التلفزيون … رافعة التحديث المؤجلة
كتاب جديد للقري اعتبر فيه الإعلام المرئي المغربي غير مقنع لتكريس قيم الحداثة
كان التلفزيون المغربي مثار جدل وطني طويل ومستمر، وما يزال كذلك حتى اليوم، وذلك بسبب ما يقدمه من برامج وبكيفية تسييره وتدبيره على كل المستويات، يقول إدريس القري في مؤلفه الجديد “عتبات في الجماليات البصرية، التلفزيون المغربي: رافعة التحديث المؤجلة”، مؤكدا أنه لم يكن مرآة مقنعة لحماية وتعميق وتكريس قيم يحتاجها الوطن في عمليات تحديثه.
ومازال الجدل مستمرا، حسب إدريس القري، حول جودة وملاءمة ما ينتجه التلفزيون المغربي وما يبرمجه للمجتمع من مواد مختلفة، موضحا أن سبب العلاقة المتوترة بينه وبين الأوساط الإعلامية والثقافية والفنية يرجع أساسا إلى طبيعة مضامين ما يقدمه وليس في تقنياته أو حوامله وإلباساته الغرافيكية.
وذكر القري في كتابه قائلا “من الملاحظ أن هذا التوتر لم يجلب أي حركة تغيير حقيقية وعميقة في الحقل الإعلامي بالمغرب، رغم استمراره لأكثر من ثلاثة عقود على الأقل”، مضيفا “هذا دليل على أن التواصل حول القضية الإعلامية بين المقررين من جهة، وبين النخبة المثقفة والتيارات السياسية والجماهير الشعبية من جهة ثانية، التي ليست راضية عن أداء الإعلام ووظيفته، انحرف إلى حوار صم”.
واسترسل القري قائلا “إن الأخطر هو أن ما سبق ذكره يحدث في مجتمع يتبنى مشروعا تحديثيا، يتوقف إلى حد بعيد على دور المواطن ومسايرته لهذا المشروع ذهنيا ونفسيا وفكريا، وهو ما يؤثر فيه الإعلام التلفزيوني أساسا بقوة”.
وتطرق القري في كتابه الجديد إلى الغزو الإعلامي لقناة “إم بي سي 5″، التي قال إنها قناة ستلتهم المزيد من نسب المشاهدة لقنواتنا، والأدهى أنها ستقوم بذلك على قاعدة تقوية وتعميق أزمة القيم وتكريس الدور السلبي للتلفزيون في مجتمع ودولة يشتكيان من انحدارها.
وقال القري “تعيد قناة إم بي سي 5، بتواطؤ سافر من بعض المنتجين والكتاب والصحافيين والفنانين، غير المتمثلين لتحديث مجتمعهم ومصيرية هذا التحديث، إنتاج الشعبوي السائد على قاعدة الأكثر شعبية والأكثر سيادة”.
وأوضح القري في مؤلفه الجديد أن “الإعلام الوطني التلفزيوني عجز بالمغرب في وظيفته التواصلية والتنشئوية غير الرسمية، الحامية لمكتسبات المدرسة ومؤسسات التأطير الاجتماعي والسياسي، من أحزاب ونقابات وجمعيات، التي عرفت وتعرف هي نفسها مرحلة صعبة في جودتها وملاءمتها”، مشيرا إلى أن “ثمن هذا الوضع هو فقدان بوصلة المواطنة لدفة القيادة إلى بر الإيمان بالوطن والثقة فيما يوفره من ضمانات للكرامة وللمستقبل، على أسس عملية وملموسة تضمن العدالة والحرية وكريم العيش”.