلقاء. إن من فضل الله على الأمة الأمر باجتماعها كل أسبوع، فهل استثمرنا هذا اللقاء؟ إن خطبة الجمعة ما تزال تقوم بجزء من دورها لكنه أقل مما يجب. لأسباب منها إتباع البعض الأسلوب الوعظي وتكرار الموضوعات لدى كثير من الخطباء، وبعضهم لا يهتم بالخطبة أصلاً.
إن إدخال التحسينات على الخطاب لا يعني الوصول للكمال، بل لابد من البحث عن التحسينات بشكل مستمر. إن تحسن مستوى مخاطبة الناس والتأثير فيهم مطلب عام في الحقيقة، فوضوح التعبير شرط للنجاح في الأعمال الحياتية. والدعوة إلى الله ليست وظيفة يقوم بها فئة متخصصة، بل هي وظيفة عامة ومشتركة لكل مسلم. ولابد أن يكون ضمن مناهج الجامعات مادة للخطابة والحوار والتفاوض أسوة بالعديد من الدول المتقدمة.

ثانيا : صفات الشخصية :
في الحالة المثالية يأخذ الناس من المتحدث ما يريدون من خلال ما يسمعون، ويحددون موقفهم من كلامه لا منه. لكن التعامل لا يتم على هذا الأساس من الموضوعية الكاملة دائماً. وباعتبار اللغة ناقل غير كفء للمعاني،فإن الجمهور يعوض النقص في المعاني عبر تلمس وضعية المتكلم والإشارات التي يمكن أن يبعث بها.

وأهم هذه الأمور التي تؤثر في فهم الجمهور:

1- سرعة البديهة :هي سرعة إدراك ما يتطلبه العارض الطارئ من رد فعل مناسب، كاعتراض مستمع أو انقطاع التيار أو توقف مكبرات الصوت، مما يحتاج تصرفاً ذكياً من المتحدث، وقد يكون السكوت أو التجاهل هو الحل الأمثل إذا لم يعثر الخطيب أو المحاضر على الكلمات التي تسعفه على نحو جيد وصحيح.

2- من السمات المؤثرة الحماس لما يقول وتعاطفه مع الأفكار التي يطرحها والقضية التي يعمل على إقناع الناس بها. إن برودة العاطفة تتجلى مهما حاول الخطيب إخفاءها، أما صدق العاطفة فيأتي من اعتقاد المتحدث بأهمية ما يدعو إليه وخطورة عدم التجاوب معه. مع الانتباه ألا تجاوز الحماسة حدودها إلى المبالغة وتجاوز الحقيقة.

3- حسن المظهر عامل من عوامل تأثير المتحدث في عقول سامعيه ونفوسهم. إن نظافة وأناقة وتناسق الثياب تعزز ثقة الإنسان بنفسه. وأكثر الناس يقتنعون بالفكرة إذا اقتنعوا بمن يوردها. فالمضمون العظيم قد يرفض إذا قدم بشكل مزر. وحضارة اليوم حضارة صورة وشكل وتنظيم، ويجب مراعاة هذه الوضعية وأخذها بعين الاعتبار.


4- يحب الناس الوضوح، ويحبون معرفة الخلفية الثقافية والأسرية والمعيشية للذين يوجهونهم ويعلمونهم. وهذا يقتضي الشفافية مع إبقاء أمور ضمن الخصوصيات التي لا يطلع عليها أحد، لكن دون مبالغة في التكتم. ويمكن للداعية أن يتحدث عن بعض تجاربه الشخصية وبعض نجاحاته وإخفاقاته وبعض ظنونه وأوهامه، وليمارس النقد الذاتي.
5- يحتاج المتحدث الناجح إلى أن يكون قريباً ممن يحدثهم مقبولاً لديهم. وإلا فإن بلاغة ألفاظه وجودة إلقائه قد لا تزيده منهم إلا بعداً.
وأهم ما يحقق ذلك انسجام ما يقول مع المعروف من مواقفه. ومن المفيد استخدام الضمائر الدالة على المتكلم عوضاً عن الضمائر الدالة على المخاطبين، فيقول (نحن مقصرون) عوضاً عن (أنتم مقصرون) مع مراعاة أصول اللياقة والمجاملة، واستخدام التلميح أسوة بالرسول صلى الله عليه وسلم (ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا . . . ).
ومن المهم ألا يتناول قضايا ومشاكل بالاستقصاء التام والدقيق، في خطبة ليست حلقة دراسية.
ومما يباعد المتحدث عن سامعيه الكبر، ومن المفيد التحبب للأشخاص بمناداتهم بأسمائهم، وإلقاء السلام عليهم.


6- جهارة الصوت ورخامته من نعم الله، وعلى المتحدث أن يعرف كيف يستفيد منها في استمالة مستمعيه والتأثير فيهم.

وذلك لأن :
أ- الكلمات ناقل رئيسي للدلالات والمعاني، لكنها ليست العامل الحاسم. وتشير الدراسات إلى أن نغمة الصوت والمظهر الخارجي للشخص تساهم في 90% من الانطباع المتكون، وأن نغمة الصوت وقوته وحدته سرعته لها تأُثير يصل إلى 35% من تفسير الآخرين لما نقول.
ب- التأكد دائماً من ملاءمة الصوت للسامعين، فالصوت المرتفع مزعج ومؤذ، والصوت المنخفض يحرم البعيدين عن المحاضر سماعه والاستفادة منه.
وهناك حاجة لتغيير وتبديل طبقة الصوت من أجل دفع السأم والملل، وحسب المكان فالمكان المفتوح يحتاج صوتاً أكثر ارتفاعاً من المغلق.
جـ- والمهم هو الموازنة بين السرعة البطء في الكلام. فالسرعة الزائدة تجعل الناس لا يستوعبون الرسالة، والبطء يجعلهم يملون ويشردون.
وفي حين أن المتحدث في الفضائيات يحتاج للسرعة والجنوح للجمل القصيرة.
د- من المهم الاهتمام بمواطن الوقف أثناء الكلام لمساعدة المستمع على الفهم. والوقفات القصيرة بين الكلمات تحدث تأثيراً بالغاً إذا أحسن اختيار أماكن الوقف.

ثالثا : التعبير غير اللفظي
مهما كانت درجة البلاغة فهي لا تضمن قبول الأفكار، وتبقى بحاجة لتدعيم ومساندة من خلال الوضعية العامة للمتحدث وهيئته وجلسته، والسامع على حق في ذلك، لأن الكثير من المصداقية يستمد من انسجام وضعيتنا العامة مع ما نقوله ونبشر به أو نحذر منه.

وفي هذا الموضوع ملاحظات :

1- دراسات رصدت دور المعطيات غير اللفظية في قبول الكلام والاقتناع به منها دراسة الأستاذ (ألبرت مهرابيان) حول الاتصال المرئي.

وهو يرى أن الرسالة يمكن أن تدرك بثلاث طرق:
أ- مرئي باللغة الجسدية تأثيرها 55%.
ب- صوتي من خلال النغمة ونبرات الصوت ويبلغ تأثيرها 38%.
جـ- شفهي وهي دلالة اللفظ على المعنى ويبلغ تأثيرها 12%.
أي أن 93% من التأثير يعود للغة الجسدية ونغمة الصوت، والبعض يرى أن قياس التأثير بهذا الشكل فيه مبالغة إلى حد كبير.
2- حين يرتاح الناس لوضعية شخص يبدؤون البحث عن الإيجابيات فيشخصيته. وحين يعجبون به يتلمسوه فيه العناصر التي منحته الجاذبية، وحين يحدث شيء من هذا ذاك تكتسب كلماته دلالات أكثر لمعاناً وأشد كثافة. وبداية الطريق ترك انطباع إيجابي لدى المستمعين.
3- من المهم الاعتدال في الحركة أثناء الخطبة والمحاضرة والحوار. فقلة الحركة قد تعبر عن التمكن من الموضوع وعن الرزانة، لكن قد يدخل فيها شيء من الكبر والعجب. وكان القدماء يعيبون على الخطيب الحركة. أما حالياً فتعد بعض الحركة المعتدلة (دون الإفراط الذي يجعل الخطيب كالمهرج) مقبولة كي لا يبقى المتحدث كالمومياء دون روح. وهذا يعود تقديره إلى الاجتهاد الشخصي.
4-  بوصف اللغة ناقلاً غير جيد فمما يحسن أداءها قرن الإشارة ببعض مفرداتها وجملها. مع المحافظة على القاعدة العامة، وهي عدم الإكثار من الإشارة حتى لا يتشتت ذهن السامع وينصرف انتباهه. ولتكن الإشارة براحة الكف لا بالأصابع.
5- – للنظر أهمية كبيرة في توضيح المعاني وإيصال الرسائل إلى السامعين. فالعين مرآة الروح، وهي هامة للتفاعل بين المتسامرين والمتخاصمين. فنحن عندما نرتاح لشخص ننظر إليه مدة تصل إلى 70% من وقت الخطاب، وعند الإعراض تقل هذه المدة عن 40%. ومن المهم للمتحدث ألا يتحيز بنظره نحو جهة من المجلس أو يديم نظره إلى شخص أو مجموعة من المتفاعلين معه.
6- للوصول إلى أفضل تواصل وتفاعل مع من نتحدث إليهم فنحن بحاجة إلى انسجام انفعالاتنا وعواطفنا مع الكلمات التي نلقيها. فالناس يهتمون بمعرفة موقف المتكلم مما يقول ومدى قناعته به. ففي الحديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان إذا خطب احمرت عينه، وعلا صوته، واشتد عضبه حتى كأنه منذر جيش . . . .).
ويخضع انفعال المتحدث لأمرين هامين هما الموقف والموضوع. فالعاطفة مهمة في الخطب الجماهيرية. أما عند الحديث عن قضية فقهية أو علمية، أو شرح مشكلة حضارية فإن الأسلوب الأكثر ملاءمة هو الهدوء وتحييد العواطف والبعد عن المحسنات اللفظية. فرفع الصوت والانفعال الزائد أمور غير محبذة اليوم، في حين أن الابتسامة والاستبشار والبشاشة مطلوبة.

رابعا : ثقافة المتحدث
إن العامل الأساسي في نجاح المتحدث وتأثيره ما يملكه من معلومات ومعارف عميقة ودقيقة وشاملة حول الموضوع الذي يتحدث فيه، لأن ثورة الاتصالات جعلت الناسي يتجاوزون الكلمات الرنانة إذا لم ترتكز على معطيات علمية موثوقة.

وفي ظل الانفجار المعلوماتي حدث أمران هامان:

أ- توفر كمية هائلة من المعلومات في كل مجال وكل اتجاه وعلى كل مستوى.
ب- ارتقاء معارف الناس بفنون القول وأشكال الخطاب من خلال الاطلاع والمقارنة.
والمتحدث الجيد بحاجة لزيادة معارفه على صعيدين: مستوى الخلفية الثقافية، ومستوى الإلمام بالموضوع الذي يطرقه، وهذا يحتاج جهداً ومثابرة وتنقلاً ما بين ربوع المعرفة المختلفة.

وهو بحاجة لتعميق معرفته في ثلاثة حقول:

الثقافة الشرعية، والثقافة العامة، والثقافة المتخصصة.

وعلى مستوى الإلمام بالموضوعات هناك ملاحظات :
1- أن يعرف المتحدث على نحو دقيق عن أي شيء يريد أن يتحدث. ولا ينتقل من موضوع إلى موضوع مسبباً الارتباك لسامعيه.
2- ما يمكن أن يكون موضوعاً لخطبة الجمعة يفوق الحصر. لذلك من المهم معرفة اختيار الموضوع الأكثر ملاءمة والأكثر أهمية وقت الحديث.

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| 473548896
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ادارة المنتديات

⚫
ادارة المنتديات

وسام العطاء
وسام العطاء
الحضور المميز
الحضور المميز
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 276
نقاط التميز : 21855
السمعة : 10
تاريخ التسجيل : 13/07/2020
الموقع : ❤️فلسطين❤️

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأحد فبراير 14, 2021 12:31 am

كتب
[size=38]رعاية الشيخوخة في الحضارة الإسلامية
[/size]
10/02/2021 مصطفى عاشور شارك  
||♦ قسم الكتب ♦|| %D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8_%D9%81%D9%8A-_%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A9--300x150
"كلما شعروا ببرد القبر أكثر كلما طلبوا دفء العلاقات الإنسانية”  فـ”الشيوخ يرجعون بالفكر إلى أيام شبابهم رجوع الغريب المشتاق إلى مسقط رأسه، ويميل إلى سرد حكايات الصبا، ميل الشاعر إلى تنغيم أبلغ قصائده، فهم يعيشون بالروح في زوايا الماضي الغابر، لأن الحاضر لا يمر بهم ولا يلتفت، والمستقبل يبدو لأعينهم متشحاً بضباب الزوال وظلمة القبر” ، تلك هي الشيخوخة، بكل ما تحمله من وهن وفناء وانزواء، ومشاعر بأن لحظات العمر لم يبقى فيها إلا القليل، ناهيك عن أمراض الشيخوخة التي لا شفاء منها، وأوجاعها التي لا راحة معها.

[size=20]شيخوخة العالم

العالم يشهد شيخوخة كبيرة لم يعرفها من قبل، فنسبة كبار السن تتزايد، والهرم السكاني لم يعد المواليد يحتلون قاعدته، تشير الاحصاءات العالمية أن من تزيد أعمارهم عن (65) عاما تزيد نسبتهم عن 16% من سكان العالم، وتزيد هذه النسبة في البلاد المتقدمة، وتؤكد إحصاءات الأمم المتحدة أن هناك أكثر من (700) مليون شخص تزيد أعمارهم عن ستين عاما، وأنه بحلول عام 2050 ستقترب من البليونين، أي 20% من سكان العالم، ومن المتوقع أن من تزيد أعمارهم عن الثمانين عاما ستزيد ثلاثة أضعاف لتصل إلى (426) مليون شخص عام 2050، وأشارت منظمة الصحة العالمية أن البشر أصبحو يعيشون أطول، وأن العالم مقبل على شيخوخة سكانية لم يعرفها تاريخه من قبل.
يرتبط بتلك الشيخوخة تحولات على المستوى الصحي والحياتي والاقتصادي، إذ يتغير نمط الاستهلاك، وينمو القطاع الصحي في طب الشيخوخة، وتكثر دور المسنين، ويزداد أعداد المتقاعدين، إضافة إلى تحولات على المستوى الاعتقادي والديني، فتؤكد دراسة أمريكية نشرت عام 2019 بعنوان "الدين والروحانيات عند كبار السن” أن 90% من كبار السن في الولايات المتحدة يعتبرون أنفسهم متدينون، كما أن غالبية كبار السن يلتزمون بالحضور إلى أماكن العبادة، ويشاركون في الشعائر الدينية، ويلعب الدين دورا أساسيا في حياتهم، وأشارت الدراسة أن تحسن الصحة الجسدية والعقلية لكبار السن يرتبط بالدين، فالتدين يؤدي إلى التعافي السريع للمسنين، بل أكدت الدراسة أن مفهوم الإعاقة نفسه يتغير حسب درجة التدين، كما أن الأشخاص الذين يلجئون للدين يكونون أقل عرضة للاكتئاب والقلق، وكثير من المسنين لديهم سلوكيات تعزز صحتهم، خاصة تجنب الخمور والتدخين.
وفي دراسة أخرى بعنوان "لماذا كبار السن متدينون جدا؟” يرى الكاتب "لورنس وايت” Lawrence T. White أن المسلمين عندما يصلون إلى الشيخوخة لا يصبحون أكثر تدينا، لأنهم متدينون طوال حياتهم، فالدين لا ينفصل عن غالبيتهم، وأكد "وايت” أن الدين يخلق إحساسا بالمعنى لدى المسنين، وهو احتياج ذو أهمية في مراحل العمر المتأخرة، لأن الشيخوخة تميل إلى تضخيم المخاوف، وتخلق شعورا بعدم الأمن مع الاحساس باقتراب الموت، لذا يصبح الدين ذا أهمية قصوى لكبار السن.
وفي دراسة استقصائية لمعهد بيو لأبحاث الدين، بعنوان "لماذا تختلف مستويات ممارسة الشعائر الدينية حسب العمر والبلد؟” أكدت على حضور الدين في الفئات العمرية المتقدمة، ورأت أن الأجيال الشابة تكون أقل تدينا، وذكر التحقيق أن أكثر من 48% من ذوي الفئة العمرية التي تزيد على 65 عاما تذهب إلى الكنيسة بانتظام في الولايات المتحدة، ويشكل الدين أهمية لهم، وفي دراسة أخرى عن الشيخوخة والتنمية الاجتماعية والثقافية قام بها الباحثان David Hayward  &  Neal Krause من جامعة ميتشغان عام 2015 على مدار (33) عاما، قاما فيها بتحليل بيانات عينة زادت على سبعمائة ألف شخص من ثمانين دولة، لمقارنة العلاقة بين الثقافات والسن والتدين، خلصت أن الأشخاص يكونون أكثر تدينا مع تقدم أعمارهم، وأن الخوف من الموت ظاهرة عالمية تدفع كبار السن إلى طلب الطمأنينة من خلال الدين.
أما دراسة الدين والروحانيات عند كبار السن لـ”جوي إنترياغو” Joy Intriago فأشارت أن 90% من كبار السن يعتبرون أنفسهم متدينين، وأن هناك الكثير من الفوائد العقلية والجسدية للتدين على المسنين، وللشعائر الدينية أهمية كبيرة في ذلك العمر على اعتبار أنها تقوي الجانب الروحي، فالدين يمثل قوة إيجابية لكبار السن في مواجهة الحياة، إذ يمنح تلك الحياة المرونة والأمل، ويجنبهم العزلة الاجتماعية خاصة في حال قيامهم بأنشطة تطوعية وخيرية، ودعمت الدراسة رأيها بالقول أن هناك أكثر من (350 ) دراسة تتعلق بالصحة البدنية، و(850) دراسة تتعلق بالصحة العقلية، تُظهر نتائج أفضل للمسنين عندما يكون الدين والروحانيات من صميم أنظمة قيمهم الخاصة، فالأشخاص المتدينون يميلون إلى الاهتمام بصحتهم، وتناول الطعام بشكل أفضل، ونشرت مجلة الجمعية الطبية الأمريكية دراسة تفيد أن الأنشطة الدينية تقلل عدد أيام الاستشفاء للمسنين بشكل عام، ويرشد كتاب ” الشيخوخة التأملية”  إلى وسائل لمن تجاوز عمرهم الستين عام للقيام بأنشطة تأملية، حيث يشرح البرفيسور "شيرمان” Edmund Sherman كيف أن التأمل يُوقف التدهور العقلي والجسدي لكبار السن.
||♦ قسم الكتب ♦|| 222121-600x330كتاب ” الشيخوخة التأملية”
لكن الغريب أن كثير من هذه الكتب التي تُعني بكبار السن تريد أن تحقق تحسن في أحوال المسنين الصحية والعقلية دون أن تُجيب عن أسئلتهم الوجودية التي عاشوا حياتهم المديدة دون أن يظفروا بإجابة شافية عنها، والغريب أن ذلك الإنسان في شيخوخته الفانية ما يزال جاهلا بخالقه-سبحانه وتعالى- كما أن ما يصدر من مؤلفات وأبحاث مازال يصر على الدوران في الإطار المادي، حتى ولو تحدث عن الروح والتأمل، فدائما تُناقش من منظور مادي، من خلال تأثيراتها على الصحة والعافية، وليس سعيا للنجاة في الحياة الآخرة، التي باتت تترآي لكبار السن بصورة شديدة الوضوح.
ويناقش كتاب ” الروحانيات والدين والشيخوخة” Spirituality, Religion, and Aging لـ "هولي نيلسون بيكر” Holly Nelson-Becker، ثمانية أديان في رعاية المسنين، وكيفية منحهم الطمأنينة، فيؤكد الكتاب أن التدين والروحانية من العوامل ذات التأثير الايجابي في سن الشيخوخة، ومع تزايد الشيخوخة في الهرم السكاني في كثير من الدول، فإن المتوقع أن يكون هناك تزايد موازي لحضور الدين في المجتمعات.
||♦ قسم الكتب ♦|| 211222-600x330كتاب ” الروحانيات والدين والشيخوخة”

البحث عن الطمأنينة

ولكن ما علاقة الإسلام بذلك الحديث الطويل عن تأثيرات التدين على الشيخوخة؟
الحقيقة أن الإسلام مرتبط ارتباطا وثيقا بالإنسان، فالدين ما جاء إلا لسعادة الإنسان في الدارين، وخلق طمأنينة واسعة في قلبه، وهنا لابد من إبراز عطاء الإسلام للإنسان في شيخوخته، على مستويين:
الأول: هو خلق الطمأنينة في تلك المرحلة المتأخرة من العمر، تبشر الإنسان بأن الحياة القادمة ستكون أفضل، وأن الخالق-سبحانه وتعالى- لا يُعد له الشر والعذاب، مادام يعترف له بوحدانيته ويقدم التوبة على ما سبق من أفعاله، ويبدي الندم على ما فاته من أعمال صالحة.
هذه الطمأنينة التي يبثها الإسلام في نفس هذا الشيخ الفاني، تجعله لا يغمض عينيه على خوف الموت المفاجيء، أو المصير المخيف، بل يغمض عينيه على شوق دفين بأن الحياة القادمة ستخلصه من آلام الشيخوخة الحالية، وستعطيه شبابا وعافية ونعيما، ففي الأثر الذي رواه الإمام أحمد في كتاب "الزهد” أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال:” إن الله ليستحي أن يعذب ذا شيبة في الإسلام”، وفي حديث آخر، جاء شَيْخٌ كَبِيرٌ يَدَّعِمُ عَلَى عَصًا لَهُ، إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي غَدَرَاتٍ وَفَجَرَاتٍ، فَهَلْ يُغْفَرُ لِي؟ قَالَ: "أَلَسْتَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟” قَالَ: بَلَى، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: "قَدْ غُفِرَ لَكَ غَدَرَاتُكَ وَفَجَرَاتُكَ” ، وفي حديث الترمذي قال-صلى الله عليه وسلم-:” الشيب نور المؤمن, لا يشيب رجل شيبة في الإسلام إلا كانت له بكل شيبة حسنة، ورفع بها درجة”.
الثاني: مستوى الرعاية لكبار السن، وتقديم الاحترام لهم، والأحاديث هنا كثيرة للغاية، كما حث الإسلام على احترام كبار السن من غير المسلمين، وتشير روائع الحضارة الإسلامية أن هؤلاء كانوا يُعفون من دفع الجزية، بل كان يخصص للمحتاجين منهم ما يكفيهم ويعينهم على مواجهة الحياة من أموال المسلمين، فقد نص صلح "خالد بن الوليد ” مع أهل الحيرة: "وجعلت لهم: أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنياً فافتقر وسار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين وعياله”.
||♦ قسم الكتب ♦|| 221122-600x330كتاب ” شيخوخة السكان والقيم الإسلامية لرعاية المسنين”
يكشف ” يعقوب أبو بكر” Yakubu Abubakar في كتابه ” شيخوخة السكان والقيم الإسلامية لرعاية المسنين” Population Aging and Islamic Values of Elderly Care عن القيم الإسلامية الكبيرة في رعاية المسنين وتقديم الدعم الاجتماعي لهم، فتفرض شيخوخة السكان أن تُقدم القيم والشعائر والأخلاق الإسلامية التي تدعم كبار السن في الزكاة والصدقة والوقف، بطريقة تبرز عظمة الإسلام وتعاليمه.
[/size]

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| D43f2ad55c83dba80182fa204d8b2b2e
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ادارة المنتديات

⚫
ادارة المنتديات

وسام العطاء
وسام العطاء
الحضور المميز
الحضور المميز
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 276
نقاط التميز : 21855
السمعة : 10
تاريخ التسجيل : 13/07/2020
الموقع : ❤️فلسطين❤️

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالأحد فبراير 14, 2021 12:33 am

 ||♦ قسم الكتب ♦|| Like
شريعة
[size=39]موسوعة صناعة الحلال

10/02/2021 مسعود صبري شارك  
||♦ قسم الكتب ♦|| Alm-300x150
صدر حديثًا عن (وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت) موسوعة صناعة الحلال، وتقع في 3 مجلدات، إعداد وجمع وترتيب: وحدة البحث العلمي  بإدارة الإفتاء بالوزارة.
وقد استغرق العمل ثلاثة أعوام، شمل فتاوى علماء الأمة على مدى ثلاثة عشر قرنا، فهي تجمع بين فتاوى العلماء قديما وحديثا، كما تشتمل على فتاوى مؤسسات الإفتاء ومشاهير المفتين.

أهمية موسوعة الحلال

تعد هذه الموسوعة الأولى التي تعالج قضايا صناعة الحلال بشكل شامل من خلال أحد عشر جانبا، وهي بهذا تلبي حاجة المسلمين وتجيب عن مئات المسائل الغامضة فيما يتعلق بصناعة الحلال في بلاد المسلمين وينتفع بها المسلمون في غير بلاد المسلمين فيما يتعلق بصناعة الحلال عندهم، كما أنها تحقق مرجعية الشريعة في حياة المسلمين فيما يتعلق بشؤون حياتهم من الطعام والشراب والدواء والكساء وغيرها، وهي بهذا تعد إضافة نوعية للمكتبة الإسلامية عامة، والمكتبة الفقهية خاصة.

مكونات الموسوعة

تتكون الموسوعة من مقدمة علمية وأحد عشر بابا مرتبة ترتيبا فقهيا. أما المقدمة فقد اشتملت على أهمية الموسوعة ومنهج العمل وخطته، وبينت عناية الإسلام بالمطعومات والمشروبات والضوابط الفقهية فيهما، وبيان دور إدارة الإفتاء في صناعة الحلال، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تناولت صناعة الحلال، وختمت المقدمة ببيان المصطلحات والألفاظ المهمة في صناعة الحلال.
ثم كان الباب الأول في فتاوى الأطعمة، والثاني: فتاوى الأشربة، والثالث: فتاوى التذكية، والرابع: فتاوى الآنية، والخامس: فتاوى الطهارة والنجاسة، والسادس: فتاوى في المخدرات والمفترات، والسابع: فتاوى في المواد المضافة، والثامن: فتاوى الطب والتداوي، والتاسع: فتاوى مستحضرات التجميل، والعاشر: فتاوى اللباس والزينة، والحادي عشر: فتاوى متفرقات.

منهج العمل في الموسوعة

تمثل منهج العمل في الموسوعة بجمع الفتاوى الصادرة عن علماء المذاهب الأربعة منذ القرن الثاني الهجري وما صدر عن دور وهيئات الفتوى الرسمية، وكذلك فتاوى العلماء المعتبرين من المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين، والقرارات والتوصيات الصادرة عن المجامع الفقهية المؤتمرات العلمية.

إحصائيات الموسوعة

بلغ عدد صفحات الموسوعة ( 1263) صفحة، موزعة على النحو التالي: المجلد الأول: (364) صفحة، والمجلد الثاني: (491) صفحة، والمجلد الثالث: (408) صفحات. وقد بلغ عدد إجمالي الفتاوى(1206) مسألة، وعدد القواعد والضوابط الفقهية التي وردت في الموسوعة (81) قاعدة، وبلغ عدد المفتين (57) مفتيا، مابين شخص وهيئة، وقد ترجم لهم في ملحق خاص. كما بلغ عدد المفردات الغريبة التي بينت معانيها (148) مصطلحا ومفردة.

اقتراحات

الأمر الأول: لما كانت الموسوعة يرتكز عملها على جمع الفتاوى قديما وحديثا، وهو جهد مشكور، إلا أنه بناء على هذا، فقد وقع التكرار في الموسوعة، من حيث تكرار الفتاوى في الموضوع الواحد، ربما بنفس المضمون، وإن تعدد المفتون أو جهات الفتوى، مما يفتح المجال لاختصار الموسوعة، ويبقى العمل الأصيل ذا مرجعية وأهمية.
الأمر الثاني: أن الموسوعة فتحت المجال لكتابة موسوعة في صناعة الحلال بناء على المصطلحات والتقرير الفقهي بناء على المصطلح وكتابة الأحكام الفقهية في كل مصطلح من المصطلحات، وهو – بلا شك- عمل آخر غير جمع الفتاوى، لأن الفتاوى لها تعلق بالسؤال والسياقات التي سيقت فيها، بخلاف موسوعة فقهية تقرر أحكام صناعة الحلال.
الأمر الثالث: هو الحاجة إلى ترجمة الموسوعة إلى لغات متعددة، أو ترجمة المختصر بعد كتابته.
[/size]

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| D43f2ad55c83dba80182fa204d8b2b2e
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ادارة المنتديات

⚫
ادارة المنتديات

وسام العطاء
وسام العطاء
الحضور المميز
الحضور المميز
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 276
نقاط التميز : 21855
السمعة : 10
تاريخ التسجيل : 13/07/2020
الموقع : ❤️فلسطين❤️

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مايو 11, 2021 5:33 am

“تفسير القرآن العزيز” لابن أبي زَمَنِين: عرض وتعريف


03/05/2021 شيخنا محمد عمو

شكّل القرآن الكريم للبشرية دستوراً مُحكَماً ومنبعاً صافياً ثرياً، فأقبل عليه المتعطّشون للهداية والسعادة والحكمة لينهلوا من مَعِينه الذي لا ينضب، يتقدمهم علماء التفسير الذين كانت لهم اليد الطُّولَى في تقريب وتبسيط معاني هذا الكتاب العزيز للناس عامة وخاصة، حيث بذلوا جهوداً جبَّارة وتنافسوا في هذا الميدان الشريف تنافساً إيجابياً، فتعدّدت كتب التفاسير مثل: “تفسير القرآن العزيز” حتى صار من الصعب حصرها والكشف عن حقيقتها وأهميتها ومصادرها ومناهجها ومذاهبها في كتاب أحرى في مقالة.
والحقيقة التي لا مِراء فيها أن هناك مجموعة من التفاسير القرآنية ذاعَ صيتها بين الناس عامة وخاصة، فأصبح الباحثون والمهتمون بالقرآن وعلومه يعودون إليها من أجل فهم مضامين النص القرآني وما يتعلق به من علوم جليلة نافعة، ولكن في المقابل هناك تفاسير قرآنية مهمة لم تأخذ القدر الكافي من الشُّهرة والعناية والدراسة مقارنة ببعض التفاسير المشهورة بيننا اليوم، ومن التفاسير القديمة التي ينبغي أن نُعرّف بأهميتها وقيمة أفكارها ومنهجها “تفسير القرآن العزيز” للإمام القدوة الزاهد شيخ قرطبة أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين (324-399 هـ).
وحرصاً على الإسهام في التعريف بأعلام علم التفسير، سنحاول في هذه المقالة أن نقدّم نبذة موجزة عن المفسّر السنّي المالكي المعروف اختصاراً بـ “ابن أبي زمنين”، حيث سنعرّج على حياته ومكانته العلمية وكتبه المتعدّدة ومصادر ترجمته، ثم نركّز بعد ذلك على التعريف بتفسيره المهم الذي يتألف من خمسة أجزاء، يتناول الأول (الفاتحة – النساء)، والثاني (المائدة – النحل)، والثالث (الإسراء – الأحزاب)، فيما يتناول الرابع (سبأ – الطلاق)، والخامس (التحريم – النساء).


أولاً، نبذة عن الإمام ابن أبي زمنين


صاحب “تفسير القرآن العزيز”، الذي نحن بصدد الحديث عنه، هو محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد المري الإمام أبو عبد الله الإلبيري المعروف اختصاراً بـ “ابن أبي زَمَنِين” بفتح الزاء والميم وكسر النون، نزيل قرطبة سمع وروى، وكان عارفاً بمذهب الإمام مالك بن أنس (ت: 179 هـ)، متفنناً في الأدب والشعر، مقتفياً لآثار السلف[1].
يعتبر ابن أبي زمنين من علماء التفسير في القرن الرابع الهجري، ولهذا فهو قريب عهد بالقرون الثلاثة الأولى المفضلة، له مكانة مرموقة عند علماء التفسير والحديث والفقه والعقيدة والشعر والأدب والاجتهاد والفلسفة، وكان ابن رشد يعزو له، قال ابن السالك: “ورأيت ابن رشد يعزو له ويعبّر عنه ببعض أهل النظر، ويعني بأهل النظر أهل الاجتهاد”[2].
قدّم ابن أبي زمنين خدمات جليلة للحضارة الإسلامية، نكتشف ذلك من خلال ثناء كثير من علماء السلف الصالح عليه، حيث قال عنه أبو عمر الداني (ت: 444 هـ): “كان ذا حفظ للمسائل، حسن التصنيف، وله كتب كثيرة ألّفها في الوثائق والزهد والمواعظ (..)، وكان من الورعين البكائين الخاشعين”، تحدث عنه محمد بن علي بن أحمد الداوودي (ت: 945 هـ)، فقال إنه من المفاخر الغرناطية، كان من كبار المحدثين، والعلماء الراسخين، وأجلّ أهل وقته قدراً في العلم والرواية والحفظ للرأي[3].
كما تحدث علماء آخرون عن ابن أبي زمنين نكتشفهم من خلال مصادر ترجمته التي منها: طبقات المفسرين للسيوطي، وطبقات المفسرين للداودي، والوافي بالوفيات للصفدي، وسير أعلام النبلاء للذهبي، والأعلام للزركلي، وتاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام للذهبي، وترتيب المدارك للقاضي عياض، وشجرة النور الزكية في طبقات المالكية لابن مخلوف، وتاريخ الأدب لكارل بروكلمان، وتاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين.
وقد أثرى ابن أبي زمنين المكتبة الإسلامية بمؤلفات مهمة، من أهمها: المغرب في اختصار المدونة وشرح مشكلها، ومنتخب الأحكام، وأدب الإسلام، وأصول السنة، واختصار شرح الموطأ لابن مزين، و”المشتمل” في علم الوثائق، وحياة القلوب، والنصائح المنظومة، والمذهب في الفقه، وقدوة الغازي، وتفسير القرآن العزيز الذي هو موضوع هذه المقالة.


ثانياً، أهمية تفسير ابن أبي زمنين


الكشف عن أهمية تفسير ابن أبي زمنين لا يحتاج إلى عناء كبير، إذ يبدو أن هذا التفسير كان مصدراً مهماً عند عدد من علماء السلف، فقد نقل عنه بعض علماء التفسير مثل أبي إسحاق الثعلبي (ت: 427 هـ)، وابن عطية (ت: 546 هـ)، والقرطبي (ت: 671 هـ)، وأبي حيان الأندلسي (ت: 745 هـ)، كما نقل عنه بعض علماء الحديث مثل ابن بطال (ت: 449 هـ).
والحقيقة أن نقل هؤلاء العلماء عن ابن أبي زمنين ليس بغريب، نظراً لأنه سبق كثيراً من المفسرين المشهورين بيننا اليوم؛ هذا إذا استثنينا الطبري الذي توفي عام (310 هـ) في حين ولد ابن أبي زمنين عام (324 هـ)، ويأخذ تفسير ابن أبي زمنين هذا أهميته من كونه عبارة عن تهذيب جميل ومفيد لتفسير يحيى بن سلام (ت: 200 هـ)، الذي يعدُّ من أقدم رواد التفسير، وأدرك نحو عشرين من التابعين وروى عنهم.
ورغم هذه الأهمية الكبيرة، فقد ظل تفسير ابن أبي زمنين بعيداً عن متناول أيدي القراء على مدى قرون طويلة حتى صدرت طبعته الأولى عام 2002، وقارئه سيكتشف أنه تفسير جليل “يمتاز بالإيجاز، وسهولة العرض، وعدم الخوض في الخلافات الفرعية، مع عمق الفهم وأصالة الاستدلال، والسلامة من البدع”[4]، ومناسب لكل الطبقات، وتلك لعمري مميزات مهمة جداً.
ومع كل ما سبق ذكره من إيجابيات، فإن تفسير ابن أبي زمنين -كعمل بشري- لا يخلو من بعض المآخذ، ومن تلك المآخذ: ذكره بعض الإسرائيليات المنكرة، والأحاديث الضعاف والمنكرة، والإكثار من ذكره لتفسير محمد بن السائب الكلبي المُتّهم في روايته[5].


ثالثاً، منهج ابن أبي زمنين في التفسير


عندما ألّف ابن أبي زمنين تفسيره هذا لم يترك القارئ في حيرة من أمره، بل قام بتوضيح منهجه في التفسير في المقدمة، فقال: “وبعد، فإني قرأت كتاب يحيى بن سلام في تفسير القرآن، فوجدت فيه تكراراً كثيراً، وأحاديث ذكرها يقوم علم التفسير دونها، فطال بذلك الكتاب، وإنه للذي خُبرته من قلة نشاط أكثر الطالبين للعلوم في زماننا هذا، إلّا إلى ما يخف في هذا الكتاب على الدارس، ويقرب للمقيد، نظرتُ فيه فاختصرتُ مكرّره وبعض أحاديثه وزدتُ فيه من غير كتاب يحيى تفسير ما لم يفسره يحيى، وأتبعتُ ذلك إعراباً كثيراً ولغة على ما نقل عن النحويين وأصحاب اللغة السالكين لمناهج الفقهاء في التأويل، زائداً على الذي ذكره يحيى من ذلك”[6].
والواضح أن كلام ابن أبي زمنين هذا يشتمل على ثلاثة أمور، وهي: سبب اختصاره لتفسير يحيى ابن سلام، ومنهجه واختصار المكرّر وبعض الأحاديث، وإضافة زيادات على تفسير يحيى، ونحن إذا نظرنا إلى تفسير ابن أبي زمنين سنجد أن من معالم منهجه أنه “يسير في التفسير من مبتدئه إلى منتهاه على نسق واحد لا يعدوه، فيمزج المصنف بين الآيات وتفسيرها عن طريق تقطيع الآية إلى أجزاء يعقف كل جزء تفسيره”[7].
ثم إن من معالم منهج ابن أبي زمنين أنه كان حريصاً على الاختصار، لذلك نجده يعتمد الإحالة على ما سبق تفسيره، ومن ذلك قوله عند تفسيره لقوله تعالى: {وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا}: “وهو ما حرموا من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وقد مضى تفسير هذا”[8]، كما نجده يُحيل إلى كتب الفقه والأحكام، ومن ذلك قوله عند تفسيره لقوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ}: “ذكر يحيى سُنة صلاة الخوف، ونقل فيها اختلافاً، فاختصرتُ ذلك، إذ له موضعه في كتب الفقه”[9].
ومن الأمور التي تكشف جوانب من منهج ابن أبي زمنين الشواهد والقضايا النحوية، فإذا نظرنا إلى الشواهد عنده سنجد أنها متعددة، حيث تشمل: القرآن الكريم بقراءاته، والحديث النبوي الشريف والآثار، وأقوال العرب الفصحاء، والمرويات الشعرية، أما إذا نظرنا إلى القضايا النحوية واللغوية فسنجد أيضاً أنها كثيرة، فهناك -مثلاً- حديث عن التوجيه الإعرابي، وقضايا الأصل الاشتقاقي والأصل اللغوي، ومباحث الإدغام والحذف والتقدير، والمذكر والمؤنث.. إلخ.
ومن الملاحظ أن أغلب القضايا النحوية التي كان ابن أبي زمنين يتعرض لها لم يكن يعزوها كلها إلى أصحابها، وإنما كان يعزو بعضها فقط، فقد عزا -مثلاً- إلى الزجاج والخليل بن أحمد وأبي عبيد والكسائي[10]، وهذا الأمر يذكّرنا بضرورة الإشارة إلى مذهب ابن أبي زمنين النحوي، الذي يبدو أنه كان ينحو منحى النحاة البصريين وينقل آراءهم مثل الزجاج والخليل بن أحمد، لكنه في الوقت نفسه كان ينقل آراءهم الكوفيين مثل أبي عبيد والكسائي[11]، ونجد في تفسيره نماذج تؤكد هذا الأمر.


رابعاً، نماذج من تفسير ابن أبي زمنين


بعد أن عرّفنا بشيخ قرطبة ابن أبي زمنين وكشفنا عن أهمية تفسيره وعرّجنا على بعض القضايا الكبرى التي تكشف عن منهجه في التفسير، جاز لنا أن نعرض نماذج من تفسيره من خلال اختيار آيات قرآنية من سوّر مختلفة، نبدأها بسورة الفاتحة التي نجده يفسّرها بطريقة تكشف لنا عن منهج الإيجاز والوضوح والسهولة الذي يعتمده في تفسيره هذا، فعند تفسيره لقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} نجده يقول: “وقوله {الْحَمْدُ لِلَّهِ} حمد نفسَه، وأمر العباد أن يَحمدوهُ، والحمدُ: شكر النعمة. {رَبِّ الْعَالَمِينَ} العالَمون: الخلق”[12].
أما في تفسيره لسورة البقرة، فأول ما نلاحظه أن ابن أبي زمنين لم يفسّر حروف المعجم التي في أوائلها {ألم}، بل اكتفى بنقل كلام يحيى في هذا السياق، ثم ختم حديثه عن حروف المعجم بالقول: “وقد سمعت بعض من أقتدي به من مشايخنا يقول إن الإمساك عن تفسيرها أفضل. {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} يعني: هذا الكتاب لا شكّ فيه، {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}: الذين يتقول الشرك”[13].
ولا يخفى على قارئ هذا التفسير اهتمام ابن أبي زمنين بشرح غريب القرآن الكريم، حيث نجده في تفسير قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} يتوقف مع {نِحْلَةً} فيقول: “اختلف القولُ في {نِحْلَةً} من الله عز وجل للنساء، إذ جعل على الرجل الصداق، ولم يجعل على المرأة شيئاً، يقال: نَحلتُ الرجلَ إذا وهبت له هِبةً، ونحلت المرأة”[14]. والأمر نفسه نلاحظه في سورة الأعراف، حيث نجده يتوقف مع معنى “الحرج” في قوله تعالى: {المص كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}، فيعلق قائلاً: “أصل الحرج الضيق، والشاك في الأمر يضيق به صدراً، فسمى الشك حرجاً”[15].
أما في سورة الرعد، فنجد ابن أبي زمنين يستخدم منهج الإحالة إلى السابق خلال تفسيره لقوله تعالى: {المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ}، فيقول: “قوله {المر} قد مضى القول في حروف المعجم فيما تقدم، {تِلْكَ آيَاتُ} هذه آيات {الْكِتَابِ} القرآن”[16]، حيث توقف مع هذا الأمر عند تفسيره لسورة البقرة كما رأينا آنفاً.
وفي سورة الإسراء، نجد مثالاً على اهتمام ابن أبي زمنين بالقضايا اللغوية في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}، حيث يقول: “معنى أسري به أي سيّره، ولا يكون السُّرى إلا ليلاً، وفيه لغتان: سرى وأسرى”[17]، ومن الأمثلة على القضايا النحوية الإعرابية قوله عند تفسيره لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ}: “{جَنَّتَانِ} بدل من {آيَةٌ}، {وَرَبٌّ غَفُورٌ} مرفوع على معنى والله رب غفور”[18].
وفي سورة نوح، توقف ابن أبي زمنين مع معنى {جنات} في قوله تعالى: {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}، فقال: “جنات: بساتين، وقيل: إنهم كانوا قد أجدبوا فأعلمهم أن إيمانهم بالله يجمع لهم مع الحظ الوافر في الآخرة الخصب والغنى في الدنيا”[19].
وفي الختام، نرجو من الله تعالى أن تساهم هذه المقالة في لفت الانتباه إلى هذا التفسير السنّي المهم في بابه، الذي يأخذ ميزته وأهميته من أمور عديدة، منها أنه ينتمي إلى عصر قريب من القرون الأولى المفضلة، وأنه صنف من طرف عالم سنّي مالكي أندلسي، أجمع العلماء على سلامة عقيدته، ونضج فكرته، وروعة أسلوبه، وطول باعه في العلوم الإسلامية.









_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| D43f2ad55c83dba80182fa204d8b2b2e
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ادارة المنتديات

⚫
ادارة المنتديات

وسام العطاء
وسام العطاء
الحضور المميز
الحضور المميز
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 276
نقاط التميز : 21855
السمعة : 10
تاريخ التسجيل : 13/07/2020
الموقع : ❤️فلسطين❤️

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مايو 11, 2021 5:39 am

القرآن في الفكر الاستشراقي المعاصر..نقد موسوعة ليدن




01/05/2021 مصطفى عاشور
كتاب “القرآن في الفكر الاستشراقي المعاصر: مقاربات نقدية لموسوعة القرآن (ليدن)”[1] مهم في فهم نظرة الاستشراق المعاصر للقرآن الكريم، من خلال نقده لأهم موسوعه قرآنية، Encyclopaedia of the Qur’ā، والتي صدرت على مدار خمسة أعوام من (2001 حتى 2006) في ستة أجزاء، بما فيها الفهارس، تحت إشراف البروفيسورة ” جين دامين مكاولفي”[2] Jane Dammen McAuliffe.




مازال القرآن الكريم-وسيظل- يشغل أذهان الناس جميعا، بما فيهم المسلمون، فهو نص مُعجز في كل شيء، في مبناه ومعناه، فهو خطاب الخالق-سبحانه وتعالى- للإنسان، ورغم ذلك تعرض لهجوم دائم، خاصة من جانب المستشرقين، الذي اتهموا القرآن بكل نقيصة، ووصفوه بكل ما لا يليق، وكان من أبرز مزاعمهم حول القرآن مسألة التحريف، وأنه نسخة معدلة عن التوارة والإنجيل، وكذلك التشكيك في مصدريته السماوية، ثم محاولة فصل القرآن عن واقع المسلمين.




وقد عرفت الدراسات الغربية الحديثة عن القرآن صدور عدة موسوعات، منها:




المعجم القرآني:  Dictionnaire du Coran: وهو معجم تاريخي نقدي للقرآن الكريم، باللّغة الفرنسيّة، عمل على إعداده 27 باحثًا مختصًّا في الترّاث الإسلامي، تحت إشراف البروفيسور “محمد علي أمير معزي” Mohammad Ali Amir-Moezzi وهو فرنسي من أصلٍ إيراني، واستمر العمل فيه خمس سنوات، وصدر عام2007، متضمنا (500) مقالة، ويقع في 1028 صفحة.




دليل أكسفورد حول الدّراسات القرآنيّة The Oxford Handbook of Qur’anic Studies: وهو من تأليف باحثين مسلمين، منهم الدكتور محمد عبد الحليم، ويقع في 900 صفحة




–القرآن: كموسوعة: The Quran – An encyclopedia: وصدرت عام 2005 في مجلد واحد، في حوالي 800 صفحة، وساهم فيها 43 مختصًّا في الدّراسات القرآنيّة والتراثيّة منهم المسلمون وغير المسلمين، وترأّس تحريرها: الدكتور اوليفر ليمان: Oliver Leaman وهو أستاذ الفلسفة والدراسات اليهودية في جامعة كنتاكي الأمريكية، وحوت الموسوعة حوالي 600 مدخلًا عن القرآن، ووصف القرآن بقوله: “ولا يفقد النص نضارته على مر الزمن”.




– قرآن المؤرخين:   Le coran des historiens: وصدر عام 2019 ، في ثلاث مجلدات موزعة على  3450 صفحة، وساهم فيه 26 باحثًا في الدّراسات القرآنيّة من مختلف الجامعات الأوروبيّة، وبإشراف “محمد علي أمير معزي”، واستمر العمل في هذه الموسوعة خمس سنوات.




ويلاحظ أن أغلب هذه المشاريع صدرت بعد أحداث 11 سبتمبر أيلول 2001 ، حيث وجد توجه قوى لدراسة الإسلام والقرآن، واهتمام أوسع بالحضارة الإسلاميّة ونصوصها التأسيسيّة.




كتاب القرآن كموسوعة (يمين ) – كتاب قرآن المؤرخين (يسار)




موسوعة ليدن




وقد صدرت “موسوعة ليدن” فعلاً عام 2001 في نفس السياق التاريخي المأزوم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لكن العمل بدء فيها منذ العام 1993م، في مدينة “ليدن” الهولنديّة المشهورة بجامعتها ودار نشرها التاريخيتين، تحت إشراف السيدة “جين دامين مكاولفي“، اعتمادا على أربعة باحثين أساسيين، من بينهم السيدة اللبنانية “وداد القاضي”، والفرنسي “كلود جيلوت”، والأمريكي “وليام براهام”، والكندي”أندرو ريبين” وكان للموسوعة هيئة مستشارين من جنسيات مختلفة منهم: “نصر حامد أبو زيد”، و”محمد أركون”، وتشكلّت الهيئة التحريرية من  278 باحثًا، حوالي 20 % منهم فقط من المسلمين، وبلغت المداخل في الأجزاء الخمسة حوالي 690 مدخلًا.




أمّا دار النشر: فهي مؤسّسة “بريل” تساهم الدار في إصدار نحو 100 مجلة علمية أكاديمية و 500 عنوان جديد سنويا، كما أنها من أوائل دور النشر الأجنبية التي طبعت بالحروف العربية، والتي كانت تترجم في البدايات إلى اللاتينيّة ثمّ لاحقًا إلى اللّغات الأوروبيّة الحيّة كالألمانيّة، والإنجليزيّة، والفرنسيّة، تأسّست “بريل” عام 1683 م، وتعاونت مع جامعة “ليدن” التي تأسّست عام 1578 م، على تحقيق التراث العربي والإسلامي ونشره.




وقد حرصت الهيئة العلميّة للموسوعة أن يكون للتفسير حضورٌ في مداخلها، ولكن دون أن تتحوّل الموسوعة إلى دائرة تفسير، بمعنى أن يستعين الباحثون بآراء المفسّرين وظيفيًّا، وفي سياق تنقيح العناوين القرآنيّة، وجاء التصنيف المعجمي للموسوعة حسب ترتيب اللغة الإنجليزية، نظرا لأن الموسوعة متوجهة للقارئ الغربي، ولم يُستثنِ إلّا المفردات العربية، التي ليس لها مرادف في اللّغة الإنجليزيّة، كـ “زقّوم” و”برزخ”.




وراعت الموسوعة، التخصص للمحررين في المداخل التي يكتبونها، فمثلا مدخل “جمع وتدوين القرآن” كتبه “جان برتن” John Burton مؤلّف كتاب “تدوين القرآن” The Collection of the Quran الصادر عام 1977، حيث يعتبر  المؤلف من كبار المختصين في هذا المجال، وأكدت الموسوعة في مقدمتها، الاستعداد للمراجعة والتطوير، اعتمادا على قناعةٍ موضوعيّةٍ، وهي: أنّ العمل لن يخلو قطعًا من نقائص، وثغرات.




هذا التّنوّع في المؤلِّفين والنسبة القليلة للمقالات التي كتبها أغلب الباحثين، عدد الباحثين الذين كتبوا مقالة واحدة حوالي 123 باحثًا، فرغم ما توحي به من تنوع وتعددية في الأفكار والآراء، إلا أنها انعكست على صعيد التناغم والانسجام بين مضامين المقالات، كذلك يتفاوت حجم المقالات فبعضها لا يتجاوز الصفحة الواحدة، وبعضها الآخر قد يتعدّى العشرين صفحة، وعدد المقالات التي بلغت صفحاتها عشر فأكثر حوالي 55 مقالة.




وقد تناولت الموسوعة مختلف المواضيع القرآنيّة وفق منهجيّةٍ علميّةٍ موضوعيّةٍ توفّرت فيها صفتان رئيستان، هما: الأكاديميّة من جهة، والرّصانة العلميّة من جهةٍ أخرى، كما تضمّنت الموسوعة معلوماتٍ وافرةً ومستفيضةً حول المفسرين والعلماء المسلمين في متن الدّراسة وهوامشها الإحاليّة على حدٍّ سواء، وعالجت الموسوعة كثيرا من قضايا القرآن الكريم ومباحثه وعلومه في ضوء المقاربة الموضوعاتيّة، أو تحليل المضمون، مثل: الحياة اليوميّة في القرآن، والحواسيب والقرآن، وتعدّد المعاني في القرآن، والنّسويّة والقرآن، وقرّاء القرآن، وطباعة القرآن، وترجمات القرآن.




دليل أكسفورد حول الدّراسات القرآنيّة (يمين ) – كتاب المعجم القرآني (يسار)




رؤى استشراقية




وتناولت الموسوعة مباحث لم يتناولها المسلمون في مباحث علوم القرآن، مثل: مواضيع الكتابة والتوثيق والمخطوطات القرآنيّة، ومواضيع الجندر، والمواضيع السوسيولوجيّة، وقضايا التّعدّد الدّيني، وموضوع الأساطير والسّحر والشعوذة والدواء.




لم تخل الموسوعة من بعض الرؤى الاستشراقية التقليدية، حول مسألة تدوين القرآن، والعلاقة بين الشفهي والتدوين في حفظ النص القرآني، وكذلك ترتيب السور، ومخطوطات القرآن الكريم، وطرق جمع القرآن، وهي أمور تستخدم في الطعن في مصداقية القرآن، والتشكيك في صحّته وروايته ونقله، على اعتبار أنه لم يدوّن في لحظات نزول الوحي، حيث تعامل المستشرقون مع القرآن بنفس آليات التعامل مع التوارة والإنجيل، وهو خطأ كبير، إذ للقرآن خصوصيته وتجربته المتفردة في التدوين، والتي كانت تعتمد على الحفظ في الصدور، وإن كانت التجربة الإسلامية عرفت تدوينا للقرآن في فترة نزول الوحي.




وحوت الموسوعة بعض المداخل التي خلطت بين النص القرآني، وبين التجربة التاريخية للمجتمعات المسلمة، وزعمت أنّ القرآن الكريم يحوي أساطير وخرافات، أو أن الإسلام يشجّع العبوديّة، أو أن النصوص القرآنية تنظر للمرأة بشكل متدني، أو أن تلك النصوص لم تبلغ في تحرير المرأة، الواقع الغربي الحالي، ومع ذلك مازال القرآن هو المدخل لفهم الإسلام المسلمين.

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| D43f2ad55c83dba80182fa204d8b2b2e
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ادارة المنتديات

⚫
ادارة المنتديات

وسام العطاء
وسام العطاء
الحضور المميز
الحضور المميز
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 276
نقاط التميز : 21855
السمعة : 10
تاريخ التسجيل : 13/07/2020
الموقع : ❤️فلسطين❤️

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مايو 11, 2021 5:43 am

صناعة الإنسان المدين


28/04/2021 أبوبكر الحضرمي


هل تعرف شخصا من حولك يعيش في زماننا هذا بلا ديون و التزامات مالية للبنوك؟ إن لم يكن الشخص مدينا فسوف يكون على الأغلب دائنا، لكن أغلب الناس من حولك هم من فئة الدينين ، أما الدائنون فهم قلة قليلة اتخذت شكل مؤسسات مالية أمسكت بخناق الاقتصاد الحديث وتحكمت فيه وبنت علاقتها على أساس (دائن – مدين ). هذا هو صلب موضوع كتاب “صناعة الإنسان المدين” حيث يضع مؤلفه موريزيو لازاراتو القارئ أمام “ميكانيزمات” الاستغلال والهمينة التي تمارسها هذه المؤسسات المالية على الدول ومؤسساتها الحكومية ولا سيما على الإنسان الفرد.


ما ميز طرح لازاراتو في هذا الكتاب أنه لا يعالج مشكلة الدين من منظور اقتصادي فقط ، بل من منظور اقتصادي وفلسفي واجتماعي أي أنه قدم قراءة لا إقتصادية للاقتصاد على حد تعبيره يقول موريزيو لازاراتو : ” لا يمكن فصل الإنتاج الاقتصادي عن إنتاج ومراقبة الذاتية وأنماط وجودها”.


سيلاحظ قارى كتاب “صناعة الإنسان المدين” أنه بنى أفكاره على أفكار عدد من علماء الفلسفة وعلم الاجتماع كأمثال نيتشة وفوكو ودولوز وغوتاري وغيرهم. 


قديما كان يُقال : ” الدين هم بالليل وذل بالنهار” أما في العصر الحالي وتحت وطأة الاقتصاد الحديث أصبح المرء يستدين بالليل ويستدين بالنهار ، وما بطاقات الائتمان – على سبيل المثال – إلا صورة من الدَّين المصغر الذي يمارسه المرء بشكل شبه يومي وفي كل الأوقات من دون أن يشعر أن هذه المشتريات ماهي في حقيقة الأمر إلا نوع من الاقتراض السهل الميسر.


اعتبر لازاراتو في “صناعة الإنسان المدين” أن اقتصاد الدّين من صميم المشروع النيوليبرالي ، وسمى هذا النوع من الـ “اقتصاد الافتراضي” القائم على ثنائية (مدين – دائن ) حيث المال فقط هو الذي يولد المال. في السوق النقدية أو سوق الاقتصاد الافتراضي لا يتواجه سوى المقرضين والمقترضين،والمنافسة معدومة في إنتاج شيء جديد بين المؤسسات التمويلية ، بينما تأخذ البضاعة نفس الشكل : المال ، إنما التنافس يقع على من يصطاد المدين أولا !!


أما الاقتصاد الحقيقي فهو اقتصاد قائم على الإنتاج والخدمات والصناعة وغيرها مستندة على المعرفة والبحث والإبداع حيث أن السلعة هي التي تولد المال.


لكن المشكلة والغريب في الأمر أنه حتى هذا الاقتصاد الحقيقي أصبح يتداخل مع الاقتصاد الافتراضي التمويلي ، ذلك أن الاستثمارات في المنتجات المالية من طرف الشركات غير المالية تصاعدت بشكل أكبر من استثماراتهم في الآلات والإنتاج وفي قوة العمل ، فعلى سبيل المثال أصبحت شركات إنتاج السيارات تقدم خدمات تمويلية للأفراد بالإضافة إلى عملها الإنتاجي.


فإذا استمر الاقتصاد الافتراضي (اقتصاد الدين) في الانتشار والتغول على حساب الاقتصاد الحقيقي فإن هذا الوضع ينذر بكوارث وأزمات اقتصادية كتلك التي حدثت سنة 2008 أو ربما أسوأ منها.


في اقتصاد الدين لا تقوم تلك المؤسسات المالية التمويلية بتقديم القروض والتمويل فقط أو لنقل بكلمات أدق إيقاع الناس في شَرَك الدين ، بل إن اقتصاد الدين يقوم بإعادة تشكيل الإنسان عقليا ونفسيا وسلوكيا، إذ يبرمج الفرد ليتحول إلى “الإنسان المستهلك” المفرط في استهلاكه وبالتالي يتحول وكأنه مؤسسة مالية صغيرة يقترض المال حتى وإن كان هذا الاقتراض ليس لحاجات ضرورية ، فيظل في دائرة الدين والسداد لسنوات طويلة فلربما تنتهي سنوات عمره ولا ينتهي سداده لهذا الدين.


يقول لازاراتو : ” إن الدين يشتغل كآلة للاستيلاء وافتراس أو استنزاف المجتمع في عمومه وكأداة تعليمات وتدبير ماكرو اقتصادي وكجهاز إعادة توزيع للمداخيل وهو يشتغل أيضا بوصفه جهازا لإنتاج الذوات الجماعية والفردية وإدارتها”.


لا يتحمل الفرد في اقتصاد الدين تبعات دَينه الشخصي فقط بل كذلك تبعات الدين العام الذي تقترضه الدولة من تلك المؤسسات المالية ولكن في نهاية المطاف يتحمل الفرد وزر هذا الدين العام إما على شكل ضرائب تفرض عليه أو من خلال خفض الدولة للنفقات العامة والخدمات الاجتماعية  أو من خلال فخ “الخصخصة” والذي ينتج عنه غالبا تخفيضا للأجور وتقليصا للعمالة وبالتالي مزيدا من البطالة.


في ظل هذه الظروف القائمة على التقليص المتواصل للأجور وتدمير دولة الرعاية لا يبقى مخرج إلا اللجوء إلى القرض، وهكذا سيأخذ المرء على عاتقه التكاليف والمخاطر التي نفضت الدولة يدها منها ، أي أن تتحول الحقوق الإجتماعية إلى “قروض” إجتماعية.


الأمر الملفت في اقتصاد الدين هو أنه كيف استطاع هذا الاقتصاد والسياسات النيوليبرالية من تقويض سلطة الدولة وزعزعة مكانتها وذلك من خلال أذرعها المؤسساتية كوكالات التصنيف الائتمانية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وذلك عبر تدخلاتها في سياسات الدول المقترضة .


يقول لازاراتو : ” فالسلطة السيادية للدول تقوضت بشكل خطير نتيجة تدخل وكالات التصنيف الائتماني والمستثمرين الماليين والمؤسسات مثل صندوق النقد الدولي، ويقتصر دور الدول على تطبيق السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تمليها الأسواق” والمقصود بالأسواق هنا طبعا تلك المؤسسات المالية الدائنة.


بل وصل الأمر في قضية تقويض سلطة الدولة وتحييد صلاحياتها إلى درجة ” خصخصة العملة” و الذي تطور فيما بعد علاوة على ذلك هو أصل كل أنواع الخصخصة، وفي هذا يقول لازاراتو : ” إن الدولة هي التي حولت عمدا حقها السيادي في خلق العملة للقطاعي الخاص” .


في خاتمة الكتاب لا يضع لازاراتو تصور تفصيلي في كيفية الخروج من هذا المأزق المسمى اقتصاد الدين أو الاقتصاد الافتراضي ولكنه يدعو الأفراد والمجتمع والدول إلى العمل والكفاح من أجل التخلص من الدين و ” الدائن العظيم” ، يقول :” فالدين بوصفه ميدان المعركة يفرض تكاملا في جميع المجالات ، تكاملا بين الدول والفضاءات الوطنية وتكاملا بين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي”.


 ويختم قائلا : ” نحن مضطرون لأن نصعد إلى هذا المستوى من التعميم والترحل إذا كنا لانريد أن يتم اجتياحنا أو سحقنا من قبل الدائن العظيم”.

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| D43f2ad55c83dba80182fa204d8b2b2e
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ادارة المنتديات

⚫
ادارة المنتديات

وسام العطاء
وسام العطاء
الحضور المميز
الحضور المميز
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 276
نقاط التميز : 21855
السمعة : 10
تاريخ التسجيل : 13/07/2020
الموقع : ❤️فلسطين❤️

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مايو 11, 2021 5:44 am

عن العلاقة بين الصوم وصحة الإنسان


26/04/2021 شيخنا محمد عمو
في الغالب لا يتم الحديث عن الصوم دون التعريج على علاقته بصحة الإنسان، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن الإنسان عندما ينقطع عن الأكل والشرب يشعر بأن جسمه قد تحدث فيه اضطرابات تؤثر على صحته في الحاضر أو في المستقبل، ولكن بمجرد تذكّر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحثّ على الصيام لا بد أن يصبح المسلم متيقناً بأن الصوم كله خير وصحة وبركة وعافية: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.


ومع هذا اليقين التام بخيرية وصحة الصيام، ستظل هناك حاجة متجدّدة إلى تقديم نماذج علمية تكشف عن طبيعة العلاقة الإيجابية بين الصوم وصحة الإنسان والحيوان أيضاً، وهذا ما سنحاول أن نسهم في تسليط الضوء عليه من خلال جولة في كتاب “الصوم والصحة” الذي يحدثنا فيه الطبيب الأديب نجيب الكيلاني عن العلاقة بين الصوم وصحة الإنسان، معتمداً على دراسات “قام بها نخبة من العلماء والأطباء الذين تجردوا للحقيقة، واتخذوا منهج العلم الحديث أسلوباً لبلوغ النتائج”[1].


الصوم ضرورة وفطرة


من المعلوم لدى المسلمين أن صيام رمضان ركن من أركان الإسلام وعبادة يجب القيام بها على أحسن وجه من أجل الحصول على الجزاء الأخروي، ولكن هذا الجانب الشرعي الذي هو الأساس والدافع الأول لا ينبغي أن يمنعنا من أن نبحث عن فوائد أخرى للصوم ترغّب الناس فيه، خاصة أن هناك فوائد عديدة للصيام “تنعكس آثارها في أجسادنا ونفوسنا، وتلك منافع نلمسها في الدنيا، وندرك أبعادها وأهدافها بالمقاييس العلمية المتاحة لنا في أيامنا هذه”[2].


إن الكشف عن فوائد الصوم الجسدية والنفسية المتعدّدة لا شك أنه سيسهم في إقبال الناس على هذه العبادة الجليلة في رمضان وفي غيره طلباً للأجر الأخروي والصحة البدنية والعقلية في آنٍ واحد، وسيجعل البشرية تتأكد من حقيقة مهمة مفادها أن “الصوم ليس تعذيباً أو حرماناً مقصوداً بذاته، ولكنه صحة وتربية وطاعة، وتدريب على الالتزام”[3].


ولا جدال في أن الأمر الثابت تاريخياً وعلمياً ودينياً أن الصوم ضرورة من ضرورات الحياة وظاهرة بشرية قديمة، والقرآن الكريم نفسه يحدثنا عن هذه الحقيقة التاريخية، ويقول لنا إن الصوم فرض علينا وعلى الأمم التي سبقتنا إلى الوجود، من أجل تحقيق هدف نبيل جداً ألا وهو الارتقاء إلى مرحلة التقوى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.


وإذا نظرنا في صفحات التاريخ سنجد أن بعض الأمم كانت تصوم أحياناً لأهداف محددة، فالرومانيون -مثلاً- كانوا يلجؤون إلى الصوم طلباً للنصر على أعدائهم، أما اليهود فكانوا يهتمون أكثر بالصوم عندما يتعرضون لخطر من الأخطار أو وباء من الأوبئة الفتّاكة، ثم إننا إذا أعدنا النظر في التاريخ سنجد أن الصوم لم يكن خاصاً بالإنسان، بل كان ضرورة من الضرورات لدى الحيوانات أيضاً، حيث إن “بعض الحيوانات تصوم حفاظاً على نفسها وجنسها، واستجابة فطرية لظروفها وتكوينها”[4].


التكيّف مع قلة الطعام


ما دمنا قلنا في السطور السابقة إن الصوم ضرورة من ضروراته الإنسان والحيوان، فقد يكون من المهم أن نذكّر بأن هناك وظيفة ضرورية لبقاء الأجناس البشرية تتمثل في تكيّف الإنسان مع قلة الطعام والشراب، ومن العلماء الذين كشفوا عن أهمية هذه الوظيفة العالم الفرنسي الشهير الحاصل على جائزة نوبل في الطب “ألكسيس كاريل“، الذي يقول في كتابه (الإنسان ذلك المجهول): “إن كثرة الطعام وانتظامه ووفرته تعطّل وظيفة أدت دوراً عظيماً في بقاء الأجناس البشرية، وهي وظيفة التكيّف مع قلة الطعام، ولذلك كان الناس يلتزمون الصوم في بعض الأوقات”.


وإذا أردنا أن نضيف دليلاً آخر على أهمية الصيام وضرورة تكيّف الإنسان مع قلة الطعام، فيمكن أن نذكّر بما جاء في دائرة المعارف البريطانية، حيث تؤكد أن “أكثر الأديان، دانيها وعاليها، قد فرضت الصيام وأوجبته، فهو يلازم النفوس حتى في غير أوقات الشعائر الدينية، يقوم به بعض الأفراد استجابة للطبيعة البشرية في بعض مظاهرها”.


وفي هذا السياق، قد يطرح البعض السؤال التالي: ماذا يحدث طبياً عندما يمتنع الإنسان عن الطعام والشراب أثناء الصوم؟ وقد أجاب نجيب الكيلاني على هذا السؤال حين قال إن الإنسان عندما يمتنع عن الطعام والشراب أثناء الصوم تحدث أمور عديدة داخل جسمه لكننا لا نراها، منها أن المعدة تخلو من الطعام فتنخفض نسبة السكر في الدم، وتتحرك الكمية المخزونة في الكبد من السكر للطوارئ وتذهب إلى الدم والأنسجة للاستفادة منه أثناء الصوم، وهذه الكمية المخزونة في الكبد عندما تزيد قد تكون لها آثار وخيمة على الإنسان.


ثم إن من الأمور التي تحْدث أثناء الصوم أن الدهن المخزون تحت الجلد أو في الأماكن الأخرى يتحرك، وهذه وسيلة سهلة للتخلص من هذا العبء الزائد من الدهون، كما تتحرك بعض مواد العضلات والغدد وبعض البروتينات، وهكذا فإن الصوم ينظف ويبدل أنسجتنا، لكن الذي يتم استهلاكه هو الأنسجة الزائدة أو الأنسجة الغير رئيسية، فالعضلات تفقد (40 %)، والطحال يفقد (67 %)، والكبد يفقد (54 %)، أما القلب فيفقد (3 %) فقط[5].


الصوم وطرد السموم


في بعض الأحيان يصاب الإنسان بوعكة صحية، فيلجأ إلى الأدوية أو العقاقير المختلفة من أجل تخفيف الآلام والأرق والتوتر، وأحياناً يتم ذلك دون استشارة طبيب فتزداد المخاطر، ومهما كان الأمر فإن معظم الأدوية الحديثة لها آثار جانبية على الإنسان تُخلّف في الجسم الكثير من السموم والمركبات الضارة، وفي هذا السياق قد تخطر على الذهن بعض الأسئلة الملحّة، مثل: ما العلاقة بين الصوم والأدوية التي نتعاطاها وكيف يمكن أن نطرد سمومها من أجسامنا؟.


وللإجابة على هذا السؤال، يمكن القول إن هناك دراسات علمية حول فوائد الصيام الصحية أثبتت أن الصوم يأتي في قائمة الوسائل الطاردة للسموم والمركبات الضارة، يقول الدكتور ماك فادون أحد الأبطاء العالميين الذين اهتموا بالصيام وأثره: “إن كل إنسان يحتاج إلى الصوم وإن لم يكن مريضاً، لأن سموم الأغذية والأدوية تجتمع في الجسم فتجعله كالمريض وتثقله فيقلّ نشاطه، فإذا صام الإنسان خفّ وزنه، وتحللت هذه السموم في جسمه بعد أن كانت مجتمعة”.


وهذا الأمر يدفعنا إلى القول إن الحقائق العملية المتعلقة بفوائد الصوم المتعددة تكشف لنا عن عظمة الخطاب القرآني وشموليته: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، كما أنها تُثبت لنا أن المسلمين بحاجة دائمة للعودة إلى النصوص القرآنية والحديثية من أجل التعمّق في معانيها الجليلة التي تصلح لكل زمان ومكان، وقد كان الدكتور عبد العزيز إسماعيل صادقاً حين قال “إن كثيراً من الأوامر الدينية لم تظهر حكمتها، وستظهر مع تقدم العلوم، فلقد ظهر أن الصوم يُفيد في حالات كثيرة، وهو العلاج الوحيد في أحيان أخرى”.


الصوم كعلاج للأمراض


لا يمكن أن ننكر أن هناك مجموعة من الأمراض التي تتعارض مع الصيام، ولكن في الوقت نفسه فإن الصيام يساهم في علاج كثير من الأمراض التي تهدد البشرية في كل أنحاء العالم، ولعل من أبرزها الأمراض الجلدية التي لها صلة وثيقة بالصيام، وقد ذهب نجيب الكيلاني إلى أنها تحتاج “نظرة واعية”، أما أستاذ الأمراض الجلدية الدكتور محمد الظاهري فقال “إن علاقة التغذية بالأمراض الجلدية علاقة متينة، فالامتناع عن الطعام والشراب مدة ما يقلّل من الماء والجسم والدم، وهذا بدوره يدعو إلى قلته في الجلد، وحينئذ تزداد مقاومة الجلد للأمراض الجلدية المؤذية والميكروبية”.  


ثم إن مرض القلب من الأمراض التي يساهم الصوم في علاجها، وقد كشف عن هذه الحقيقة الدكتور محمد أبو الشوك استشاري الباطنية من خلال دراسة نشرت في مجلة العربي، حيث لاحظ أن ضغط الدم المرتفع في كثير من الحالات ينخفض أثناء فترة الصوم بالنسبة للمرضى الصائمين، أما نجيب الكيلاني فقال إن النبض الطبيعي للقلب يتراوح عادة بين 70-80 نبضة مثلاً، أما أثناء الصوم فيقل الدم الذاهب إلى المعدة، وينخفض النبض أحياناً إلى حوالي 60 نبضة تقريباً[6].


ولا يمكن أن ننسى أن الصيام يساهم في علاج الأمراض النفسية، فيطرد التوتر والقلق والخوف والاكتئاب، وسبب ذلك أن الصائم يعيش في أجواء ربانية مريحة مليئة بالإيمان والثقة بالله والابتعاد عن شهوة البطن والفرج، لذا لا بد أن “تمتلئ نفسه باليقين والرضا، وتدريجياً تذهب عنه الوساوس وتزايله الأوهام، وتنمحي المخاوف والهواجس، ويجد دائماً الله إلى جواره فيركن إليه، ويزداد تشبثاً به”[7].


بقيّ أن نقول إن الصيام يساعد في الانتصار على النفس الأمَّارة بالسوء في ميادين عديدة، حيث يتيح للمدخن فرصة الإقلاع عن التدخين الذي يسبب السرطان، كما يتيح فرصة للإقلاع عن شرب الخمر المحرّم شرعاً المضرّ صحياً، والذي عرّفه القرآن الكريم بأنه {رِجْسٌ} ووصفه جاك ماهون مدير اللجنة الدولية لمكافحة المسكرات بأنه “الخطر الذي يهدد العالم بأفدح الكوارث”.

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| D43f2ad55c83dba80182fa204d8b2b2e
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ادارة المنتديات

⚫
ادارة المنتديات

وسام العطاء
وسام العطاء
الحضور المميز
الحضور المميز
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 276
نقاط التميز : 21855
السمعة : 10
تاريخ التسجيل : 13/07/2020
الموقع : ❤️فلسطين❤️

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مايو 11, 2021 5:46 am

هل يمكن التصالح بين الإيمان ونظرية التطور ؟قراءة في كتاب “لا شيء بالصدفة”


25/04/2021 مصطفى عاشور
كتاب “لاشي بالصدفة: العلاقة بين الإيمان ونظرية التطور”[1] للدكتور أحمد خيري العمري، محاولة للتوفيق بين الرؤية الدينية، ونظرية “التطور” لـ”تشارلز داروين”[2]، يسعى الكتاب أن يحول بين “الإلحاد الجديد”، وبين استخدامه للنظرية في مُعاداة الدين، إذ يفكك الكتاب  مناطق الالتباس، ويعيد مناقشتها، منتزعا التوتر، فيقول:” نظرية التطور بحد ذاتها لا تقول شيئًا للمؤمنين ولا للملحدين، الملحدون قد يجدون في النظرية معنى الصدفة والعدم واللاشيء واللامعنى والفوضى والظلم، وقد يجدون فيها ما يسند إلحادهم، أو على الأقل ما يتضارب مع مفهومهم عن الإيمان، لكن الكنز الحقيقي من المعاني سيكون من حصة المؤمنين، هؤلاء سيضيفون إلى الصورة الكبيرة، المعطيات التي تمدها بهم نظرية التطور، وسيجدون أن هذه الإضافات ستعمق إيمانهم، على نحو لم يعرفوه من قبل”، فالكتاب يرى أن النظرية تربط المؤمن بكل أشكال الحياة والمخلوقات على الأرض، إذ تضع إطارا لمشاهدتها وإدراكها بصورة كُلية تربط المؤمن بالكون.


فـ”الإلحاد الجديد” يتجاوز مسألة الإنكار الفلسفي لوجود الله إلى الهجوم الشديد على الدين والدعوة لعدم التسامح معه، بل وتجريمه، واتهامه بأنه مصدر كل الشرور، فهذا الإلحاد يسمى بـ”الأصولية الإلحادية” ، فهو  “ضد الإله” anti-theism ، بعدما ما كان يُسمى “دون الإله” atheism، للدلالة على الموقف العدائي تجاه الدين، وأبرز دعاته عالم البيولوجيا البريطاني “تشارلز داوكنز” الذي يربط “نظرية التطور” برؤاه الإلحادية.


نظرية .. مازالت حية


“نظرية التطور” يستخدمها “الإلحاد الجديد” كأساس علمي لمزاعمه، لذا يصير حديث أهل الإيمان، ضرورة، فالنظرية لا يمكن حذفها، أو القفز على آثارها ونتائجها، فحذفها قد يؤدي الى تصدع علم الأحياء، بعدما قدمت النظرية رؤية شاملة لهذا العلم، جمعت بين أجزائه المختلفة، وقدمت تفسيرا علميا لكثير من الظواهر الطبيعية.


يبدأ الكتاب، بإعطاء تعريف لمفهوم “النظرية”، وطبيعة اختلافها عن مفهوم “القانون”، فتُعرف “النظرية العلمية” بأنها: “التفسير الأفضل والأكثر تماسكا لمجموعة من الظواهر الطبيعية التي يمكن ملاحظتها في الطبيعة، والتي يمكن أن تدمج ما بين الحقائق والاستنتاجات والقوانين والفرضية المختبرة”، ومن ثم فأي نظرية يمكن أن تُعدل، أو تُرفض، فيما لو استجدت حقائق جديدة، أو فهم جديد لها.


أما القانون، فهو وصف مبسط، غالبًا بصيغة رياضية، لعلاقة بين الأشياء تنتهي بنتيجة حتمية، وغالبًا ما يكون في قوانين الفيزياء والكيمياء ويندر جدًّا أن يكون في البيولوجيا.


وهذا يجعل من وظيفة كل منهما منفصلة، ولا يمكن لأي منهما أن يتطور إلى الآخر أو يحل محل الآخر، فالنظرية هي جواب عن سؤال: كيف تحدث الظاهرة؟ أما القانون، فهو جواب عن سؤال: ماذا يحدث في هذه الظاهرة؟ فالنظرية لا تتحول إلى حقائق بتراكم الأدلة عليها، مهما كثرت، بل هي: إطار لتفسير هذه الحقائق، وتعني كلمة “حقائق”: الملاحظات المتكررة، أو القياسات المتكررة، وتلك التي تُبني عليها النظرية العلمية، فالنظرية هي جوهر العلم، إذ تمتلك القدرة على التنبوء، فمثلا: نظرية الجاذبية التي تحدث عنها “نيوتن” توقعت كيف سيكون عليه الأمر خارج مجال الجاذبية الأرضية، قبل أن يلاحظه رواد الفضاء بفترة طويلة، و”نظرية التطور” تنبأت بالعثور على بقايا لحيوانات انتقالية قبل عقود طويلة من العثور عليها، والنظرية تظل في حالة أضعف مالم تتحول إلى قانون.


النظريات لا تتحطم ولا تنهار فجأة، بل تحل محلها نظريات أخرى، كما أنها لا تسقط من خلال معارضة دينية، بل كان الأمر دومًا عبر نظرية أخرى قدمت تفسيرًا أفضل، كما أن استخدام “المنطق” القائم على الحكم على منهجية التفكير وسلامة الاستدلالات والاستنتاجات التي يتم التوصل إليها، ليس صالحا للحكم على صحة أية نظرية أو نقضها، فالمنطق يعتمد على المقدمات السليمة، للوصول إلى نتائج صحيحة، والعلوم الطبيعية تحتاج إلى الدليل التجريبي.


أحد المفاتيح المهمة لإزالة الالتباس بين العلم والدين هو التفريق بين طبيعتهما، فالعلم يتطلب الشك المستمر، والدين قائم على فكرة اليقين والتصديق، كما أن المنهج التجريبي لا يمكن تطبيقه على الغيب، لأن الغيب خارج عن الطبيعة المادية، وأزمة الصدام بين العلم والدين كامنة في المشروع الحداثي، إذ ولد العلم الحديث في ظل صراع عنيف مع الكنيسة، ترك آثاره على طبيعة العلاقة بينهما، فالعلم لا يقدم إجابات على كل تساؤلات الإنسان، فثمة مكان للدين لا يمكن أن يحتله العلم أبدا، واليقين بعيد عن المنهج العلمي القائم على الشك المستمر.


أهمية نظرية التطور


ومن هنا يجب ألا يوجد إيمان بنظرية التطور، بل قبول بها، فقط، باعتبارها النظرية الأكثر قبولً لتفسير عدد من الظواهر الطبيعية المتعلقة بالكائنات المختلفة، حتى “داروين” نفسه كان يشك بنظريته، فهو كان يعبر عن طريقة تفكير علميّة تمامًا عندما عبر في أكثر من موضع عن شكوكه بأجزاء من نظريته.


و”نظرية التطور” ما تزال مقبولة حتى اليوم، بعد أكثر من قرن ونصف من ظهورها، باعتبارها الإطار التفسيري الأكثر قبولً وتماسكًا لعدد كبير من الظواهر في الطبيعة، ودحضها يتطلب تقديم نظرية أخرى تتخطاها، والنظرية ذات أهمية في حياتنا، سواء في فهم الأحياء والكائنات في العالم، أو تحسين مستوى الحياة، إذ أسهمت في إدخال التحسينات في نوعية وكمية المحاصيل والثروة الحيوانية وأساليب الزراعة، وتمكن العلماء من تفسير ارتفاع مقاومة المبيدات بين الآفات الزراعية، ويُعَد فهم التطور أيضًا أمرًا أساسيًّا لتقدم الطب، أما معرفة العلاقات التطورية بين الأنواع فقد أتاحت للعلماء اختيار الكائنات الحية المناسبة لدراسة الأمراض، مثل فيروس نقص المناعة البشرية.


يؤكد عالم الجينات “ثيودوسيوس دوبنزسكي” –وهو أحد مؤسسي نظرية التطور الحديثة ومن المدافعين المعروفين عن الجمع بين نظرية التطور والإيمان بالله- أنه بدون “نظرية التطور” سيكون علم الأحياء مثل متحف التاريخ الطبيعي؛ مجسمات ضخمة ونماذج معروضة خلف الواجهات الزجاجية مع بطاقات تعريفية، لكن لا شيء يربط بين كل هذه المعروضات، فالنظرية تساهم في تفسير لماذا انقرض هذا الحيوان، ولماذا استمر الحيوان الآخر الذي يشبهه كثيرًا، خاصة إذا عرفنا أنه يعيش في العالم ما لا يقل عن 8.7 مليون نوع من الكائنات الحية، منها 1.2 مليون نوع فقط وصفها ودرسها العلماء، والكثير من هذه الأنواع ستنقرض قبل أن تتم دراستها، ويرى “العمري” أن بدون “نظرية التطور” لا يمكن فهم حكمة الخالق من كل هذا الخلق، ولا يمكن فهم السر وراء وجود كل هذه الكائنات.


تقول “نظرية التطور” إن أصل كل الكائنات الحيّة التي تعيش في الأرض كان من خلية حيّة واحدة نشأت قبل قرابة أربعة مليارات سنة، واستمرت هذه الخلية بالانقسام والتكاثر والتخصص لتتحول من كائن أحادي الخلية إلى كائنات أكثر تعقيدًا متعددة الخلايا، وعبر مئات الملايين من السنين، استمرت الأنواع بالتكاثر وتمرير الصفات الوراثية لأجيال جديدة، بينما ساهمت الطفرات الجينية بظهور صفات جديدة، وعملت آلية الانتقاء الطبيعي، بتفضيل الصفات الإيجابية وتصفية السلبية.


أقام “داروين” نظريته على أربعة أركان، كل ركن منها يمثل مجموعة من الملاحظات التي قد تبدو بدَهية الآن، لكنه ربط فيما بينها على نطاق واسع ليجعل منها نظرية عن أصل مشترك للأنواع.


–التنافس: فكل جيل من كل نوع من الكائنات ينتج أفرادًا أكبر من العدد الذي يمكنه أن يستمر بالحياة، وهذا يعني أن كل فرد سيتنافس مع بقية الأفراد من ضمن نوعه للوصول إلى الطعام والمأوى والبقاء على قيد الحياة وإنتاج أفراد جدد.


–الاختلافات والتنوعات الموروثة: ضمن كل نوع يوجد اختلافات وتنوعات في الصفات، يمكن أن تنتقل من جيل لآخر، بعض هذه الصفات يمكن أن تكون سلبية وبعضها إيجابية ضمن التنافس بين الأفراد.


–البقاء للأصلح: الأفراد الذين ورثوا الصفات الأفضل ستكون لهم فرص أفضل في البقاء وتمرير صفاتهم للجيل التالي.


– السلالة مع تعديلات: تراكم التغيرات داخل فئة معينة معزولة من النوع نفسه، سيؤدي إلى اختلاف أكبر عن النوع، ويقود إلى بروز نوع جديد مختلف عن النوع الأصلي.


من المشكلات التي تحويها النظرية في الجانب الديني، هي أنها تُلغي  قصة الخلق التي تحدثت عنها الكتب المقدسة، يقول الكتاب:” مشكلة نظرية التطور ليست مع مسألة وجود الله، بل مع “قصة الخلق” كما ترويها الكتب السماوية، وهذه بالتأكيد ليست مسألة هينة، لكنها لا تمس وجود الله” ثم يقول:” ليس من المطلوب منك كمؤمن أن تقبل بنظرية التطور إن كان الأمر لا يعنيك ولا يشكل لك أزمة، نظرية التطور ليست من أركان الإيمان ولا فروعه ولن تكون كذلك بالتأكيد،  لكن إن آمن آخرون بها وجمعوا بينها وبين إيمانهم بالله، فمن الخطأ جدًّا أن تحاربهم وتحارب ما يؤمنون به”.

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| D43f2ad55c83dba80182fa204d8b2b2e
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ادارة المنتديات

⚫
ادارة المنتديات

وسام العطاء
وسام العطاء
الحضور المميز
الحضور المميز
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 276
نقاط التميز : 21855
السمعة : 10
تاريخ التسجيل : 13/07/2020
الموقع : ❤️فلسطين❤️

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مايو 11, 2021 5:48 am

كتاب “التحريم والتقديس” يتناول نشوء الثقافات


23/04/2021 المحرر
صدر مؤخرا عن سلسلة “ترجمان” في “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” كتاب “التحريم والتقديس: نشوء الثقافات والدول”، وهو ترجمة أحمد أحمد العربية لكتاب مارفن هاريس بالإنكليزية Cannibals and Kings: The Origins of Cultures.  يمثل هذا الكتاب محاولة لتفسير الأنواع اللامتناهية من السلوك الثقافي التي تبدو محيرة أول وهلة، وكيف تتبنى الثقافات أشكالها المميزة، على أنها تكيفات مع ظروف بيئية معينة وتغير أنماطها. ويقع هذا الكتاب (296 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) في 15 فصلًا.


المؤلف: مارفن هاريس


اشتغل أستاذًا في جامعة كولومبيا منذ عام 1953 ورئيسًا لقسم الأنثروبولوجيا فيها (1963-1966)، ومحاضرًا زائرًا في معظم الكليات والجامعات الكبرى في الولايات المتحدة الأميركية. بحث ميدانيًا الجوانب الثقافية للعلاقات الإثنية والعرقية وآثار الحقبة الكولونيالية ومشكلات نقص النمو من منظور بيئي في البرازيل وموزمبيق والإكوادور، وكان رائدًا في استخدام تقنيات التصوير بالفيديو في دراسته الحياة الأسرية في هذه البلدان. له كتب عدة، منها “نشوء النظرية الأنثروبولوجية: تاريخ النظريات الثقافية”، و”الثقافة، الإنسان والطبيعة: مقدمة في الأنثروبولوجيا العامة”، و”مقدّسات ومحرّمات وحروب: ألغاز الثقافة”، إلى جانب بحوث أنثروبولوجية كثيرة منشورة في دوريات محكّمة.


المترجم: أحمد م. أحمد


شاعر وكاتب ومترجم سوري. صدر له: “جمجمة الوقت” (قصص، 1993)، و”أحرق سفنه إلّا نعشًا” (نصوص، 2013). من ترجماته: “العالم لا ينتهي” لتشارلز سيميك، و”رجل في الظلام” لبول أوستر، و”مع بورخيس” لألبرتو مانغويل، و”مقدّسات ومحرّمات وحروب: ألغاز الثقافة” لمارفن هاريس.


اهتمّ الأنثربولوجي الأميركي مارفن هاريس (1927 – 2001) بتأثير العوامل الديموغرافية وعوامل الإنتاج على النظام الاجتماعي الثقافي، باعتبارها مساهِمةً بشكل أساسي في تحديد الهيكل الاجتماعي للمجتمع وثقافته، وذلك في مجموعة مؤلّفات منها “أبقار، خنازير، حروب، ساحرات: ألغاز الثقافة”، و”لماذا لا يعمل شيء: أنثروبولوجيا الحياة اليومية”، وغيرهما.


ثقافة وطبيعة


في الفصل الأول، من كتاب “التحريم والتقديس: نشوء الثقافات والدول” وبعنوان “الثقافة والطبيعة”، يتساءل مارفن هاريس: لماذا يقوم الناس بحل مشاكلهم الاقتصادية برفع وتيرة الإنتاج؟ ويجيب أنه من الناحية النظرية، فإن الطريقة الأسهل لتحقيق نظام غذائي عالي المردود، وحياة نشطة طويلة خالية من الكدح والتعب، ليست في زيادة الإنتاج، بل في تقليص عدد السكان. وإن حدث لسبب ما شيء خارج عن سيطرة البشر – ولنقلْ إنه تغير مناخي غير مرغوب فيه – انخفضت إثرَه حصة كل فرد من الموارد الطبيعية إلى النصف، “فلن يحتاج الناس إلى محاولة العمل بجهد مضاعف لتعويض النقص. وبدلًا من ذلك، عليهم أن يخفضوا عدد سكانهم إلى النصف، أو – كما يجدر بي القول – قد تمكنوا فعلًا من القيام بذلك حيثما لم يكن في الأمر مشكلة كبيرة لأحد”.


أما في في الفصل الثاني، “القتل في عدن”، فيرى المؤلف أن ليس في مقدور الوسائل الطبيعية لضبط نمو التعداد السكاني شرح التباين بين الكثافات المتدنية والخصوبة المحتمَلة للمرأة. فمعدلات النمو يمكنها أن ترتفع بسهولة. وقد توصلت الجماعات التي تتمتع بالصحة، والتي لها مصلحة في زيادة معدل نموها، إلى ثماني مرات من حمل المرأة الواحدة. يضيف أن لا شك في أن الأمراض كانت موجودة، “لكن كعامل فناء، لا بد من أن هذه الأمراض كانت في العصر الحجري أقل أثرًا مما هي عليه اليوم. فقد تأثر موتُ الأطفال والبالغين بالعدوى الفيروسية والبكتيرية – مثل الزحار والحصبة والسل والسعال الديكي والرشح والحمى القرمزية – إلى حدٍ كبير بنظام الغذاء والصحة العامة للجسم، لذلك يرجح أنه كان للصيادين وجامعي الثمار في العصر الحجري معدلات تعافٍ عالية من إصاباتٍ كهذه”.


عودة إلى الأصل


الفصل الثالث، من كتاب “التحريم والتقديس” جاء بعنوان “أصل الزراعة”، يقول هاريس إن تطور الزراعة لم يتسبب في زيادة عدد السكان، فيرى أن الزراعة ابتُكرت لمواجهة نقص الغذاء الناتج من قتل الثدييات المحلية الكبيرة، خصوصًا في الشرق الأوسط والصين والأميركتين.


في الفصل الرابع، “أصل الحرب”، من كتاب “التحريم والتقديس” يعترف هاريس أن الحرب ربما كانت أقل تواترًا وأقل فتكًا في العصر الحجري القديم. ففي المجتمعات القديمة، كان ثمة حاجة أقل إلى الصراع على الأرض، وإحساس أقل بالهوية المشتركة، ومن ثمّ تقل احتمالية كره الآخر. وربما لا يكون الأفضل وصف الحروب المسجلة بين المجموعات القديمة بأنها حروب بين العصابات، بل هي مجموع المعارك الفردية بين أعضاء العصابات المختلفة الذين يقررون حل نزاعاتهم الفردية بأيديهم.


أما في الفصل الخامس، “البروتينات والشعب العنيف”، فيتحرى هاريس معيشة شعب اليانومامو، من دون أن يدعي أن هناك انخفاضًا فعليًا في حصة البروتين لكل فرد من اليانومامو نتيجة استنزاف الموارد الحيوانية. فمن خلال السير مسافات أطول، وجمع حيوانات أصغر، وجمع الحشرات واليرقات، والاستعاضة عن البروتين الحيواني بالبروتين النباتي، وزيادة معدل قتل الأطفال الإناث (إبطاء معدل النمو السكاني عند الدنو من مرحلة انقسام القرية)، يمكن أن يتجنب الناس أعراضًا سريرية فعلية لنقص البروتين.


التفوق الذكوري


يرى المؤلف في الفصل السادس، “أصل التفوّق الذكوري وعقدة أوديب”، أن ممارسة الحروب هي المسؤولة عن منظومات التفوّق الذكوري لعقدة واسعة الانتشار بين مجتمعات القرية والجماعة. ووجود هذا المركّب هو مصدر ارتباك والتباس لمؤيدي حقوق المرأة. وفي رأيه، يخشى كثير من النساء أنه إذا كان التفوق الذكوري حاضرًا منذ زمن طويل، فربما يكون بالفعل أمرًا طبيعيًا أن يسيطر الرجال على النساء. لكن لا أساس يُعتدّ به لهذه الخشية. فقد نشأت نظم التفوق الذكورية نتيجة الحروب واحتكار الذكور الأسلحة، واستعمال الجنس لتغذية الصفات الذكورية العدوانية. والحرب ليست تعبيرًا عن الطبيعة البشرية، بل استجابة للضغوط البيئية والإنجابية. لذلك، ليس التفوق الذكوري طبيعيًا أكثر من الحرب. ويضيف: “لم تكن عقدة أوديب سبب الحرب؛ بل الحرب هي سبب عقدة أوديب (مع العلم أن الحرب نفسها ليست السبب الأول، بل أمرٌ ثانويٌّ لمحاولة التحكم بالضغوط البيئية والإنجابية)”. إلى ذلك، وبدءًا بعقدة أوديب، لا يمكن المرء أن يفسر التنوع في كثافة الحروب ومجالها؛ لِمَ تنزع بعض الجماعات إلى الحروب أكثر من غيرها، ولم يمارس البعض أشكالًا خارجية من الغزو والآخر يمارس أشكالًا داخلية منه.


في الفصل السابع، “أصل الدول البدائية”، من كتاب “التحريم والتقديس، نشوء الثقافات والدول” يقول المؤلف إن علماء الآثار يميلون إلى الاتفاق على أن هناك على الأقل ثلاثة مراكز لتطور الدولة البدائية، وربما تصل إلى ثمانية. ويظهر أن الصورة الأمثل لفهم قيام الدول البدائية أنها نتيجة لتكثيف الإنتاج الزراعي. إلى ذلك، ما إن تتشكل دول بدائية في منطقة معينة، حتى تبدأ الدول التابعة بالنشوء تحت ظروف متنوعة. وتتشكل بعض الدول التابعة في نوع من الدفاع ضد غزوات السلب التي تقوم بها الدولة المجاورة الأكثر تطورًا، بينما تنشأ أخرى نتيجة محاولات انتزاع السيطرة على طرق تجارية استراتيجية وعلى المقادير المتزايدة من السلع التي تُنقلُ وتُرافق عادة نمو الدول في أي منطقة.


آكلو لحوم البشر


يعود هاريس في كتابه “التحريم والتقديس” في الفصل الثامن، إلى “دول أميركا الوسطى ما قبل كولومبوس“، والنظر في السياق التطوري في وادي تيوتيهواكان ووادي المكسيك خلال الألف سنة، بين عامي 200 و1200، فيقول: “يمكننا أن نتبين ثلاث مراحل واضحة من التكثيف الزراعي يتبعها ثلاثة تحولات في أسلوب الإنتاج: الأولى، تكثيف زراعة الحرق والقطع على التلال؛ الثانية، الري من طريق القنوات التي تغذيها الينابيع؛ الثالثة، إقامة الشينامبا. كانت كل واحدة منها تتضمن نفقات بدء وبناء متزايدة، ولكن كلًا منها كانت تمنح بشكل أساسي سبل الحياة لأعداد سكانية أكبر ودول أكبر وأكثر قوة”. يضيف أن في الألف سنة هذه، ارتفع عدد سكان وادي المكسيك من بضع عشرات من الآلاف إلى مليونَي نسمة، بينما اتسع مجال الحكم السياسي من وادٍ واحد إلى اثنين إلى شبه قارة. ووفق نظرية التطور إلى الأمام والأعلى، كان من المحتم أن يعني ازدياد الإنتاج الزراعي تمتُّعَ الأزتك وجيرانهم بوتيرة متصاعدة بفوائد الحضارة الرفيعة، وهي عبارة لم يتردد الأنثروبولوجيون في تطبيقها عليهم.


أما في الفصل التاسع، “مملكة آكلي لحوم البشر”، فيقول المؤلف إن شعوب الأزتك كانوا يضحون بالبشر بصفة منتظمة، “بقدر ما كان الإسبان وشعوب أوروبية أخرى يقومون أيضًا بشكل منتظم بكسر عظام البشر على المخلعة، واقتلاع الأذرع والأرجل بحبال مربوطة بين خيول، وحرق النساء المتهمات بالسحر على الوتد”.


لكن، لم يحدث في أي مكان آخر من العالم أن شعبًا طور دينًا رسميًا كان فنه وعمارته وطقوسه يسودها العنفُ والموت والمرض بكل معنى الكلمة. كما لم يحدث في أي مكان آخر أن أُعِدّتِ الجدرانُ وساحات المعابد العظيمة والبلاط لمثل هذه العروض التي ركّزتْ على الفكوك والأنياب والأصابع والأظافر والعظام ورؤوس الموت المحملقة الأعين. و يروي هاريس في كتابه “التحريم والتقديس” ويقول “المصدر الرئيس لطعام آلهة الأزتك كان أسرى الحرب، الذين كانوا يجرون على أدراج الأهرامات إلى المعابد، يمسكهم أربعة كهنة، يفردون أيديهم وأرجلهم إلى الخلف على حجر المذبح، ويشقون من جانب من الصدر إلى الآخر بسكين من الزجاج البركاني يتقن استعمالها كاهن خامس. بعد ذلك، كان قلب الضحية – ويوصف عادة أنه لا يزال ينبض – يُنتزع ويحرق قربانًا. ثم يتدحرج الجسد عن أدراج الهرم التي بنيت شاهقة وشديدة الانحدار عمدًا لتلائم هذا الغرض”.


قديمًا أيضًا


في الفصل العاشر، “حَمَلُ الرحمة”، ثمة ما يدفع هاريس إلى الاعتقاد أن أكل لحم البشر “لم يكن له يومًا شأن في الولائم التي يتم فيها التوزيع وسطَ الثقافات التي تسبق مباشرة صعود الدول في بلاد ما بين النهرين ومصر والهند والصين وأوروبا”. كان البشر يُقدمون قرابين طقوسية في مجتمعات ما قبل الدولة المنتشرة عبر أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وفي جنوب شرق آسيا وماليزيا وإندونيسيا وأوقيانوسيا، لكنهم نادرًا ما كانوا يؤكلون. وتؤكد مصادر رومانية يُعتدّ بها – يوليوس قيصر، وتاسيتوس، وبلوتارخوس – أن التضحية بأسرى الحرب كانت أمرًا مألوفًا في أوساط ما يسمى الأمم البربرية على أطراف العالم الروماني – الإغريقي. ويروي هيرودوتس أن أمةً بربرية أخرى ذائعة الصيت من جزّازي الرؤوس، هي السكوثيين، عاشت في الدانوب الأدنى وعلى شواطئ البحر الأسود، كانت تضحي بصفة منتظمة بأسير من كل مئة أسير يأخذونه من ساحة القتال. وفي بلاد ما بين النهرين قديمًا، كان يضحى بالأسرى في المعابد. ويشير نقش من لاغاش دُوِّن حوالى عام 2500 ق. م. إلى الآلاف من جثث الأعداء المكدسة في أكوام ضخمة. وهناك أسرى حرب كان يضحى بهم في الصين القديمة. وكما تظهر القصة في الكتاب المقدس عن إبراهيم وابنه إسحق، من الواضح أن إمكانية التضحية بالبشر كانت كثيرًا ما تجول في ذهن الإسرائيليين القدامى. ويخيل لإبراهيم أنه يسمع الربَ يطلب منه أن يقتل ابنه الذي أنقذه في اللحظة الأخيرة ملاك طيب.


اللحم المحرم


في كتابه “التحريم والتقديس” يرجّح هاريس في الفصل الحادي عشر، “اللحم المحرم”، أن الخنزير كان أول الحيوانات الداجنة التي أصبحت باهظة الثمن من مصادر اللحوم، “ونعلم من العهد القديم أن الإسرائيليين أُمِروا بالامتناع عن أكل لحم الخنزير منذ فجر تاريخهم. وبما أن لحم الماشية والغنم والماعز كان له دور مهم في توزيع ’الوهّاب‘ الإسرائيلي القديم، فإن تحريم استهلاك مصدر ممتاز للحم الحيواني كهذا يبدو عصيًا على الفهم. تظهر آثار خنازير داجنة في قرى العصر النيوليتي في فلسطين وسورية والعراق والأناضول، وهي قديمة قدم آثار الغنم والماعز تقريبًا. علاوة على ذلك، وبعكس كائنات داجنة أخرى، كان الخنزير يدجن من أجل لحمه قبل كل شيء”.


ويقول هاريس، في الفصل الثاني عشر، “أصل البقرة المقدسة”، إن النصوص الفيدية المتأخرة والهندوسية المبكرة تتضمن تناقضات كثيرة في ما يتعلق باستهلاك لحوم الأبقار، “فإلى جانب رسوم عدة للماشية المُعَدة للتضحية هناك مقاطع تدل على أن الأبقار يجب ألا تذبح أبدًا، وأن أكل لحمها يجب أن يحرم بتاتًا”. بعض المصادر الموثوقة تدّعي أن هذه التناقضات يمكن تفسيرها على نحوٍ أفضل بفرضية مفادها أن علماء الهندوس المتعصبين حرّفوا نصوص الامتناع عن أكل لحم البقر، والامتناع عن ذبح البقر في تاريخ متأخر. لكن لحم الأبقار كان الأكثر شيوعًا في الاستهلاك خلال معظم الألفية الأولى قبل الميلاد. لعلّ الحل الأقل جدًّا لهذه التناقضات في النصوص المقدسة أنها كانت تعكس تغيرات تدريجية في المواقف، على مدى فترة طويلة، بدأ الناس خلالها أكثر فأكثر يرون في أكل الحيوانات الداجنة، خصوصًا الأبقار والعجول، أمرًا بغيضًا. يضيف: “يرى الهندوس والغربيون على السواء أن تحريم أكل اللحم في الهند انتصارٌ للأخلاق على الشهية. هذا تحريف خطير للسيرورات الثقافية. فلم تكن النزعة النباتية عند الهندوس انتصارًا للروح على المادة، بل لقوى الإنجاب على الإنتاج. إن السيرورة المادية المشابهة تمامًا التي عززت انتشار الأديان فارغة اليدين في الغرب، وانتهاء التضحية بالحيوان وولائم التوزيع، وتحريم لحم كائنات داجنة مثل الخنزير والحصان والحمار ما دفع الهند بشكل متصلب باتجاه أديان تدين أكل لحوم جميع الحيوانات. لم يحدث هذا لأن روحانية الهند فاقت روحانية مناطق أخرى؛ بل لأن تكثيف الإنتاج في الهند، واستنزاف الموارد الطبيعية وازدياد الكثافة السكانية قد جاوزت حدود النمو في أي مكان آخر من العالم ما قبل الصناعي باستثناء وادي المكسيك”.


في الزراعة المائية


في الفصل الثالث عشر، “المصيدة المائية”، يعتقد هاريس أن الزراعة المائية ما قبل الصناعة أدت بصفة متواترة إلى نشوء سلطات بيروقراطية لإدارة الزراعة، متطرفة في استبدادها؛ لأن التوسع وتكثيف الزراعة المائية – وهي نفسها نتيجة للضغوط الإنجابية – كانت تعتمد على نحوٍ فريد على مشاريع بناء ضخمة، لم يتسن تنفيذها، في غياب الآلات، إلا من خلال جيش من العمال أشبه بالنمل. يقول: “كلما كان النهر أكبر، كانت طاقة إنتاج الغذاء للمنطقة التي يتدفق فيها أكبر. ولكن كلما كان النهر أكبر، كانت مشاكل الاستفادة من طاقاته أكبر. من جهة، كانت الدولة تتولى بناء الشبكات الواسعة من التحويلات والقنوات الرافدة ومصارف الري وبوابات التحكم بتدفق المياه لتأمين وجود كمية كافية من المياه في الوقت المناسب؛ من جهة أخرى، كانت الدولة تتولى بناء السدود، والحواجز ومصارف المياه لتلافي التأثيرات المؤذية الناجمة عن تدفق كمية كبيرة من المياه دفعة واحدة”.


رأسمالية صناعية


في الفصل الرابع عشر، “أصل الرأسمالية”، يقول المؤلف إن عادة تفسيرات انهيار الإقطاع تبدأ بملاحظة أن التجارة والصناعة قد نمتا في القرنين العاشر والحادي عشر، “وأن البحث عن المكاسب حوّل جميع الالتزامات العرفية تجاه الإقطاع إلى علاقات سوق وعرض وطلب”. لكن كما يوضح إيمانويل فالرشتاين، “’يجب عدم الاعتقاد بأن الإقطاع كنظام مناقضٌ للتجارة‘”. كان الأسياد الإقطاعيون يشجعون دائمًا نمو المدن وتطور الحرفيين والتجار المدنيين الذين أمكنهم تسهيل تحول منتجات الأرض الزراعية إلى عدد من السلع والخدمات التي لم تستطع المزرعة تأمينها. لم يكونوا على الإطلاق معارضين أيديولوجيًا للبيع والشراء وجني الأرباح. ما يجب تفسيره، إذًا، هو لِمَ استغرقت المدن والأسواق أكثر من 500 سنة لتبدأ بهدم النظام الإقطاعي. والجواب، في اعتقاده، هو أن المدن والأسواق نمت ببطء، ما دام في استطاعة الرقيق والمزارعين الأحرار المحافظة على مستويات معيشة عالية نسبيًا، من خلال أعمالهم الزراعية التقليدية.


أما في الفصل الخامس عشر والأخير والذي جاء بعنوان “الفقاعة الصناعية”، فيورد هاريس في كتاب “التحريم والتقديس” أنّ كارل ماركس ومصلحين وراديكاليين آخرين اعترضوا على توماس مالتوس وعلماء اقتصاديين آخرين من القرن التاسع عشر ممن أصبح توجسهم معروفًا بـ “العلم الكئيب”، على قاعدة أن الفقر والبؤس اللذين غرق فيهما عمال أوروبا ومزارعوها كانا نتيجة القوانين الخاصة بالاقتصاد السياسي للرأسمالية، وليس نتيجة الوجود الإنساني بعامة. ففي نظر ماركس، جنى الرأسماليون أرباحهم من استغلال العمالة؛ إذ في ظل الرأسمالية كانت الأجور تخفّض إلى حدود الكفاف بغض النظر عما إذا كان عدد السكان في ازدياد أو نقصان. كما شدد ماركس على أن قوانين الرأسمالية تؤدي حتمًا إلى تركز الثروة في أيدي قليل من البلوتوقراطيين وإفقار الجميع. وعلى غرار مالتوس، فشل في التنبؤ بالارتفاع السريع وغير المسبوق لمستويات العيش الذي كان سيحدث بعد فترة وجيزة. لم يدرك مالتوس ولا ماركس – أحدهما مُصادَر بقانون الإنجاب، والآخر مُصادَر بقانون الإنتاج – حقيقة أن الثورة الصناعية كانت تخلق علاقة جديدة كليًا بين الإنتاج والإنجاب. فعلى عكس جميع التحولات الرئيسة السابقة في أساليب الإنتاج، أنتجت الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر تعاظمًا كبيرًا في كفاية العمالة لم يرافقه ازدياد، بل انخفاض في معدل النمو السكاني.


المصدر : www.dohainstitute.org

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| D43f2ad55c83dba80182fa204d8b2b2e
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ادارة المنتديات

⚫
ادارة المنتديات

وسام العطاء
وسام العطاء
الحضور المميز
الحضور المميز
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 276
نقاط التميز : 21855
السمعة : 10
تاريخ التسجيل : 13/07/2020
الموقع : ❤️فلسطين❤️

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مايو 11, 2021 5:50 am

طه عبد الرحمن وفريدريش نيتشه أو المفهوم الفلسفي وتسيّب التّأويل الاستعاري


21/04/2021 عبد الرزاق بلعقروز
إنَّ المسعى الذي يقوم عليه الطرح الفلسفي لطه عبد الرحمن هو  تخليص القول الفلسفي العربي من رق التقليد والإتباع، بالبحث عن أقوم المسالك التي تمُكّن المتفلسف العربي من تحصيل الإقدار على التفلسف والاستقلال بفضاء فلسفي مخصوص ملمحه الجوهري هو الإبداع؛ هذا المُبتغى وضع له طه عبد الرحمن فرعا معرفيا اصطلح على تسميته بـ :”فقه الفلسفة”. وموضوعه هو ” الظواهر الفلسفية بوصفها وقائع ملموسة واردة في لغات خاصة وناشئة في أوساط محُدَّدة وحادثة في أزمان معيّنة وحاملة لمضامين أثرت فيها عوامل مادية ومعنوية مختلفة” .


وواضح من هذه المُواصفات الصّفة العلمية التي عليها هذا الفرع المعرفي الجديد، فهو يجعل من الفلسفة موضوعا للعلم يجوز قراءتها قراءة رصدية ووصفية وشرحية بعد أن كانت تتأمَّل هي العلوم وتفحص مبادئها المنطقية ونتائجها الموضوعية، ولما كان المفهوم الفلسفي هو الأداة المركزية للتفلسف؛ فإن طه عبد الرحمن راهن على البحث عن القوانين التي تنضبط وفقا لها الصّناعة المفهومية الإبداعية، وكيف تؤثر اللُّغة الطبيعية ونُظُم المعرفة في هذه الصناعة، فبدى له أن للمفهوم الفلسفي جانبين اثنين هما : جانب عباري هو مدلوله الاصطلاحي وجانب إشاري يرتبط بالمجال التداولي للفيلسوف، فالعبارة ” هي كلام دال على الحقيقة صريح لفظه مُحْكم تركيبه، بينما الإشارة على عكسها، كلام دال على المجاز أو مضمر لفظه أو مشتبه معناه، وهذا يعني، أن العبارة هي أساسا، كلام يلتزم بضوابط العقل المجرد، في حين أن الإشارة هي، أساسا، كلام ينفتح على رحاب الخيال المجسد؛ وانضباط العبارة بقيود العقل المجرد يجعل مضمونها مُتَغلغلا في عالم المعقولات الكلية، منقطعا عن خصوصية المجال الذي يتداولها فيه واضعها، بينما انفتاح الإشارة على أودية الخيال يجعل مضمونها متغلغلا في عالم المعاني المُشخَّصة، مُتصلا بخصوصية المجال الذي بتداولها فيه واضعها ” .


وأمام هذا، ماحظ القول الفلسفي من العبارة والإشارة؟ هل هو قول عباري-علمي محض أم هو قول إشاري-تداولي يخاطب ملكة الذوق والمخيال؟ يتبنىَّ طه عبد الرحمن موقفا وسطيا بمعنى مخصوص؛ وهو مدار إثبات الدعوى الأم التي عليها مدار المشروع “إن القول الفلسفي ليس قولا عباريا محضا ولاقولا إشاريا محضا، وإنما هو قول يجمع بين العبارة والإشارة على وجوه مختلفة “.


لكن ما الصّلة بين طه عبد الرحمن و نيتشه في هذا المقام؟ إن تعرُّض طه عبد الرحمن لنيتشه جاء في مقام نقد النَّظريات التي ناقشت حقيقة الصلة بين العبارة والإشارة في القول الفلسفي، فبرأيه أن نيتشه يجعل من العبارة من جهة مضمونها إشارة، وأقام اعتراضه- أي نيتشه- على النَّظرية الأرسطية في البلاغة التي تجعل من المفهوم ذو دلالة على المعنى الذي وضع له في الأصل، وما الاستعارة سوى نقل للمفهوم من هذا المعنى الأصلي إلى معنى آخر لوجود المشابهة بينهما أي الحقيقة اللغوية للمفهوم، وأن المفهوم يعكس ذات الشيء؛ بحيث يحصل التطابق بين ماهو في الذّهن وما هو في العالم الخارجي أي الحقيقة الخارجية للمفهوم.


غير أن هذا التصور الشَّائع والراسخ لا يقبله نيتشه؛ ويعترض على هاتين الحقيقتين: الحقيقة اللغوية للمفهوم والحقيقة الخارجية للمفهوم، فمدار الاعتراض حول الأولى أن أنساق المفاهيم ليست هي الأصل؛ وإنما الاستعارة بدلالتها الإنسانية، حيث الميل الإنساني إلى توحيد المختلف تحت ضغط الحاجة إلى التواصل، فيجري تبعا لهذا تكوين المفهوم الذي هو بقيّة من الاستعارة الأصلية بما هي إثارة عصبية يقول نيتشه: ” ماهي الكلمة؟ إنها التعبير الصوتي عن إثارة عصبية.


والاستخلاص من الإثارة العصبية أن هناك علة أولى خارجة عنا هو بالضبط مايؤدي إليه استعمال خاطئ وغير مبرّر لجوهر العقل .. نظن أننا نمتلك معرفة ما بالأشياء حين نتحدّث عن الأشجار، والألوان، والثلج والأزهار، غير أنَّنا لانمتلك سوى استعارات من تلك الأشياء، استعارات لاتوافق الجوهر الأصلي بتاتا. كما يتم إدراك الصوت باعتباره صورة رملية فإن الشيء المجهول  في الشيء في ذاته يتم إدراكه أولا على أنه استعارة عصبية ثم كصورة، أي كتعبير عنه في نهاية المطاف” .


إذن، فالإنسان يميل إلى الانتقاء والاختزال والحذف، ويرفع الاستعارة الأصلية إلى رتبة المفهوم ناسيا في الوقت نفسه التجربة الأصلية التي دانت له بظهورها “وآنذاك، لانستغرب أن يُكثر نيتشه من ذكر ما يمكن أن نسميه بالاستعارات المعمارية، وهي الصُّور التي يكون فيها المستعار منه نوعا من البنيان، ويذكر لنا منها ” خلية النحل” و”البرج” و”الهرم”و” بيت العنكبوت”، مشبها النسق المفهومي بها من هذا الوجه أوذاك بحسب كل واحد منها، مما يدل على أن ” نيتشه” لم يقف عند حد الإشادة بالاستعارة وتفصيل فوائدها، وإنما كان يتعدى ذلك إلى استعمالها والإكثار من هذا الاستعمال، موردا إلى جانب الاستعارات المألوفة أخرى غير مألوفة”.


أما الاعتراض الثاني الذي استخرجه طه عبد الرحمن فهو مناهضة النّظرية البلاغية القديمة المنحدرة من أرسطو؛ المبنية على تصور مؤداه التوهم بأن الوجود الخارجي هو العلة واللُّغة الإنسانية معلولة له، فيجري تبعا لهذا حصول الموافقة والتطابق بين الذهن والعين، لكن نيتشه يَقْلِبُ هذه العلاقة بينهما ويرى بأن الحقيقة الخارجية للمفهوم يحكمها النَّسق الاجتماعي الذي يفرض حقائق مخصوصة ويُزيّف أخرى كاذبة؛ وكل من يسيء استخدام الاتفاقيات القائمة كالقيام بإبدلات اعتباطية أو الخروج عن قواعد السلوك الأخلاقي فسيكف النسق الاجتماعي عن الثقة به ويعتبر مواقفه زائفة على نحو نسقي.


وللدَّلالة على هذا النّقد النيتشوي يقتبس طه عبد الرحمن نصا بديعا يكشف فيه نيتشه عن الأصل الاستعاري للحقيقة الخارجية : “ما الحقيقة؟ إنّها جيش متحرك من الاستعارات، من المجاز المرسل، أو التشبيهات بالإنسان، أو قل، بإيجاز مجموعة من العلاقات الإنسانية، التي تم التسامي بها على طريقة شعرية وبلاغية، والتي بعد طول استعمال تبدو لشعب ما راسخة وإلزامية، إن الحقائق هي أوهام نسيت أنها كذلك، واستعارات ضاعت قوتها الحسية، وقطعا نقدية ضاعت نقوشها” .


جلي إذن؛ أن نيتشه يُرجع ثنائية الحقيقة اللغوية للمفهوم والحقيقة الخارجية للمفهوم إلى نسيان عالم الاستعارات البدائي أو بعبارة طه عبد الرحمن ” نسيان الفعالية الإشارية”، وهذا التّصوُّر الذي أتى به نيتشه تصوُّر غير معهود في تاريخ الدّراسات البلاغية والفلسفية، حيث ” فتح حقا بابا غير مطروق في فلسفة البلاغة ومهَّد الطريق لإشكالات غير مسبوقة [إلا أنه] ينبني أساسا على مبدأ القلب، فالإشارة أصل حيث قيل إنها فرع والعبارة فرع حيث قيل إنها أصل، وكل ما كان بهذا الوصف، فبقدر ما يكون داعيا إلى تجديد الاستشكال لما يتعلّق به، يكون مثارا لشبه قد يندفع بعضها وقد لا يندفع بعضها الآخر، ومن الشبه التي تعرض لهذا التصور البياني والتي تبدو لنا غير مندفعة شبهتان اثنتان” الوقوع في الخلط” ” والوقوع في الابتذال”.


واضح إذن هنا الآلية المنهجية التي استند إليها نيتشه، أي آلية القلب في العلاقة بين العبارة والإشارة، وهي آلية تمُسك بإشكاليات نيتشه برمتها وليست مخصوصة فقط بفلسفة البلاغة، فنجدها في قلب الأفلاطونية، حيث يقلب نيتشه عاليها على سافلها، وفي مشكلة القيم يجري أيضا قلب القيم، فما كان شريرا وسيّئا من وجهة نظر قيم الثقافة التاريخية يصبح هو الأرقى والأجمل والأخْيَر من منظور الذّائقة النبيلة المُناَفحة عن التراتب الطبيعي بين القيم. وواضح أيضا، أن طه عبد الرحمن أدرك أصالة نيتشه وفَرَادة رؤيته في فلسفة البلاغة ، غير أنه اعترض عليها بسبب وقوعها في الخلط ووقوعها في الابتذال؛ فالأولى يتجلى الخلط فيها، في أن نيتشه لا يميّز بين صلات ثلاث :” صلة الذهن بالخارج” و”صلة اللُّغة بالخارج” و” صلة اللُّغة باللُّغة”، لأن المجال الأصلي للبلاغة هو الصّنف اللُّغوي، والصَّنفين الآخرين خارج دائرة البلاغة.


وبالفعل، فإن نيتشه يُسمي استعارة، كل دائرة من هذه الدوائر المذكورة، فالإنسان ” يُسمي فقط علاقة الناس بالأشياء، ولكي يعبر عنها يستعين بأكثر الاستعارات جرأة.


التعبير عن إثارة عصبية بصورة! استعارة أولى. وتحويل الصورة بدورها إلى صوت! استعارة ثانية، وفي كل مرة تتم قفزة تامة من دائرة إلى أخرى، دائرة جديدة ومختلفة تماما”. وهذا الإقرار برأي طه عبد الرحمن ” غير مسلّم به، وذلك لأن هذا تَوسُّعُ في مدلول الاستعارة يخرج بها عما وضعت له في الاصطلاح، فلاينفع نيتشه في اعتراضه على التصور التقليدي لعلاقة المفهوم بالاستعارة، فإن صار معناها غير المعنى المتفق عليه بين البلاغيين، فدليله على أنها هي الأصل في المفهوم لايترتّب عليه بطلان هذا التصور التقليدي”.


أما الثانية؛ أي شبهة الوقوع في الابتذال، فبيانها أن نيتشه يجعل من الحدوس الأولى استعارات ويجعل من المفاهيم استعارات أيضا، فلا نخرج من شبكة استعارية إلا وندخل في أخرى تشبهها أو تختلف عنها، ومؤدا هذا سيولة ابتذالية وامّحاءًَ لفائدتها الاستعمالية، وفضلا عن هذا، فإنه لامشكلة تنبجس أمامنا إلا ما أقْلَبْنا التَّسميات وغيّرنا الأمكنة والمواقع، فسمّينا الشيء بضده تماشيا مع هذا التوسيع المُفرط ” فإذا قيل : ” إن المفهوم عند نيتشه” هو نوع خاص من الاستعارة، وهو الاستعارة الجامدة أو المجرّدة أو المعمّمة، ولذلك لا يمكن له أن يسد مسدها في الدلالة على المقصود منها، فإننا نقول : فكما يصح هذا الوجه في التخصيص، كذلك يصح عكسه، فيجوز أن يقال : الاستعارة هي نوع خاص من المفهوم، وهي المفهوم الحي، أو المشخّص أو المخصّص.


 هكذا إذن، يقوم نيتشه بهذا التوسيع للإشارة توسيعا أوقعها في الخلط الفاسد وتوسيع آخر أوقعها في الابتذال المذموم، ويجد هذا الرأي تفسيره-برأي طه عبد الرحمن-في أن نيتشه يَصْدُرُ عن قول صوفي مفرط في صوفيته، لاعن قول منطقي تتحكّم في استدلالاته لغة العبارة، ونيتشه نفسه أشار في نص ” الحقيقة والكذب بمعناهما الماوراأخلاقي” إلى أن ثمة صراع بين إنسان الحدس الذي يزدري التجريد، وإنسان العقل الذي يخاف الحدس، لكنه ينتصر للإنسان الحدسي النّهم بالفن والطافح بالقوة والمُنْجز للوحدة العزيزة على قلب نيتشه ” وحدة الحياة والفن “.


 أي أن مساءلاته للمفهوم والاستعارة ليست مساءلات لغوية محضة لاتتجاوز مباحث فلسفة البلاغة، وإنما هي مساءلات موصولة بأزمة المعرفة والحقيقة في الحضارة، حيث يبتغي الإنسان الجديد فيها التنوير والتفتُّحَ والخَلاصَ والتحرّر بماهي ثمرات الحدوس الذّوقية النّاهمة بالقوة، وصلتها أيضا بنقد الإنسان النّظري وثقافة المفاهيم الشاحبة الذيْنِ أتى بها سقراط إلى العالم، وإحلال مكانهما الفكر الإثباتي والإنسان الجمالي، إنسان الحدس، إنسان الغريزة، إنسان القوة.

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| D43f2ad55c83dba80182fa204d8b2b2e
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ادارة المنتديات

⚫
ادارة المنتديات

وسام العطاء
وسام العطاء
الحضور المميز
الحضور المميز
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 276
نقاط التميز : 21855
السمعة : 10
تاريخ التسجيل : 13/07/2020
الموقع : ❤️فلسطين❤️

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مايو 11, 2021 5:53 am

خطرات وتباريح حول واقع القرآن في حياتنا


19/04/2021 شيخنا محمد عمو

القرآن الكريم كتاب أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم من أجل إخراج الناس من الظلمات إلى النور: {ألر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، لكن الخروج من الظلمات وحصول التقوى والرحمة لا يمكن أن تتم دون أن نسلك طريق القرآن في حياتنا ونتّبع أوامره ونتدبّر أفكاره ومعانيه: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.


ولأن القرآن هو الكتاب الذي يهدينا إلى الطريق الأقوم: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، فقد حرص العلماء والكتَّاب المسلمون قديماً وحديثاً على تحريض المسلم على العيش في ظلاله، ومن الكتب الحديثة التي تحثّنا على العودة إلى القرآن كتاب (الطريق إلى القرآن) الذي يعرّفه مؤلفه إبراهيم السكران بأنه “حصيلة خطرات وتباريح حول واقع القرآن في حياتنا وآثاره المبهرة الحسية والمعنوية”[1]، ويحدثنا فيه عن جوانب قرآنية مهمة، مثل: سطوة القرآن، والقلوب الصخرية، والحاجة إلى التدبّر، والحبل الناظم في القرآن، وسنعرض في هذه المقالة أهم الأفكار الواردة في هذا الكتاب المهم.


سطوة القرآن


لا يوجد خطاب يفوق الخطاب القرآني روعة وبلاغة ووضوحاً، والحقيقة الجلية هي أن من أبرز ما يلفت انتباه القارئ لهذا الكتاب العزيز تلك السطوة التي تشدّ الإنسان إلى أفنان دوحة القرآن وتجعله يقف مشدوهاً أمام جمال اللغة القرآنية المعجزة، ولا غرابة فالقرآن له سطوة على النفوس منذ نزوله، وقد نقل إبراهيم السكران عن ابن فارس أن السطوة “أصل يدلّ على القهر والعلو”، ووردت في كتب التراث عبارات تدلّ على سطوة القرآن وقهره للإنس والجن والجمادات، مثل: “قتلى القرآن”، و”زواجر القرآن”، و”قوارع القرآن”.


ومن الواضح أن سطوة القرآن تعد من أبرز أسرار هذا الكتاب المبارك، فقد حارت العقول في هذه السطوة وعبّر القرآن نفسه عنها في أكثر من آية، حيث نجده يحدثنا عن تأثر الأنبياء: {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا}، وعن تأثر أهل الكتاب: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}.


والحقيقة أن تأثير القرآن لا يقتصر على التأثير في النفوس (التأثير الداخلي)، بل يؤثر تأثيراً خارجياً أيضاً فيؤثر في الجوارح: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، كما أنه لا يقتصر على التأثير في الإنسان فقط بل يؤثر في الجن: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ}، كما يؤثر في الجمادات: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}.


وقد استطاع الخطاب القرآني أن يخترق قلوب صناديد قريش الذي كانوا يحاربونه ويرفضونه، فقد جاء جبير بن مطعم إلى النبي صلى الله عليه وسلم يفاوضه في أسرى بدر، فلما وصل وجد النبي يؤمن المسلمين ويقرأ سورة الطور فكاد قلبه أن يطير بسبب قوارع سورة الطور، وقد جاء في البخاري أن أبا بكر الصديق عندما هاجر كان “لا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجداً بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيتقصّف (يزدحم) عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه”.


القلوب الصخرية


ورغم أن الخطاب القرآني قد أثرّ بشكل جلي في الإنس والجن والجمادات، إلا أن هناك بعض الأشخاص لا يتأثرون بالقرآن، وهؤلاء هم الذين أطلق عليهم إبراهيم السكران وصف “القلوب الصخرية”، ووصفهم القرآن بأنهم “محجوبون”: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ}.


ومن الأمور التي تدعو إلى التأمل في خلق الله وقدرته أن تكون هناك قلوب بشرية أشد قساوة من الحجارة، وأن نرى القرآن يصف “حالة القلوب التي غارت ينابيع الإيمان فيها وأمحلت من التعلق بالله، حتى قارنها الله بأكثر الجمادات يبوسة في موازنة لا تخفي الأسى والرثاء”[2]: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}.


والحقيقة التي يحتاج المسلم أن يفهمها جيداً هي أن مرض قسوة القلب لا بد له من علاج، لكن علاجه ليس بشرب الحبوب والعقاقير، وإنما بشيء واحد وهو العودة إلى القرآن وتدبّر معانيه وقراءته آناء الليل وأطراف النهار، ونحن لا نحتاج دليلاً من الأطباء على هذا الأمر فهناك آيات قرآنية عديدة تؤكد هذه الحقيقة الدقيقة، منها قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}، وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}.


تدبّر القرآن


قد يكون من نافلة القول إن علاقة المسلم بالقرآن لا تقتصر على قراءته من حين لآخر فقط، بل تتجاوز ذلك إلى التدبّر من أجل فهم ما يختفي من معانٍ وراء الكلمات والحروف والحركات والأساليب، وهناك آيات قرآنية عديدة تحثّنا على التدبر، مثل قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}، وقوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}، ولكن المشكلة عند البعض تتمثل في عدم معرفة الشيء الذي ينبغي تدبّره تحديداً، لذلك نجد كثيراً من الناس يسأل: ما الذي أتدبّر من القرآن الكريم بالضبط؟


وللإجابة على السؤال السابق، أكد إبراهيم السكران أن القرآن الكريم فيه حقائق وإشارات كثيرة تحتاج إلى تدبّر، وهناك مفاتيح كثيرة لفهم القرآن الكريم، ومن أعظم وجوه مفاتيح الانتفاع بالقرآن الكريم أن يتدبّر الإنسان ما عرضه هذا الكتاب المبارك من حقائق العلم بالله، فالذي يعلم كل تفاصيل العلوم ولا يعلم شيئاً عن الله مثل صاحب المركبة الذي يعلم كل الطرق الفرعية ويجهل الطريق الرئيسي – لن يصل.


ثم إن من مفاتيح تدبّر القرآن الكريم أن يتدبر الإنسان أخبار الأنبياء التي ساقها القرآن وكرّرها، فهي ليست للتسلية وإنما تحمل رسائل تضمينية، كما أن من مفاتيح تدبّر القرآن أيضاً أن يضع الإنسان أمامه على طاولة التدبّر كل الخطابات الفكرية حول النهضة والتقدم والرقي والإصلاح، ويطرح القضايا التي يرى رواد النهضة والفكر أنها معيار للتقدم، ثم يقارنها بالمعايير التي قدمها القرآن للتقدم والرقي والازدهار والإصلاح، وسيكتشف عظمة الخطاب القرآني وشموليته لقضايا الناس قديماً وحديثاً[3].


وقدم المؤلف في هذا السياق جملة من النصائح الأخرى المعينة على التدبّر، منها: أن يتضرّع الإنسان إلى الله ويدعوه أن يجعله من أهل القرآن وفهمه، وأن يخصص حزباً يومياً لتدبّر القرآن الكريم، وأن يكون الأصل التدبّر الشخصي والتفسير معيناً لا العكس، وأن يضع الإنسان لأهل بيته برنامجاً للتفسير فيتبارون في استنباط المعاني والأفكار.


رمضان والقرآن


رمضان شهر فضيل مدحه الله واختاره من بين الشهور لإنزال الكتب، وقد حاول إبراهيم السكران أن يوضح لنا في كتابه هذا جوانب من عظمة شهر رمضان المبارك وعلاقته الوطيدة بالقرآن الكريم، فقال إن الإنسان إذا استعرض شهور السنة الفاضلة وشهور الحج والأشهر الحرم لن يجد كثافة في الإشارة إلى القرآن كما يجده في علاقة القرآن برمضان[4].


ونحن إذا أردنا أن نقف على أمثلة محددة على حديث القرآن عن رمضان ومكانته بين الشهور، فإننا سنجد أن ذكر رمضان في القرآن جاء بصورتين مختلفتين، في الصورة الأولى تم التصريح برمضان مباشرة كاملاً: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}، وفي الصورة الثانية تمت الإشارة إلية بشكل جزئي: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}. أما إذا نظرنا إلى كتب الحديث النبوي والسيرة والتاريخ، فإننا سنجد أمثلة تؤكد علاقة رمضان والقرآن، ومنها أن جبريل عليه السلام كان يقوم بمراجعة القرآن مع النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة في شهر رمضان، كما جاء في صحيح البخاري.


ثم إن من أعظم مقاصد صلاة التراويح ، التي تعتبر أشهر فعالية اجتماعية في رمضان عند المسلمين قديماً وحديثاً، العودة إلى القرآن وقراءته وتدبّره، يقول ابن تيمية: “إن من أجلّ مقصود التراويح قراءة القرآن فيها، ليسمع المسلمون كلام الله”، ويروي لنا المؤرخون أن محنة خلق القرآن كانت في شهر رمضان المبارك، قال الذهبي رحمه الله: “وفي رمضان كانت محنة الإمام أحمد في القرآن، وضرب بالسياط حتى زال عقله، ولم يُجِبْ فأطلقوه”.


الحبل الناظم


ومن أروع الأفكار التي توقف معها إبراهيم السكران في كتابه هذا ما سماه “الحبل الناظم في كتاب الله”، حيث أكد أن الموضوعات التي يتحدث عنها القرآن الكريم متعددة، لكن الخيط الناظم لها هو “عمارة النفوس بالله”[5]، ولا جدال في أن عبادة الله تعالى هي الهدف الأسمى الذي خلق الإنس والجن من أجله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| D43f2ad55c83dba80182fa204d8b2b2e
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ادارة المنتديات

⚫
ادارة المنتديات

وسام العطاء
وسام العطاء
الحضور المميز
الحضور المميز
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 276
نقاط التميز : 21855
السمعة : 10
تاريخ التسجيل : 13/07/2020
الموقع : ❤️فلسطين❤️

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مايو 11, 2021 5:55 am

من الطارق أنا رمضان


12/04/2021 شيخنا محمد عمو

من أحدث الكتب الصادرة حول صيام رمضان كتاب “من الطارق أنا رمضان” للدكتور خالد أبو شادي، الذي يدعونا فيه إلى اغتنام شهر رمضان وتحويله إلى “قوة تغييرية ومعونة ربانية وثورة إيمانية تجتاح كل بيت وتعمر كل حيّ” (1)، حيث يحدثنا من خلال فصوله الثلاثة عن الهدايا التي يقدمها لنا شهر رمضان كل عام، ويوضّح لنا العبادات التي ينبغي أن نستقبل بها شهر الصيام، ويُحذّرنا من الأقفال التي تمنعنا من ممارسة العبادة في هذا الشهر العظيم.


يحتلُّ الصيام مكانة كبيرة في قلوب المسلمين، فهو الركن الخامس من أركان الإسلام الخمسة، وبالعودة إلى القرآن الكريم والسنة المطهرة نكتشف أن الهدف الأساسي من الصيام ليس امتناع الإنسان عن المباحات فقط في شهر رمضان أو في غيره من الأشهر والأيام، بل الهدف الأسمى هو العمل على إخراج النفس الأمّارة بالسوء من ميدان المعاصي والذنوب والكسل وترويضها على عبادة الله تعالى والارتقاء بها إلى منزلة التقوى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.


وقد دفعت المكانة السّامية التي يحتلّها الصوم الكثير من العلماء والكتّاب المسلمين إلى التأليف عن الصيام لتبصير الناس بمفهومه وأحكامه ومقاصده وفلسفته وأبعاده، ومن ذلك: كتاب (مقاصد الصيام) لسلطان العلماء العز بن عبد السلام، وكتاب (إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيام) لأحمد بن حجر الهيثمي، وكتاب (حقيقة الصيام) لشيخ الإسلام ابن تيمية، وكتاب (أحكام الصيام وفلسفته) لمصطفى السباعي، وكتاب (فقه الصيام) ليوسف القرضاوي.. إلخ.  


وسعياً إلى كشف النقاب عن بعض الجوانب الشرعية والتاريخية المتعلقة بشهر رمضان المبارك، سنحاول في هذه المقالة أن نعرض أهم الأفكار الواردة في كتاب “من الطارق أنا رمضان”، فهذا الكتاب -في نظرنا- خفيف ولطيف ومفيد إذ يعتمد صاحبه على مجموعة من مصادر التراث المهمة، ولهذا فإن كل صائم يحتاج إلى قراءته، كي يشعل في قلبه جذوة الصيام والقيام والتنافس في فعل الخير والبر والإحسان.


هدايا رمضان


في الفصل الأول (رمضان كريم)، من كتاب “من الطارق أنا رمضان” يحدثنا المؤلف عن فضل شهر رمضان المبارك، ويقدم لنا مجموعة من الأدلة القرآنية والحديثية والتاريخية التي تؤكد فضل رمضان ومكانته، فمن الأدلة القرآنية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، ومن الأدلة الحديثية حديث: “عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: (مرني بعمل، قال: عليك بالصوم فإنه لا عدل له، قلت يا رسول الله: مرني بعمل، قال: عليك بالصوم فإنه لا عدل له)”.


ولا شك أن تكرار النبي صلى الله عليه وسلم للجواب في الحديث السابق يؤكد قيمة الصيام وفضله، ويكشف عن ما فيه من الخير والبركة، ومن أهم الخيرات والبركات والهدايا التي نحصل عليها بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك كل عام:


أولاً، الثواب المنهمر من أول ليلة: فقد جاء في الحديث: “إذا كانت أول ليلة من ليالي شهر رمضان صُفدت الشياطين ومردة الجن، وغُلّقت أبواب النار فلم يُفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها باب، وينادي مناد كل ليلة: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر”.


ثانياً، البشارة الخماسية: روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه”.


ثالثاً، جائزة كل ليلة: فقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن لله عتقاء في كل يوم وليلة.. لكل عبد منهم دعوة مستجابة”. يا إلهي؛ هل هناك هدية أعظم من العتق من النيران {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}؟ لا شك أن الفوز بهذه الهدية الفريدة يحتاج ثورة إيمانية حقيقية.


رابعاً، موسم إنزال الكتب: مدح الله شهر رمضان واختاره من بين الشهور لإنزال الكتب، قال صلى الله عليه وسلم: “أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضت من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان، وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان”.


خامساً، ليلة القدر (ليلة العمر): تحدث القرآن الكريم عن فضل ليلة وهناك سورة قرآنية اسمها (سورة القدر)، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم متحدثاً عن رمضان وفضل ليلة القدر خاصة: “وفيه ليلة هي خير من ألف شهر من حُرِمَ خيرها فقد حرم”.


وفي هذا السياق ذهب خالد أبو شادي في كتابه “من الطارق أنا رمضان” إلى أن “في الصلوات الخمس كسر لرتابة اليوم، وفي الجمعة كسر لرتابة الأسبوع، وفي شهر رمضان كسر لرتابة العام، وفي ليلة القدر كسر لرتابة ليالي الشهر، وفي كل محطة من هذه المحطات يجدّد الإنسان إيمانه ويعيش حياة جديدة”(2).


ضيافة رمضان


بعد أن عرّفنا على بعض الهدايا القيّمة التي يقدمها لنا شهر رمضان المبارك، انتقل بنا المؤلف إلى الفصل الثاني (كرم الضيافة)، ليحدثنا عن كيفية الضيافة التي علينا أن نقدمها لرمضان كضيف قادم علينا وسيذهب بعد أيام معدودات، وقد يعود وبعضنا قد رحل إلى الدار الآخرة، ومن أهم الأمور التي ينبغي أن نستقبل بها رمضان ما يلي:


أولاً، القرآن الكريم: فرمضان شهر القرآن وفيه أنزل: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}، ولهذا ينبغي علينا أن ننتهز فرصة شهر رمضان من أجل العودة إلى القرآن الكريم قراءةً وحفظاً وتدبراً، فقد كان هذا هو دأب الأنبياء والصالحين والعُبّاد والزهّاد، حيث كان مالك إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم وأقبل على تلاوة القرآن الكريم، وكان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف وجمع أصحابه(3).


ثانياً، قيام الليل: قيام الليل مطلوب في رمضان وفي غيره من الأشهر، ولذلك كان النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم لا يترك قيام الليل، وكانت قرة عينه في الصلاة، وقد وصف ثابت بن البناني الصلاة بأنها “خدمة الله في الأرض”، فقال: الصلاة خدمة الله في الأرض لو علم الله شيئاً أفضل من الصلاة لما قال: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ}.


ثالثاً، الصدقة: الصدقة أمر عظيم وتزداد عظمتها في شهر رمضان، لذلككان صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون في رمضان، ومن أسباب جوده في رمضان: شرف الزمان ومضاعفة الأجر، وأن الجزاء من جنس العمل، فمن جاد على عباد الله جاد الله عليه، وللصدقة صور عديدة منها: إطعام الطعام، وإفطار الصائم، وبذل المال (4).


رابعاً، الاعتكاف: الاعتكاف هو زيارة الله في بيته والانقطاع إليه فيه وحبس النفس على الطاعة والذكر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف كل رمضان عشرة أيام وفي العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً، وقد عرّف ابن القيم الاعتكاف وأوضح الحكمة منه، فقال: “وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه”(5).  


خامسا، الدعاء: “الدعاء مخ العبادة” وله منزلة كبيرة في الإسلام، ومن المهم جداً الإشارة هنا إلى أن الله تبارك وتعالى جاء بذكر الدعاء بعد آيات الصيام، فقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، وهذا أمر ملفت للأنظار ويكشف عن العلاقة الوطيدة بين الصوم والدعاء.


وقد أكد المؤلف أن الدعاء له عدة مفاتيح، منها: حسن الظن بالله، ورفع لواء التوبة، وإدمان أكل الحلال، وإظهار الفقر لله والاعتراف بالذنب، وتقديم دعاء الرخاء (6)، فالدعاء هو الذي نجّا يونس عليه السلام من بطن الحوت: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}، أما فرعون فقد أدركه الغرق لأنه كان ناسياً لذكر الله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.


الأقفال الخمسة


في الفصل الثالث، من كتاب “من الطارق أنا رمضان” يحدثنا خالد أبو شادي عن ما أسماه (الأقفال الخمسة) التي تحجب الإنسان عن عمل الخير والبر والإحسان في شهر رمضان المبارك، وقد استشهد في هذا السياق بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال السلف الصالح، والأقفال الخمسة هي:


القفل الأول، عدم الاستعداد لرمضان: لا شك أن عدم الاستعداد النفسي للعبادات يؤدي إلى القعود والحرمان من الخروج في سبيل الله وطلب مرضاته: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ}، والاستعداد لرمضان يكون بصيام شعبان، والتقليل من الطعام، والتهيؤ للعبادات، وطلب التوفيق من الله تعالى لصيام هذا الشهر وقيامه إيماناً واحتساباً.


القفل الثاني، مرض حواء (الحيض): الحيض شيء كتبه الله على بنات آدم ويعد من موانع الصوم مثل السفر والمرض، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، وقال صلى الله عليه وسلم: “إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً”.


القفل الثالث، السوق: الأسواق مكان مكروه لأنها محل الخداع والكذب والربا والأيمان الكاذبة وإخلاف الوعد، ولذا سماها سلمان الفارسي معركة الشيطان فقال: “لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان”. ومع ذلك، هناك رجال لا تُلهيهم التجارة عن الذكر والصلاة والزكاة والصدق والوفاء، يضعون أمام أعينهم دائماً قول الله تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}.


القفل الرابع، العبادة المفضولة: يعني المؤلف بالعبادة المفضولة العبادة غير المفروضة التي تُخلُّ بالعبادة المفروضة، فالمطلوب القيام بالفرائض أولاً ثم النوافل ثانياً، فقد جاء في الحديث القدسي: “وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه”، وقال بشر بن الحارث الحافي: “إذا أخلّت النوافل بالفرائض فاتركوا النوافل”. ومن الأمثلة التي قدمها المؤلف على العبادة المفضولة: قيام الليل والنوم عن صلاة الفجر، والخشوع في التراويح وإهمال ذلك في صلاة العشاء مثلاً، واعتكاف العشر الأواخر على حساب رعاية الأهل، وأكل الحرام مع طول قيام الليل.


القفل الخامس، القاتل الخفي: يعني المؤلف بذلك (التدخين)، لأن العلاقة بين التدخين والحالات الصحية الخطيرة علاقة وطيدة جداً، فإذا كان الإنسان يدخّن 20 سيجارة في اليوم الواحد فإنه معرّض للموت بالسكتة القلبية خمسة أضعاف أولئك الذين لا يدخنون، وتشير بعض الدراسات إلى أن التدخين مسؤول عن (12 %) من الوفيات في العالم.

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| D43f2ad55c83dba80182fa204d8b2b2e
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ادارة المنتديات

⚫
ادارة المنتديات

وسام العطاء
وسام العطاء
الحضور المميز
الحضور المميز
وسام التميز
وسام التميز
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 276
نقاط التميز : 21855
السمعة : 10
تاريخ التسجيل : 13/07/2020
الموقع : ❤️فلسطين❤️

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: رد: ||♦ قسم الكتب ♦||   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالثلاثاء مايو 11, 2021 5:57 am

محمد عبد الله دراز مؤسساً لعلم الأخلاق القرآني


05/04/2021 شيخنا محمد عمو
لا يَخفى على ذي بصيرة أن التراث الإسلامي حافلٌ بالكتب والدراسات التي تتناول موضوع الأخلاق استناداً على القرآن الكريم والسنة النبوية، ولكن قد لا يكون من المعلوم لدى العامة أن الأخلاق القرآنية لم تجد خلال العصور الطويلة من يُخرجها للناس في شكل رؤية نظرية أخلاقية واضحة، حتى جاء العصر الحديث فانبرَى لهذه المهمة الجليلة الدكتور محمد عبد الله دراز -رحمه الله- (1894-1958م)، من خلال كتابه العظيم (دستور الأخلاق في القرآن)، الذي أمضى على تأليفه حوالي ست سنوات، واستطاع أن يُميط النقاب عن علم مهم في علم الأخلاق أصبح يُدعى (علم الأخلاق القرآني).


في هذه المقالة سنسلط الضوء على كتاب (دستور الأخلاق في القرآن)، الذي يعدُّ دراسة رائدة في الأخلاق القرآنية في الدراسات العربية والغربية معاً، ولذلك استحق مؤلفه أن يُوصف بأنه مؤسس علم الأخلاق القرآني، حيث يبدو أن دراسته الرائعة دفعت بعض الباحثين إلى الاهتمام بعلم الأخلاق القرآني، فألف داود رهبر كتابه (رب العدالة)، وألف توشيهيكو إيزوتسو كتابه (المفهومات الأخلاقية الدينية في القرآن)، ثم جاءت بعد ذلك دراسات أخرى لباحثين آخرين.


دوافع تأليف الكتاب


قبل الانتقال إلى فصول الكتاب، قد يكون من الضروري الإشارة إلى دوافع تأليف هذا الكتاب، والتي منها أن دراز لاحظ “فراغاً هائلاً” في علم الأخلاق العام يتمثل في إغفالٍ متعمّدٍ لعلم الأخلاق القرآني لدى الباحثين الغربيين، رغم “أن الإضافة القرآنية في هذا الباب ذات قيمة لا تقدر”[1]، والغريب في الأمر فعلاً أن هذا “الفراغ الهائل” طالَ الدراسات العربية الإسلامية أيضاً، ومن كتب تراثنا العربي الإسلامي التي تُعبّر عن هذا “الفراغ الهائل”: كتاب (مداواة النفوس) لابن حزم، و(تهذيب الأخلاق) لابن مسكويه، و(الذريعة) للأصفهاني، و(إحياء علوم الدين) للغزالي.


ومن أجل سدّ هذه الفجوة التاريخية الشاسعة في مجال علم الأخلاق القرآني، قام دراز بتأليف كتابه هذا، من أجل “إبراز الطابع العام للأخلاق التي تستمدّ من كتاب الله الحكيم، وذلك من الناحيتين النظرية والعملية”[2]، وقسمه إلى خمسة فصول كبرى تتناول الإلزام والمسؤولية والجزاء والنية والجهد، وقال إن هذه “هي العُمُد الرئيسية لكل نظرية أخلاقية واعية بمراميها”[3].


الإلزام الأخلاقي


في بداية الفصل الأول (الإلزام)، يؤكد دراز على مركزية الإلزام ويصفه بأنه “القاعدة الأساسية والمدار والعنصر النووي الذي يدور حوله كل النظام الأخلاقي”، ثم يصرح بأنه “إذا لم يكن هناك إلزام فلن تكون هناك مسؤولية، وإذا عدمت المسؤولية فلا يمكن أن تعود العدالة، وحينئذٍ تتفشّى الفوضى، ويفسد النظام، وتعمّ الهمجية”[4].


وللتأكيد على مكانة الإلزام في النظرية الأخلاقية، حدثنا دراز عن مصادر الإلزام الأخلاقي وحصرها في أربعة: القرآن والسنة والإجماع والقياس، ثم تحدث عن خصائص التكليف الأخلاقي المتمثلة في: إمكان العمل، واليسر العملي، وتحديد الواجبات وتدرجها، ثم استعرض دراز بعض الآيات القرآنية التي تشير إلى الإلزام الأخلاقي الكامن في نفس الإنسانية، مثل قوله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}، وقوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}.


وقد أكد دراز أن القرآن الكريم يحارب عدوّين للأخلاقية، هما: اتباع الهوى: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} والانقياد الأعمى: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}، ولذلك نجده يقول في سياق الحديث عن الخضوع والحرية: “إن الأخلاقية الحقّة ليست خضوعاً مطلقاً ولا ابتكاراً مطلقاً، هي هذا وذاك في وقت واحد”[5].


المسؤولية الأخلاقية


افتتح دراز الفصل الثاني (المسؤولية) بالتأكيد على العلاقة الوطيدة بين الإلزام والمسؤولية والجزاء، حيث قال: “يرتبط بفكرة الإلزام ناتجان يستلزم أحدهما الآخر بدوره ويؤيده ويدعمه، هما: فكرة المسؤولية وفكرة الجزاء، والواقع أن هذه الأفكار الثلاث يأخذ بعضها بحجز بعض، ولا تقبل الانفصام، فإذا وجدت الأولى تتابعت الأخريان على إثرها، وإذا اختفت ذهبتا على الفور في أعقابها”[6].


وقد ذهب دراز إلى أن هناك ثلاثة أنواع من المسؤولية: المسؤولية الدينية، والمسؤولية المجتمعية، والمسؤولية الأخلاقية المحضة، والواضح أن دراز استوحى هذه الأنواع الثلاثة من قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، ثم أكد أن “الإمكان والضرورة هما الصفتان اللتان تكوّنان مجالي المسؤولية وعدم المسؤولية كل على حدة، والجانب الأول هو الذي رصد له الإنسان استعداداه” بدليل قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً}.


ومن الملاحظ أن القرآن الكريم يحدثنا عن جوانب عديدة ترتبط بالمسؤولية، حيث يحدثنا عن مسؤوليتنا الأخلاقية تجاه الآخرين، مثل الوالدين: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}، لكننا نجد القرآن في السياق نفسه يقول لنا إن هذا الحق المقدس لا يُخوّل الوالدين سوى سلطة محدودة مشروطة: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا}.


وهذا ينقلنا إلى الحديث عن شروط المسؤولية التي توقف معها دراز وقال إنها أربعة: الطابع الشخصي، والأساس القانوني، والعنصر الجوهري في العمل، والحرية، ثم أشار إلى أن “المسؤولية ترتبط ارتباطاً وظيفياً بالشخصية، ولذلك لا يطيقها غير الإنسان البالغ العاقل الواعي بتكاليفها”[7]، كما صرّح بأن “المبدأ القرآني للمسؤولية هو مبدأ فردي، يستبعد كل مسؤولية موروثة أو جماعية بالمعنى الحقيقي للكلمة”[8].


الجزاء وأنواعه


بدأ دراز الفصل الثالث بالإشارة إلى طبيعة العلاقة بين الإنسان والقانون، وعرّف الجزاء بأنه “ردّ فعل القانون على موقف الأشخاص الخاضعين لهذا القانون”[9]، وأشار إلى شمولية ورحابة الفكرة القرآنية عن الجزاء، ثم قسم الجزاء إلى ثلاثة أنواع: الجزاء الأخلاقي، والجزاء القانوني، والجزاء الإلهي.


ففي مجال الجزاء الأخلاقي، نجد القرآن الكريم يحدثنا عن محاسن الفضيلة، كالصلاة: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}، والصدقة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}، كما يحدثنا القرآن الكريم في المقابل عن قبح الرذيلة، مثل: السُّكر: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ}، والكذب: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ}.


وفي سياق الجزاء القانوني، استعرض دراز مجموعة من الأمثلة القرآنية، كالسرقة: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، والحرابة: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ}، والزنا: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}، والقذف: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}.


أما بخصوص الجزاء الإلهي، فأكد دراز أننا في الحياة العاجلة نجد آيات قرآنية عديدة تحدثنا عن الجزاء الإلهي الدنيوي، مثل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}، أما بخصوص الجزاء الإلهي في الحياة الآجلة “فالآيات القرآنية لا تعالج هذه الفكرة بنفس الطريقة، فبعضها لا يعطينا منها سوى فكرة عامة غير محددة”، مثل: قوله تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ}.


النية والدوافع


في الفصل الرابع، يتوقف دراز مع النية ودوافع العمل، ليؤكد أن “القرآن يتطلب منا الشعور النفسي وحضور الذهن فيما نقول وفيما نفعل، وذلك حين يمنعنا من أن نتصور أداء واجباتنا المقدسة ونحن في حالة شرود أو إغماء أو سكر”[10]، ومن الأمثلة القرآنية على هذا الأمر قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}.


ثم إن القرآن الكريم يطلب منا أيضاً “الضمير الأخلاقي” المتمثل في رضا القلب وتلقائية الفعل والسرور والهمة، وهذه الأمور من الصفات التي تجعل أعمالنا مقبولة عند الله، وإذا غابت فلن تكون أعمالنا مقبولة، وقد صرح القرآن الكريم بهذه الحقيقة: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}.  


وهكذا فإن إقبال المرء على أوامر الشريعة وإخضاع نفسه لها كلية أمر مهم في سياق الحديث عن النية والدوافع، إذ يقول الله تبارك وتعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}، وهذه الآية تكشف لنا عن ضرورة وجود دافع شخصي وإيمان حقيقي بالعمل لا يترك الإنسان يخمل أو يتردد أو يقعد، ولذلك نجد دراز يتحدث عن دوافع العمل فيتوقف مع دور النية غير المباشرة وطبيعتها، والنية الحسنة، وبراءة النية، والنيات السيئة.


الجهد أو العمل


بعد أن ميّز دراز بين العنصرين الأساسيين في البناء الأخلاقي (النية والعمل) في الفصل الرابع، خصص الفصل الخامس للكشف عن الأهمية الفائقة للعنصر الثاني (العمل)، الذي يصفه بأنه “السلاح الوحيد الهجومي والدفاعي في معركة الفضيلة”، ثم بدأ يناقش الأفكار ويستعرض الآيات القرآنية الدالة على قيمة الجهد (العمل) في النظرية الأخلاقية القرآنية.


ولعل من الآيات القرآنية التي تدعونا إلى العمل: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، فهذه الآية تقول لنا إنه “مع أن الإنسان -من ناحية- ولد محروماً من جميع المعارف العقلية والحسية، فإنه زوّد بممتلكات قادرة على أن تقدم له ما يتمنى من هذه المعارف”، وبالتالي لا بد للإنسان أن يبذل جهداً بدنياً وذهنياً لكي يكتسب المعارف والمهارات ويحقق أهدافه الدنيوية والأخروية.


ثم إننا نجد القرآن الكريم يدعو إلى العمل بصريح العبارة ويحث على تحمّل المسؤولية: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، ومع ذلك فإن الله سبحانه وتعالى لا يكلفنا فوق طاقتنا، وإنما يحثنا إلى العمل قدر المستطاع حتى في مجال التقوى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.


كما أننا نجد “القرآن يدعو إلى أن نبذل هذا النشاط ونمده على طريق التقدم الأخلاقي الصاعد، وهي دعوة يصوغها في تشبيه مجازي جميل، وهو يقول: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}”[11]، لكن القرآن لم يكتفِ بأن يستثير الناس إلى تحقيق هذا الاقتحام الصاعد، بل أدخل فكرة هذا الجهد في الإيمان الصادق: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}.


آيات الأخلاق


اختتم دراز كتابه هذا بمحور جميل حشد فيه الآيات القرآنية التي تمثل دستور الأخلاق في القرآن الكريم في مختلف الجوانب الحياتية، فاستعرض الآيات المتعلقة بالأخلاق الفردية، والأخلاق الأسرية، والأخلاق الاجتماعية، وأخلاق الدولة، والأخلاق الدينية، وأمهات الفضائل الإسلامية.


وقد افتتح دراز هذا المحور، الذي  سمّاه (الأخلاق العملية)، بالإشارة إلى شمولية النظرية الأخلاقية في القرآن الكريم، حيث قال إنها “لا تلبّي فقط كل المطالب الشرعية والأخلاقية والاجتماعية والدينية، ولكن نجدها في كل خطوة وقد تغلغل فيها بعمق روح التوفيق بين شتى النزعات، فهي متحررة ونظامية، عقلية وصوفية، ليِّنة وصلبة، واقعية ومثالية، محافظة وتقدمية، كل ذلك في آنٍ واحد”[12].


وفي ختام هذا العرض، لا بد أن نقول إن كتاب (دستور الأخلاق في القرآن) لا يُغني مقال عن العودة إليه، فالكتاب الذي بين أيدينا يتألف من (757 صفحة)، ويتناول موضوعاً علمياً عميقاً ومتشعباً، ولا غرابة؛ فمؤلف الكتاب هو الدكتور محمد عبد الله دراز المعروف في الأوساط العلمية بالقدرة على صياغة الأفكار الكبيرة وإيراد المعاني المكثّفة الدقيقة، ولكن حسبنا أننا قد قدّمنا نبذة قد تدفع القارئ إلى الغوص في بحر هذا الكتاب الفريد في بابه، المليء بالدرر واللآلئ والفوائد العملية النادرة.

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| D43f2ad55c83dba80182fa204d8b2b2e
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الامبراطور

⚫
الامبراطور

وسام العطاء
وسام العطاء
شكر و تقدير
شكر و تقدير

المساهمات : 296
نقاط التميز : 20372
السمعة : 0
تاريخ التسجيل : 17/06/2020
الموقع : ꧁الإمارات العربية المتحدة ꧂

||♦ قسم الكتب ♦|| Empty
مُساهمةموضوع: نسخة جديدة من كتاب ” التسديد في شرح التمهيد “   ||♦ قسم الكتب ♦|| Emptyالإثنين سبتمبر 12, 2022 1:12 pm

نسخة جديدة من كتاب ” التسديد في شرح التمهيد “


||♦ قسم الكتب ♦|| %D8%AE%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A81-jpg-489x275



 قبل التطرق لأحد أهم كتب علم الكلام “التسديد في شرح التمهيد ” من المعلوم أن علم الكلام الإسلامي من العلوم الملية التي تفخر بها الأمة الإسلامية في تاريخ حضارتها التليد؛ ذلك أن هذا العلم يتعلق بأشرف معلوم، وهو ما يخص الذات العلية والعقائد اليقينية التي يدين بها المكلف في دين عظيم ختم الله به الديانات السماوية السابقة ونسخها. ومنذ أن قيض الله لهذا العلم الشريف من يقرر قواعده الصحيحة في مجاري النظر ومسالكه على منهج أهل السنة والجماعة، وهذا العلم يعرف تطورًا مستمرًا من قِبل أذكياء علماء الإسلام في بيان جليله ودقيقه. وكان المجدد الإمام أبو الحسن الأشعري (324ه‍‍ـ) طيب الله ثراه، أحد أبرز الأئمة الذين بينوا معالمه وحدوده وضوابطه ومسائله؛ حتى أصبح علمًا مكتملة أركانه، وأضحى مذهبًا عقديًّا سنيًّا ينتسب إليه أهل السنة في العالم الإسلامي، بعد تفرق الأمة في مقالاتها. وقد استقبلت الأمة كتبه بالقبول والترحاب، وانتشر مذهبه في الآفاق الإسلامية مشرقًا ومغربًا، وشهره أئمة عظام من مختلف المذاهب الفقهية الإسلامية؛ فكان مذهبًا سنيًّا وسطًا بين مذاهب العقلانيين والظاهريين. وقد حظي مذهب الإمام الأشعري بنصرة كبار الأئمة؛ كأبي عبد الله بن مجاهد (370هـ‍‍) وابن فورك (406هـ‍‍) وأبي الحسن القابسي (403هـ‍‍) وأبي بكر الباقلاني (403هـ) وصاحبه الإمام أبي عبدالله الأذري (431هـ‍‍ – ‍‍‍‍440هـ‍‍) الذي توجه إلى المغرب ناشرًا هذا المذهب السني الكلامي بالقيروان، بعد أن استوى علمًا قائمًا بذاته وشجرة عقدية طيبة توتي أكلها بإذن ربها، فكان من فضله تعالى أن أخذ هذا العلم عنه الإمام الكلامي البارع والأصولي اللوذعي المصقع، القاضي عبد الجليل أبو القاسم الديباجي الصابوني القيرواني، الذي كان حيًّا سنة 478 هـ‍‍؛ حيث تصدى لشرح أهم كتب الباقلاني في علم الكلام، وإملاء نكت علمية شريفة عليه، وسماه (التسديد في شرح التمهيد) . ومن لطيف الأقدار الإلهية أن يبقى هذا الكتاب مخطوطًا حبيس الخزانات، رغم استمداد كبار علماء المغرب منه؛ كالإمام ابن العربي (543هـ) والإمام اليفرني (734ه‍‍ـ) وغيرهما من أعلام المغرب الإسلامي بعدوتيه، حتى قيض الله لإخراجه من مرقده باحث في علم الكلام الإسلامي من المغرب الأقصى، ويتم طبعه في دار الفتح من الأردن، ويتولى التقديم للكتاب أحد كبار علماء الإسلام المشهورين في علم الكلام من أرض الكنانة بمصر، وهو العلامة الإمام الموسوعي المتواضع الشيخ الأزهري فضيلة الدكتور العالم حسن الشافعي حفظه الله، رئيس اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية ورئيس المجمع اللغوي السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف.. فكان هذا الكتاب النفيس كثير الأنوار؛ يشترك فيه أهل العلم من المشرق والمغرب من زمن الباقلاني إلى عصرنا هذا، وهو ما يدل على تجذر الوحدة الإسلامية والعقدية في ذاكرة الأمة، التي تجمع المسلمين وتوحدهم في مشارق الأرض ومغاربها. وقد تولت دار الفتح الرائدة في مجال الدراسات الشرعية والتراثية إخراج كتاب (التسديد في شرح التمهيد) للإمام أبي القاسم الديباجي التونسي القيرواني، في حلة قشيبة – جميلة – وتحقيق علمي متين، بتحقيق الدكتور حمزة أحمد النهيري، وتقديم الإمام الكبير فضيلة العلامة الدكتور الشيخ حسن الشافعي.. ليكون هذا الكتاب لبنة في صرح المكتبة الإسلامية العظيمة في علم الكلام الإسلامي، وجوهرة نفيسة من جواهر كتب علم الكلام في الغرب الإسلامي؛ حيث يعد هذا الشرح أقدم وأمتن شرح لكتاب التمهيد لما يتضمنه من تقريرات علمية في الكلام والأصول وعلم مقارنة الأديان، ولا يعلم لكتاب تمهيد الباقلاني ( رأس الأشعرية في المشرق بعد مؤسسه)، شرح عند المتقدمين غير هذا الشرح النفيس الذي يحتوي كنوزًا معرفية عميقة تنوعت بين الدرسين الكلامي والأصولي وعلم مقارنة الأديان الذي يعد فرعًا من فروع علم الكلام الإسلامي. وقد كان هذا الكتاب من أهم استمدادات الإمام ابن العربي المالكي المعافري (543هــ) دفين مدينة فاس، في كتابه (الوصول إلى معرفة الأصول)، وهما كتابان مهمان في حقل علم الكلام الإسلامي في الغرب الإسلامي، يوضحان طبيعة الدرس الكلامي في هذه الحقبة من تاريخ الإسلام. كما أن هذا الكتاب ألحق فيه المحقق مجموعةً من الرسائل والمسائل التي أملاها أبو القاسم الديباجي في الأصلين، وأهمها رسالة التكليف بما لا يطاق؛ حيث أجاب عن الإشكال الواقع في هذه المسألة بين من يجوز التكليف بما لا يطاق وبين من يمنعه من الأئمة، مع بيان أدلة ومنزع كل مدرسة عقدية في اختيارها المذهبي حول هذه المسألة. 

_________________
||♦ قسم الكتب ♦|| 6919790_aeb33
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://wanzastar.forumsar.com/
 
||♦ قسم الكتب ♦||
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: التأريخ للمعرفة الإسلامية
» كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: التأريخ للمعرفة الإسلامية

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة و منتديات مغربية  :: ♕المنتدى الإسلامي العام♕-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: